الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

حكم الصلاة خلف من يقول: الله إكبر بكسر الهمزة ويقول: سلام عليكم ورحمة الله بدون أل

295643

تاريخ النشر : 15-12-2018

المشاهدات : 19548

السؤال

نحن في تركيا نواجه بعض الصعوبات بالنسبة للأئمة ، فمنهم من يصلي فيقوم بالتسليم بدون لفظ همزة القطع فيسلم هكذا: سلامُ عليكم ورحمة الله ، وبعض الأحيان يشدد السين دون الإتيان بالهمزة ، ومن الصعب تبديل إمام يرونه جميع من في المسجد من الأتراك أن صلاته صحيحة ، فهل تصح الصلاة خلفه ؟ وهل علينا إعادة ما صليناه خلفه من تلك الصلوات ؟ كذلك بعضهم يلفظ تكبيرة الإحرام كذلك alla ekbar أي تلفظ همزة أكبر كما يلفظ حرف a منفرداً باللغة الإنكليزية ، فهل تصح الصلاة خلفه ؟ وهل نعيد ما صليناه خلفه ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

التسليم ركن من أركان الصلاة عند الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، ولابد فيه من الإتيان بأل، فيقال: السلام عليكم ، ولا يصح أن يقال: سلام عليكم.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (27/ 70) : " اتفق المالكية والشافعية والحنابلة على ركنيته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم) . وقالت عائشة - رضي الله عنها -: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يختم الصلاة بالتسليم) .

ولفظه المجزئ عند المالكية والشافعية " السلام عليكم ".

قال المالكية : فلا يجزئ سلام الله ، أو سلامي، أو سلام عليكم، ولا بد - أيضا - من تأخر " عليكم " وأن يكون بالعربية .

وأجاز الشافعية تقدم " عليكم " فيجزئ عندهم " عليكم السلام " مع الكراهة. قالوا: ولا يجزئ السلام عليهم، ولا تبطل به الصلاة؛ لأنه دعاء للغائب، ولا عليك ولا عليكما، ولا سلامي عليكم، ولا سلام الله عليكم. فإن تعمد ذلك ، مع علمه بالتحريم : بطلت صلاته، ولا تجزئ - أيضا - سلام عليكم.

وذهب الحنابلة إلى أن صيغته المجزئة : السلام عليكم ورحمة الله فإن لم يقل " ورحمة الله " في غير صلاة الجنازة : لم يجزئه ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله. وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) .

وهو سلام في صلاة ، ورد مقرونا بالرحمة : فلم يجزئه بدونها ؛ كالسلام في التشهد.

فإن نكّر السلام ، كقوله: سلام عليكم، أو عرفه بغير اللام ، كسلامي، أو سلام الله عليكم، أو نكسه فقال : عليكم سلام ، أو عليكم السلام، أو قال: السلام عليك: لم يجزئه ؛ لمخالفته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي) .

ومن تعمد ذلك بطلت صلاته؛ لأنه يغير السلام الوارد، ويخل بحرف يقتضي الاستغراق" انتهى.

وذهب الحنفية إلى أن التسليم واجب وليس ركنا، فتصح الصلاة لو خرج بأي قول أو عمل مناف للصلاة.

وأجازوا أن يقول في السلام: سلام عليكم.

قال في "البحر الرائق" (1/ 351): " السلام من واجباتها عندنا ، ومن أركانها عند الأئمة الثلاثة. ومن أطلق من مشايخنا عليه اسم السنة : فضعيف، والأصح وجوبه كما في المحيط وغيره؛ لأنه ثبت وجوبه بالسنة ، للمواظبة .

وصيغة السلام على الوجه الأكمل أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله مرتين ...

فإن قال: السلام عليكم، أو السلام، أو سلام عليكم، أو عليكم السلام، أجزأه ، وكان تاركا للسنة، وصرح في السراج الوهاج بالكراهة في الأخير" انتهى.

والمذهب الحنفي هو المذهب الأشهر في تركيا –كما هو معروف- .

وما دام أن الإمام مقلد للمذهب الحنفي، فإنه يصح الاقتداء به؛ لأن من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، وقد نص الفقهاء على صحة إمامة المخالف في الفروع.

وينظر للفائدة جواب السؤال رقم:(147193) ، ورقم:(148123) .

لكن ينبغي نصح هذا الإمام، وبيان أن المستحب في مذهبه الإتيان بالألف واللام، وأن ترك ذلك إساءة.

قال في مراقي الفلاح مع حاشية الطحطاوي ص274: " فإن نقص فقال: السلام عليكم ، أو سلام عليكم : أساء بتركه السنة، وصح فرضه" انتهى.

ثانيا:

تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، وأما تكبيرات الانتقال فسنة عند الجمهور ، واجبة عند الحنابلة.

وصفة التكبير أن يقول: الله أكبر، بفتح همزة أكبر، ولا يجوز كسرها لمن يقدر على النطق الصحيح لها؛ لأن هذا يغير بنية الكلمة ويحيل المعنى .

والوارد في السؤال ليس هو كسرها ، وإنما نطقها بين الفتحة والكسرة ، وهو قريب مما يعرف عند المختصين في قراءة القرآن الكريم بـ (الإمالة) .

والتكبير ليس من مواضع الإمالة ، غير أنه لا يبطل الصلاة ، إذا قدرنا تحقق الإمالة فيه ، على ما سبق ؛ لأن المبطل هو تغيير الحركة كلها ، تغييرا يؤدي إلى تغيير المعنى .

أما النطق بأصل الحرف أو أصل الحركة ، مع عدم تحقيقه والإتيان به على الكمال فلا يضر ذلك ، ولا يمنع صحة الصلاة.

قال ابن قدامة رحمه الله في "الكافي" (1/291)  :

"وإن خفف الشدة [يعني في سورة الفاتحة] صح ، لأنه كالنطق به مع العجلة " انتهى .

وقال ابن تميم : "لا خلاف في صحتها في تليينه [يعني التشديد] .

نقله عنه المرداوي في "الإنصاف" (3/444) .

فدل ذلك على أنه يكفي في النطق بالحرف أو الحركة الإتيان بأصله ، وما زاد على ذلك فهو من الكمال الذي لا تبطل الصلاة بفواته .

والذي يظهر لنا أن هذا هو ما يحصل من الإمام في التسليم أيضا: أنه إما للعجلة ، أو للعجمة: لا تظهر الهمزة الأولى ـ همزة الوصل ـ في "السلام .." ، لغلبة الهمس على نطقه بالسلام ، فلا تسمع منه الهمزة الأولى .

ثالثًا :

يجب على المسلم أن يتعلم النطق الصحيح ولو كان أعجميا، فإن عجز عن التصحيح ، مع بذل الجهد : كان معذورا، وله أن يأتي بها بلغته.

وليحذر في نطق التكبير من مد الباء مع ذلك، لا سيما إذا كسر الهمزة ، فتصير: إكبار، فإن هذا سب لله تعالى؛ لأن (إكبار) من أسماء الحيض، كما في "النهر الفائق شرح كنز الدقائق"، لابن نجيم (1/ 128)، و"المجموع" للنووي (2/ 342).

وفي "حاشية الجمل" (1/ 336): "وكألف بعد الباء ، سواء فتح الهمزة ، أو كسرها؛ لأن إكبار بكسر الهمزة ، من أسماء الحيض كما تقدم ، وبفتحها جمع كَبَر - بفتحتين - وهو الطبل الكبير الذي له وجه واحد، ومن قال ذلك متعمدا كفر" انتهى.

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله : " والنهي عن ذلك وارد، أما التكفير فله بحث آخر " انتهى من "معجم المناهي اللفظية" (124) .

وينظر جواب السؤال رقم : (103381) .

وفي التكبير بغير العربية للعاجز عنها يقول ابن قدامة رحمه الله: "ولا يجزئه التكبير بغير العربية مع قدرته عليها. وبهذا قال الشافعي. وأبو يوسف، ومحمد.

وقال أبو حنيفة: يجزئه؛ لقول الله تعالى: وذكر اسم ربه فصلى [الأعلى: 15] ؛ وهذا قد ذكر اسم ربه.

ولنا : ما تقدم من النصوص، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعدل عنها، وهذا يخص ما ذكروا.

فإن لم يحسن العربية، لزمه تعلم التكبير بها، فإن خشي فوات الوقت كبر بلغته. ذكره القاضي في " المجرد ". وهو مذهب الشافعي.

وقال القاضي في " الجامع ": لا يكبر بغير العربية، ويكون حكمه حكم الأخرس، كمن عجز عن القراءة بالعربية لا يعبر عنها بغيرها.

والأول أصح؛ لأن التكبير ذكر الله، وذكر الله تعالى يحصل بكل لسان، وأما القرآن فإنه عربي، فإذا عبر عنه بغير العربية ، لم يكن قرآنا، والذكر لا يخرج بذلك عن كونه ذكرا" انتهى من "المغني" (1/ 335).

والحاصل :

أنه يجب نصح الإمام ، وبيان أنه لا يصح التكبير مع كسر همزة أكبر، إذا بان أنه يكسر حقيقة ، وأنه يجب عليه أن يتعلم التكبير الصحيح .

فإن ، علم غلطه ، وأمكنه التصحيح ، ولم يفعل : لم تصح صلاته ولا إمامته .

وإن عجز عن التصحيح، فصلاته صحيحة، وتصح صلاة من خلفه.

وينظر: جواب السؤال رقم : (104726) ، ورقم : (146489) .

رابعًا :

ينبغي أن يحذر المسلم من الوقوع في الوسوسة أو التشدد الذي لا داعي له ، فيزين له الشيطان أن إمامه لم يحسن الفاتحة ، أو التكبير ، أو التسليم ، حتى يوقعه في الحرج والضيق ، والشك في صحة صلاته ، وقد يكون ذلك سببا لحصول النزاع بينه وبين الإمام وينقسم أهل المسجد بذلك ويختلفون ، وهو ما يفرح به الشيطان ، فإن الفاتحة والتكبير والتسليم يندر أن يوجد مسلم لا يقرؤهما على الوجه الصحيح ، ثم هو مع ذلك يرتب إماما ؟!! فإن هذا من الأذكار التي يقرأها المسلم ويسمعها دائما .

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عمن يكره الصلاة خلف إمامٍ ، لكونه يعتقد أنه لا يصحح الفاتحة.

فأجاب :

"" الْحَمْدُ لِلَّهِ . أَمَّا كَوْنُهُ لَا يُصَحِّحُ الْفَاتِحَةَ فَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا ؛ فَإِنَّ عَامَّةَ الْخَلْقِ مِنْ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ يَقْرَءُونَ الْفَاتِحَةَ قِرَاءَةً تُجْزِئُ بِهَا الصَّلَاةَ ، فَإِنَّ اللَّحْنَ [الخطأ] الْخَفِيَّ ، وَاللَّحْنَ الَّذِي لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى: لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ" انتهى ملخصا من"مجموع الفتاوى" (23/ 367-368) .

فإذا كان هذا في الفاتحة ، فالتكبير والتسليم أولى بذلك ، لأنهما أهون على المسلم وأسهل من قراءة الفاتحة .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب