الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

حكم الشركة في استصلاح الأراضي المتجاورة وزراعتها وأن تكون الثمرة بينهم إلى أن يتم استصلاح الجميع

295732

تاريخ النشر : 13-10-2021

المشاهدات : 1607

السؤال

لي زميل اشترك مع سبعة آخرين فى شراء أربعين فدانا للاستصلاح، نصيبه خمسة أفدنة، وقاموا باستصلاح عشرين فدانا، وتركوا الباقى مؤقتا، اشترك الثمانية فى كل شيء، فى حفر البئر، البذور، العمال، الخ. كل على قدر نصيبه، وسيشاركهم أيضا فى الثمار، مع العلم إن نصيبه من العشرين فدانا التى لم تستصلح، هكذا اتفقوا، فهل يجوز ذلك؛ لأنى سأشترى منه نصف نصيبه فى الأرض، وأنا سأشتريها بسعر الأرض المستصلحة، وسأشاركهم فى الثمر، لكن فى النهاية أعرف أن نصيبي فعليا لم يستصلح حتى يأتى الدور عليه؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا قسمت الأرض، وأفرز نصيب كل واحد منهم، لم يعد بينهم شركة في الأرض.

ولو اتفق هؤلاء المتجاورون في الأراضي على استصلاحها جميعا بالتدريج، شيئا فشيئا، فيشتركون في حفر البئر، والبذر، وسائر ما تحتاج إليه من إصلاح، على أن يكون الثمر بينهم بنسبة أملاكهم، إلى أن يتم استصلاح الجميع: فهذه شبيهة بشركة العِنان، وهي أن يشترك اثنان أو أكثر بمالهما وعملهما، وإن كان اشتراكهما هنا بأرض ونقود وعمل.

ولم نقف على كلام للفقهاء بشأنها، والذي يظهر جوازها إذا انتفت الجهالة المؤدية للنزاع، وسيأتي النقل عن شيخ الإسلام بما يفيد التوسع في أمر الشركات، ولو خرجت عن الصور التي أجازها الفقهاء.

هذا إذا تم الاتفاق على استصلاح جميع الأرض بهذه الطريقة، ومنها نصيب زميلك، كما يفهم من قولك: إن الدور سيأتي على أرضه.

ثانيا:

إذا لم يتم الاتفاق على استصلاح جميع الأرض، فإن اشتراك زميلك مع الآخرين في العمل والبذر لاستصلاح أرضهم، مقابل نسبة من الثمار، يكيّف على أنه عقد مزارعة، والبذر فيه من العامل، أو بعضه منه، وبعضه من ملاك الأرض، وهذا جائز على الراجح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وَأَمَّا الْمُزَارَعَةُ: فَإِذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ، أَوْ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ، أَوْ كَانَ مِنْ شَخْصٍ أَرْضٌ، وَمِنْ آخَرَ بَذْرٌ، وَمِنْ ثَالِثٍ الْعَمَلُ؛ فَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ.

وَالصَّوَابُ أَنَّهَا تَصِحُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْعَامِلِ: فَهُوَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِمَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – " عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يُعَمِّرُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ وَزَرْعٍ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَقِصَّةُ أَهْلِ خَيْبَرَ هِيَ الْأَصْلُ فِي جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَبْذُرُونَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِيهِمْ بَذْرًا مِنْ عِنْدِهِ، وَهَكَذَا خُلَفَاؤُهُ وَأَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ مِثْلُ: عُمَرَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانُوا يُزَارِعُونَ بِبَذْرٍ مِنْ الْعَامِلِ...

وَأَمَّا مَنْ قَالَ إنَّ الْمُزَارَعَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ، فَلَيْسَ مَعَهُمْ بِذَلِكَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ وَلَا أَثَرٌ عَنْ الصَّحَابَةِ ...

وَكَانَ عُمَرُ يُزَارِعُ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمَالِكِ، فَلَهُ كَذَا ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَامِلِ، فَلَهُ كَذَا ، ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.

فَجَوَّزَ عُمَرُ هَذَا وَهَذَا ، وهذا هو الصواب " انتهى باختصار من "الفتاوى الكبرى" (5/100-101) .

فالمدار في عقد المزارعة على ما يتفقون ، مما لا جهالة فيه ولا غرر.

ثالثا:

لا حرج في شرائك نصيب زميلك، بسعر الأرض المستصلحة، فتصير بذلك شريكا له في نصيبه إن كان البيع على الشيوع، أو تكون شريكا له في الاستصلاح والتنمية، إن كان ما ستأخذه مفرزا محددا، ولا حرج أن تشاركه في الثمرة، إلى تمام استصلاح جميع الأرض.

على أنه ينبغي أن يقيد استصلاح أرض زميلك الذي لم تستصلح أرضه بمدى زمني محدد، ينتهون فيه من استصلاح أرض الشركاء جميعا، حتى إذا احتاج أحد منهم أن ينفرد بأرضه، لم يكن هناك مشاحة، ولا نزاع ، ولا غبن لأحد الشركاء .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب