السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

حكم شهادة الإخوة على عقد نكاح أختهم أو أخيهم .

309125

تاريخ النشر : 11-07-2020

المشاهدات : 43595

السؤال

هل تصح شهادة الأخ على عقد نكاح أخته الشقيقة في حال كان والدهما هو الولي؟ وماذا عن صحة شهادة الأخ على عقد نكاح أخيه الشقيق ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا: 

الذي عليه جمهور أهل العلم؛ هو وجوب الإشهاد على عقد النكاح ، وذهب آخرون – وهو قول قوي – إلى أنه يكفي إعلان النكاح ، وأنه متى تم إعلانه صح النكاح ، وأغنى ذلك عن الشهادة.

وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (112112) ، (124678) .

ثانيا:

اشترط بعض العلماء – وهو مذهب الإمام أحمد- في شاهدي عقد النكاح أن لا يكونا أولادا لأحد الزوجين ، ولا أولادا لولي المرأة ، وذلك تطبيقا منهم للقاعدة في باب الشهادات أنه لا تقبل شهادة الآباء للأبناء ، ولا الأبناء للآباء ، لوجود التهمة .

فعلى هذا القول: لا تصح شهادة الأخ على نكاح أخته، إذا كان الولي هو الأب، لأنه في هذه الحالة يشهد لأبيه.

والقول الثاني : وهو مذهب الشافعية ورواية عن أحمد واختارها بعض أصحابه – ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أنه تصح شهادة الأصول والفروع بعضهم لبعض في النكاح .

وهذا القول هو الصحيح ويدل عليه عموم الأدلة الدالة على قبول شهادة المسلم العدل، ولم يدل دليل على استثناء الصورة الواردة في السؤال من هذا ، بل ورد عن عمر رضي الله عنه القول بقبول شهادة الأصول والفروع بعضهم لبعض في النكاح وغيره ، متى كان الشاهد عدلا ، عملا بعموم الأدلة .

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (14/181) :

"ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ : أَنَّ شَهَادَةَ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ لَا تُقْبَلُ ... وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَلَدِ لَوَالِدِهِ ... وَبِهِ قَالَ شُرَيْحٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالنَّخَعِيُّ ، وَمَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ .

وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ : تُقْبَلُ شَهَادَةُ الِابْنِ لِأَبِيهِ ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَبِ لَهُ ؛ ... وَعَنْهُ رِوَايَةٌ ثَالِثَةٌ : تُقْبَلُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ ، فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ ، كَالنِّكَاحِ ، وَالطَّلَاقِ ، وَالْقِصَاصِ ، وَالْمَالِ إذَا كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَنْتَفِعُ بِمَا يَثْبُتُ لِلْآخَرِ مِنْ ذَلِكَ ، فَلَا تُهْمَةَ فِي حَقِّهِ .

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ شَهَادَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ مَقْبُولَةٌ .

وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ شُرَيْحٍ .

وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَالْمَزْنِيُّ ، وَدَاوُد ، وَإِسْحَاقُ ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ ؛ لِعُمُومِ الْآيَاتِ ، وَلِأَنَّهُ عَدْلٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ ، فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهِ ، كَالْأَجْنَبِيِّ" انتهى .

وبهذا يتبين أن شهادة الأخ على نكاح أخته صحيحة جائزة، على القول الراجح .

وقال الكاساني الحنفي رحمه الله في "بدائع الصنائع" (2/256) :

"وَلَوْ زَوَّجَ الْأَبُ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ ، بِشَهَادَةِ ابْنَيْهِ ، وَهُمَا أَخَوَا الْمَرْأَةِ : فَلَا يُشَكُّ أَنَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ" انتهى .

وينظر كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في جواب السؤال رقم : (215137) .

وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال : (118856) .

والقول بقبول شهادة إخوة الزوجة : هو الأقرب إلى تحقيق المصلحة ، واندفاع المفسدة ، لاسيما في المجتمعات التي لم تتلوث نساؤها بالاختلاط المستهتر بين الجنسين ، ولا تحضر المرأة عقد نكاحها سافرة عن وجهها ، فحينئذ لابد أن يكون الشهود ممن يعرفون المرأة ، ويشهدون على رضاها بالنكاح ، ومن تلك المصالح المترتبة على كون الشهود يعرفون المرأة :

" أولا: معرفة الشهود لعين المرأة، فهم غالبا إخوانها ، ويشهدون على رضاها ، وإيجاب والدهم.

ثانيا: زيادة التوثيق في الرضا، وانتفاء الموانع، إذ الشهود يعرفون واقع الحال معرفة تامة لملامستهم له.

ثالثا: أن في قبول شهادة الفروع تيسيراً على الناس ورفقاً بهم، إذ يحضر غالباً بواقع التجربة في المأذونية ولي الزوج وبعض إخوانه، وولي المرأة وبعض إخوانها، فقبول شهادة إخوان المرأة في نظري أولى من قبول شهادة إخوان الزوج؛ لأنهم أعرف بها وبرضاها وانتفاء الموانع، وفيه رفع لمعنوياتهم إذ يساهمون مع الولي في توثيق النكاح، ويندر أن يجتمع هؤلاء على الإجبار.

رابعا: يتحقق بهذا القول القدرة على تطبيق التعميم الصادر من وزارة العدل المبني على تظلم بعض الزوجات ودعواهن بأنهن زوجن بغير رضاهن. وقد يكن مدفوعات إلى ذلك، ونصه "اعتمدوا عدم إجراء أي عقد إلا بعد استئمار المرأة الثيب، واستئذان البكر، ولو كان الولي هو الأب، وإذن البكر صماتها كما جاء بذلك الحديث الشريف. وينبغي الإشهاد عليها بذلك؛ لأن في ذلك قطعاً لدابر كثير من شكاوى النساء بأنهن زوجن بغير رضاهن".

وإذا لم يعلم الشهود بعين المرأة، فقد يلبس عليهم وعلى المأذون، بامرأة أخرى تنطق بالرضا، وقد واجهت مثل هذه الحالة، لذا كان قبول شهادة من يعرفون عين المرأة أولى من غيرهم. والله أعلم " انتهى.

http://almoslim.net/node/83368

وأما شهادة إخوة الزوج: فإذا كانت تقبل في الأموال ونحوها، فشهادتهم في النكاح الخالي من تهمة المحاباة مقبولة من باب أولى، وقد سبق بيان ذلك في الجواب المشار إليه آنفا رقم (215137).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب