الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم تصوير المطلقة داخل الملهى أو مراقبتها لإثبات وجودها فيه لإسقاط الحضانة عنها

301076

تاريخ النشر : 30-09-2020

المشاهدات : 3985

السؤال

طلقت زوجتي؛ لأنها تخرج من البيت، وتثمل مع رجال، ولا تطيع أمري في أي شيء، و رزقت منها بنت عمرها سنتان، بعد الطلاق أرادت بي الأذى، فذهبت وضربت نفسها، وقالت : تعال اقضِ وقتا مع ابنتك، ولكن لا تأتي مع أحد، وهذا حصل قبل انتهاء العدة، عندما وصلت جاءت الشرطة، وقالت : لهم ضربني، وهددني بالقتل، وكتبت الشرطة تقريرا طبيا، وقالو : إنني ضربتها، ثم جاءت بشاهد كاذب، ولم يكن حاضرا في وقت وقوع التهمة، وشهد هذا الشاهد الزور، وآمن بكلامها وكلام الشاهد كل من سمعه، وكل أسبوع بعد ذلك تتهمني بشيء؛ كالسب، والقذف، وسرقة أموال، وأنا ليس عندي ما يبرأني من قول أو عمل، وأخذت مني السيارة، وكادت أن تسبب لي خسارة عملي، وإبعادي عن الدولة، حتى جئت بمحام يتولى هذا الأمر؛ لأستطيع التركيز على العمل، وكل هذه القضايا والتهم خسرتني كل أموالي، وليس عندي بيت أسكن فيه، والحمد لله صابر على هذا الأمر، ولكن أريد أن أسال كيف أرد على هذا العدوان؟ حاول أهلي الاتصال بأهلها، ورفضوا الفصل الودي، وأصرو على الأذى، سمعت نفس النصيحة من الشرطة ونيابة الأسرة أن أتجسس عليها، وعندما تذهب لتثمل مع الرجال أن أفضحها، وآتي بالشرطة ، ليقوموا بكتابة تقرير قانوني أنها تهجر الطفلة الصغيرة وتذهب لتشرب الخمر مع الرجال في الملاهي والبارات. فهل يجوز لي التجسس عليها وفضحها أمام الناس؟ لا أود أن أتعدى حدود الله تعالى، ولكن لو لم أفعل شيئا ستزداد المشاكل ـ وسوف أبعد عن البلد، وتبقى ابنتي مع هذه الأم.

ملخص الجواب

لا حرج في إثبات فسق الزوجة ، وأنها تذهب للملاهي أو البارات وتسكر فيها، وذلك بتصويرها في هذه الأماكن، أو استدعاء الشرطة لها أثناء وجودها فيها، وأن ذلك لا يعد تجسسا، ما دامت هذه الأماكن مفتوحة يمكن لكل أحد دخولها.

الحمد لله.

أولا: حكم التجسس 

التجسس محرم بالكتاب والسنة .

قال الله تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا  الحجرات /12.

وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :   إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا إِخْوَانًا  رواه البخاري (4849)، ومسلم ( 2563) .

لكن إذا علم الإنسان ، أو غلب على ظنه : أن ثم جريمة يمكن أن تقع، وإذا تأخر فسوف يفوت استدراكها ، جاز أن يتجسس ليتحقق من وجودها وإنكارها.

قال الماوردي : " ليس للمحتسب أن يبحث عما لم يَظهر من المحرمات ، فإن غلب على الظن استسرار قوم بها لأمارة وآثار ظهرت : فذلك ضربان :

أحدهما : أن يكون ذلك في انتهاك حرمة يفوت استدراكها ، مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلاً خلا برجل ليقتله ، أو بامرأة ليزني بها ، فيجوز له في مثل هذا الحال أن يتجسس ، ويقدم على الكشف والبحث ، حذراً من فوات ما لا يستدرك ، وكذا لو عرف ذلك غير المحتسب من المتطوعة : جاز لهم الإقدام على الكشف والإنكار .

الضرب الثاني : ما قصر عن هذه الرتبة ، فلا يجوز التجسس عليه ، ولا كشف الأستار عنه ، فإن سمع أصوات الملاهي المنكرة من دار أنكرها خارج الدار : لم يهجم عليها بالدخول ، لأن المنكر ظاهر ، وليس عليه أن يكشف عن الباطن " انتهى من "شرح صحيح مسلم" للنووي ( 2 / 26) .

وعلم من هذا أنه لا يجوز التجسس لمجرد إثبات تهمة على إنسان، إذا كان متسترا بفسقه في بيته ، وخاصة نفسه.

لكن إن كان في التجسس منع من وقوع المنكر، كمن يتجسس ليمنع امرأة دخلت في مكان ريبة ، من وقوع الزنا والفجور بها ، فإن ذلك مشروع ، ولو تحقق بذلك أن يثبت عليها التهمة ، لكن لا يكون مجرد قصده فضحها بما فعلت أو إثبات التهمة عليها.

وينظر: جواب السؤال رقم: (264419).


ثانيا: بعض الحالات التي يباح فيها التجسس وضوابط ذلك 

إذا كانت المرأة المسئول عنها تأتي هذه المنكرات في ملهى أو بار، يتاح دخوله للجميع، أو نحو ذلك من الأماكن التي يرتادها أهل الريبة والفساد ؛ بحيث لا تحتاج إلا لمراقبة هذا المكان ، لتتحق من دخول طليقتك إليه ، أو تتحق من وجودها فيه، فلا يعتبر هذا تجسسا، فإن التجسس البحث عن الأمور الباطنة الخفية، وهذا أمر ظاهر.

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (16/ 119): "قوله صلى الله عليه وسلم : (ولا تحسسوا ، ولا تجسسوا) الأول بالحاء والثاني بالجيم. قال بعض العلماء: التحسس بالحاء الاستماع لحديث القوم، وبالجيم البحث عن العورات. وقيل: بالجيم التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشر، والجاسوس صاحب سر الشر" انتهى.

وقال في "الآداب الشرعية" (1/ 261): "قال ابن الجوزي: قال المفسرون: والتجسس البحث عن عيب المسلمين وعوراتهم، فالمعنى: لا يبحث أحدكم عن عيب أخيه ليطلع عليه ، إذا ستره الله عز وجل" انتهى.

وقال السفاريني رحمه الله في غذاء الألباب: " وَيَحْرُمُ تَجْسِيسٌ عَلَى مُتَسَتِّرٍ ... بِفِسْقٍ وَمَاضِي الْفِسْقِ إنْ لَمْ يُجْدَدْ

(وَيَحْرُمُ) عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ (تَجْسِيسٌ) بِالْجِيمِ هُوَ الْبَحْثُ عَنْ عُيُوبِ النَّاس...

(عَلَى مُتَسَتِّرٍ): مُتَعَلِّقٌ بِتَجْسِيسٍ، بِخِلَافِ الْمُعْلِنِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ التَّجَسُّسُ عَلَيْهِ، وَلَا غِيبَتُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَلْقَى جِلْبَابَ الْحَيَاءِ عَنْ وَجْهِهِ." انتهى، مختصرا.

وإذا أعلمت الشرطة بذلك، لم يكن هناك ما يمنع من دخول الشرطة الملهى، ومشاهدة هذه الطليقة، وإثبات إهمالها وتفريطها ، وعدم صلاحيتها للحضانة.

وهذا بخلاف ما لو كانت تذهب لبيت قريب أو قريبة تتستر فيه بالمنكر؛ فهنا لا يجوز التجسس لإثبات أنها تفعل ذلك داخل هذا البيت.

وبعض أهل العلم يرخص في التجسس على من كان متهتكا، مستهترا بفسقه ، لا يبالي .

قال ابن رجب رحمه الله : "من كان مشتهراً بالمعاصي ، معلناً بها ، لا يُبالي بما ارتكبَ منها، ولا بما قيل له ، فهذا هو الفاجرُ المُعلِنُ ، وليس له غيبة ، كما نصَّ على ذلك الحسنُ البصريُّ وغيره .

ومثلُ هذا لا بأس بالبحث عن أمره ، لِتُقامَ عليه الحدودُ .

صرَّح بذلك بعضُ أصحابنا، واستدلَّ بقولِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : ( واغدُ يا أُنيس على امرأةِ هذا ، فإنِ اعترفت ، فارجُمها ).

ومثلُ هذا لا يُشفَعُ له إذا أُخِذَ ، ولو لم يبلغِ السُّلطان ، بل يُترك حتّى يُقامَ عليه الحدُّ لينكفَّ شرُّه، ويرتدعَ به أمثالُه .

قال مالك : من لم يُعْرَفْ منه أذى للناس ، وإنَّما كانت منه زلَّةٌ ، فلا بأس أنْ يُشفع له ، ما لم يبلغ الإمام .

وأمَّا من عُرِفَ بشرٍّ أو فسادٍ ، فلا أحبُّ أنْ يشفعَ له أحدٌ ، ولكن يترك حتى يُقام عليه الحدُّ ، حكاه ابن المنذر وغيره..." انتهى من "جامع العلوم والحكم"(1/341).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" التجسس لا يجوز، إلا إذا وجدت قرائن تدل على وجود المنكر، قرائن قوية، ثم لا يجوز أن يتجسس كل واحد، لأن هؤلاء الذين على منكر لو خرج واحد منهم ووجد هذا الرجل ماذا يصنع به؟ السائل: يؤذيه.

الشيخ: لا يؤذيه، ربما يقتله.

لكن إذا جاءت من الجهات المسئولة، فهذا ممكن.

لكن مثلما قلت: بشرط أن توجد قرائن ظاهرة، كأن يدخل على هذا البيت نساء أو مردان أو ما أشبه ذلك. "انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" 232/19

وينظر جواب السؤال رقم:(13318).


ثالثا:  فسق الزوجة من مسقطات حقها في الحضانة.

فسق الزوجة من مسقطات حقها في الحضانة.

وفي "الموسوعة الفقهية" (17/ 306) في شروط من يستحق الحضانة: "الأمانة في الدين، فلا حضانة لفاسق، لأن الفاسق لا يؤتمن، والمراد: الفسق الذي يضيع المحضون به، كالاشتهار بالشرب، والسرقة، والزنى واللهو المحرم" انتهى.

والحاصل :

أنه لا حرج في إثبات فسق الزوجة ، وأنها تذهب للملاهي أو البارات وتسكر فيها، وذلك بتصويرها في هذه الأماكن، أو استدعاء الشرطة لها أثناء وجودها فيها، وأن ذلك لا يعد تجسسا، ما دامت هذه الأماكن مفتوحة يمكن لكل أحد دخولها.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب