الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حدود النفقة الواجبة للزوجة وحكم الكماليات ومصاريف سفرها إلى أهلها

284688

تاريخ النشر : 01-01-2019

المشاهدات : 123840

السؤال

الرجاء التفصيل، ما هو المقصود والمتضمّن للنفقة على الزوجة وهو واجبٌ على الزوج ؟ هل الأشياء مثل أجهزة الكمبيوتر المحمول ، الهواتف ، والأجهزة اللوحيّة جزءٌ من واجبات الزوج من أجل الوفاء بواجبه في النفقة على الزوجة ؟ هل الشوكولاته جزءٌ من واجبات الزوج من أجل الوفاء بواجبه في النفقة على الزوجة ؟ هل ما يسمّى "مصروف الجيب" جزءٌ من واجبات الزوج من أجل الوفاء بواجبه في النفقة على الزوجة؟ هل مرافقة الزوجة ودفع مصاريف السفر لزيارة عائلتها جزءٌ من واجبات الزوج من أجل الوفاء بواجبه في النفقة الزوجة ؟ إذا كان الزوج لا يستطيع ، أو لا يريد أن يدفع ويرافق زوجته في السفر لزيارة عائلتها ، وبالتالي فإنها لا تستطيع الذهاب ، كما أنّه من غير الممكن أن تسافر دون ولي الأمر، فهل يمكن للزوجة إلقاء اللوم على زوجها لعدم السماح لها بالوفاء بالتزامها بالحفاظ على العلاقات مع أقاربها (صلة الرحم)؟

الجواب

الحمد لله.

الاجابة

أولا:

الواجب على الزوج أن ينفق على زوجته بالمعروف، وذلك يشمل توفير المسكن، والمطعم، والمشرب، والملبس، إجماعاً .

ويشمل العلاج والدواء ، على القول الراجح.

أما المسكن: فلقوله تعالى:   أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ  الطلاق/6، وإذا كان هذا في المطلقة، ففي غير المطلقة من باب أولى.

وأما المطعم والمشرب والكسوة، فلقوله تعالى:  وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ البقرة/233، وقوله صلى الله عليه وسلم:  وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ  رواه مسلم (1218).

وعَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ قَالَ: قُلْتُ: " يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟

قَالَ:  أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّحْ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ  .

رواه أبو داود (2142) ، وابن ماجه (1850)، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

قال ابن رشد رحمه الله:

" واتفقوا على أن من حقوق الزوجة على الزوج: النفقة، والكسوة؛ لقوله تعالى: ( وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) الآية؛ ولما ثبت من قوله عليه الصلاة والسلام: ( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف )؛ ولقوله لهند: ( خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) .

فأما النفقة: فاتفقوا على وجوبها " انتهى من "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 44).

وأما العلاج والدواء: فينظر فيه جواب السؤال رقم : (83815) .

وأضاف بعض الفقهاء: ما تتزين وتتجمل به الزوجة، وتدَّهن به ، في شعرها وجسدها.

قال الماوردي رحمه الله: " تستحق في نفقتها على الزوج : ما تحتاج إليه من الدُّهْن لترجيل شعرها ، وتدهين جسدها ؛ اعتبارا بالعرف، وأن من حقوقه عليها استعمال الزينة التي تدعوه إلى الاستمتاع بها، وذلك معتبر بعرف بلادها، فمنها ما يدهن أهله بالزيت ، كالشام ؛ فهو المستحق لها، ومنها ما يدهن أهله بالشيرج ، كالعراق ، فهو المستحق لها، ومنها ما لا يستعمل أمثالها فيه إلا ما طيب من الدهن بالبنفسج والورد، فتستحق في دهنها ما كان مطيبا .

فأما مقداره فمعتبر بكفاية مثلها .

وأما وقته فهو كل أسبوع مرة، لأنه العرف" انتهى من "الحاوي" (11/ 428).

ثانيا:

أما ما عدا ذلك من الكماليات، كالجوال، والكمبيوتر، والحلوى، والمصروف الشهري : فلا يجب، ما دام الزوج يقوم بما وجب عليه من النفقة.

وكذلك مصاريف سفر الزوجة إلى عائلتها ، لا تجب على الزوج ، كما لا يجب عليه أن يسافر معها ، ولو توقف سفرها عليه لعدم وجود محرم لها.

لكن يلزمه قدر نفقتها في الحضر ما دامت سافرت بإذنه.

والفقهاء يقررون أن الزوج لا يلزمه نفقة سفر زوجته لحج الفريضة، ولا يلزمه السفر معها حتى لو بذلت له النفقة، فأولى ألا يجب عليه السفر معها لزيارة أهلها أو نفقة هذا السفر.

قال في "كشاف القناع" (2/ 395): " (ونفقته) أي: المَحْرم إذا سافر معها (عليها) ؛ لأنه من سبيلها (ولو كان محرمها زوجها) فيجب لها عليه بقدر نفقة الحضر ، وما زاد فعليها : (فيعتبر أن تَملك زادا أو راحلة لهما) ، أي: لها ولمحرمها صالحين لمثلهما.

(ولو بذلت النفقة) لمحرمها : (لم يلزمه السفر معها) للمشقة" انتهى.

هذا ما لم تكن قد اشترطت عليه في عقد النكاح، أن يوصلها إلى أهلها كل سنة مثلا، أو أن يتحمل نفقة سفرها، أو كان العرف عندهم قد اطرد بمثل ذلك ، اطرادا بينا ، ينقطع بمثله النزاع ؛ لأن المعروف عرفا كالمشروط شرطا.

قال تعالى :  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ  المائدة/1 ، ولقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ  رواه البخاري (2572) ، ومسلم (1418).

وقوله صلى الله عليه وسلم :  المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم  رواه أبو داود (3594) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

ثالثا:

ينبغي ألا يكون التعامل بين الزوجين وفق الحقوق والواجبات، بل وفق المعروف والإحسان، كما أمر الله تعالى، وهذا أدعى للألفة والمودة بينهما.

وليعلم الزوج أن ما ينفقه على زوجته : يؤجر عليه ، إن احتسب ذلك ونواه.

فقد روى البخاري (55) ، ومسلم (1002) عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:  إذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً .

وروى مُسْلِمٍ (994) وغيره عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرْفُوعًا:   أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ، دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ

"قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: بَدَأَ بِالْعِيَالِ، ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ يُعِفُّهُمُ اللَّهُ أَوْ يَنْفَعُهُمْ اللَّهُ بِهِ وَيُغْنِيهِمْ ".

وروى البخاري (1295) ، ومسلم (1628) عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه :" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ:  وَإِنَّك لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْت عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك  أَيْ فِي فَمِهَا.

فالنصيحة ألا تبخل على زوجتك بما تحتاج إليه من الكماليات ، كالجوال والحلوى ونحو ذلك ، ما دام ذلك في مقدورك ، ولا مشقة عليك في توفيره لها .

وكذلك السفر معها، أو دفع مصاريف السفر لها إن وجدتْ محرما، فهذا من إكرام الزوجة، وإعانتها على البر بأهلها، وهو من الخير والإحسان الذي لا يضيع أجره عند الله.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب