الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

تزوجت ابنته دون موافقته فوزع ماله على بقية بناته وحرمها

291160

تاريخ النشر : 01-02-2023

المشاهدات : 1518

السؤال

لى من الأبناء 3 بنات خرجت إحداهن عن طوعي وتزوجت دون موافقتي بعدما أصرت على عصياني، فقمت في حياتى الآن بتوزيع ما أملك على بقية البنات دونها، فما الحكم؟

الحمد لله.

أولا:

حكم عدم العدل بين الابن البار والعاق في العطية 

يلزم الأب أن يعدل بين أولاده في الهبة، ولو كان فيهم البار والعاق؛ لما روى البخاري (2586) ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ : أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا ؟ فَقَالَ: أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: (فَارْجِعْهُ).

ومعنى (نحلت ابني غلاما) أي أعطيته غلاما.

ورواه البخاري (2587) عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَعْطَانِي أَبِي عَطِيَّةً. فَقَالَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْطَيْتُ ابْنِي مِنْ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَعْطَيْتَ سَائِرَ وَلَدِكَ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ) . قَالَ: فَرَجَعَ، فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ.

وفي رواية للبخاري أيضا (2650): (لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ).

وفي رواية لمسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: قَالَ انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي. فَقَالَ: أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: (فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي). ثُمَّ قَالَ: (أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟) قَالَ: بَلَى. قَالَ: (فَلَا إِذًا).

وهذا التفضيل يزيد العقوق عقوقا، ويثمر في قطيعة الرحم.

ثانيا:

حرمان الابن العاق من الميراث

للإنسان أن يتصرف في ماله كما يشاء ما دام صحيحا عاقلا رشيدا، فله أن يقسم تركته بين ورثته، ولا يجوز له أن يتصرف تصرفا يحرم به أحدهم، ويسمى التوليج في التركة، وهو من الحيلة المحرمة التي يتوصل بها إلى إبطال الحق.

قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله: " لَيْسَ من أَخْلَاق الْمُؤمنِينَ الْفِرَار من أَحْكَام الله بالحيل الموصلة إِلَى إبِطَال الْحق" نقله العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (24/ 109).

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/ 214): " أنا عندي من الأولاد بنت واحدة، وأملك بيتا من طابقين، ولي إخوان، فهل أستطيع أن أمنح بنتي جزءا من البيت، أم هذه المنحة تؤثر على حق الورثة، وبالتالي تكون المنحة حراما؟

الجواب: إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك مُنَجَّزا، ولم تقصد حرمان بقية الورثة، بأن قَبَضَتْهُ في الحال، وملكت التصرف فيه - فلا بأس بذلك؛ لأن هذا من باب العطية.

وإن كان منحك لها بالوصية: فهذا لا يجوز؛ لأنه لا وصية لوارث؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا وصية لوارث) " انتهى.

وجاء فيها (16/ 484): " ربي رزقني ولله الحمد بأربع بنات قصر (10، 8، 5، 3 سنوات) وزوجة، ولي شقيقة متزوجة ولها أولاد، وأمتلك عمارة من أربع شقق، فكتبت عقد بيع بيني وبين زوجتي بقيمة ثلث العمارة، وكتبت عقد بيع آخر بيني وبين زوجتى قابلة للشراء للبنات بقيمة الثلث الثاني. الثلث الأول للزوجة، والثلث الثاني للبنات، وتركت الثلث الثالث. وطبعا أصارحكم القول بأنني لم أستلم أي مبلغ، والغرض من ذلك حتى لا ينازعهم أحد في الميراث، لأنهم بنات (أي: ذرية ضعفاء) فما حكم ذلك؟ أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الجواب: لا يجوز للإنسان أن يتخذ إجراء عقد توليج لماله لحرمان بعض الورثة. والله سبحانه وتعالى مطلع على كل عبد ونيته وقصده، ونحذرك أن تسلك طريقا تعذب بسببه. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم.

بكر أبو زيد ... عبد العزيز آل الشيخ ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

وعليه فيلزمك رد ما أعطيت لبناتك، أو إعطاء الأخرى مثلهن.

ثالثا:

حكم قطيعة البنت التي تزوجت بدون موافقة أبيها

زواج البنت دون موافقة أبيها، قد يكون حراما، إذا منعها من غير الكفء، فأصرت على الزواج، ولجأت إلى الولي الذي بعده أو إلى القاضي.

وقد يكون جائزا إذا عضلها ومنعها من الزواج من كفؤ رضيته، فلها أن تلجأ إلى من بعده من الأولياء، فإن أبوا طلبت من القاضي تزويجها.

وعلى فرض أن ابنتك أساءت وعصت، فإن ذلك لا يسقط حقها في صلة الرحم، وفي العدل في الهبة.

قال تعالى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) محمد/22،23.

نسأل الله أن يؤلف بين قلوبكم وأن يصلح ذات بينكم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب