الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

لهم دين عند عمهم من 12 سنة فهل يأخذونه كما هو أم يراعى تغير قيمة العملة

276852

تاريخ النشر : 05-01-2020

المشاهدات : 3931

السؤال

كان لوالدتي قطعة أرض، ولعمي قطعة أرض ، ويفصل بينهما قطعة أرض لشخص آخر، اكتشف والدي بعد بنائه لأرض أمي أنها ناقصة 10 أمتار، فقام بإبلاغ أخيه بضم الـ10 أمتار لأرضه ، مقابل أن يعطيه قيمتهم، وبالفعل قام عمّي بضمّ الـ10 أمتار لأرضه والبناء عليها ، ثم بعد البناء طالب والدي أخاه إعطاءه ثمن الأمتار التى ضمّها لأرضه فى التوّ والحال، وكان سعر المتر وقتها 800 جنيه ، وبعد إنكار شديد من عمّي لهذا الحقّ ونيته فى أخذ الـ10 أمتار دون مقابل قام بمفاصلة والدتي فى سعر الأرض إلى 500 جنيه فقط ، إذن سعر العشرة أمتار 5 آلاف جنيه ، ولم يقم عمّي بسداد شيء ، وردّ على أمي قائلًا : ليس معي مال الآن، حين أقوم ببيع البيت سأعطيكِ ثمنهم، بل وقام بالرد عليها ضاحكا: سأعطيك 20 جنيها شهريا ، ولم يعطيها شيء ، وظل الأمر على هذا الحال إلى أن توفيت أمى ، ومعلوم أنّ لدينا 10 أمتار عندهم، وبعدها بسنوات قليلة طالب أبي عمّي بسداد قيمة الـ10 أمتار، واتفق مع عمّي على أنّ سعر المتر قد زاد إلى 1000 جنيه، إذن سعر الـ10 أمتار 10 آلاف جنيه، ولم يقم عمّي بالسداد أيضًا للمرة الثانية قائلًا : ليس معي مال الآن، حين أقوم ببيع البيت سأعطيك مالك ، ومات أبي ومات عمّي، أخيرًا منذ أيام قام أبناء عمّي (الورثة) ببيع البيت الخاص بهم، وفوجئنا بهم بإعطائنا 10 آلاف جنيه فقط، فى حين أن سعر متر الأرض اليوم لا يقل عن 4000 جنيه ، متحججين بأنه تم الاتفاق بين أبي وعمّي على هذا المبلغ، فقلنا لهم: إن هذا الاتفاق تغيّر مرتين، وكان باعتبار أنه سوف يقوم بالسداد وقتها وحالًا، وبحسب سعر المتر حينها، لكنّ عمّي لم يقم بالسداد مطلقًا ، وتم تعليق الأمر 12 عامًا ، تضاعف فيهم سعر متر الأرض، وهم لا يعترفون بذلك مطلقًا ، ويصرّون على ألا يعطوننا حقّنا كاملًا، فما الحل ؟

الجواب

الحمد لله.

الذي يظهر من سؤالك أن لكم عند عمكم خمسة آلاف جنيه، وهي ما تم الاتفاق عليه أولا، ولا عبرة بالاتفاق الثاني؛ لأن الدين قد استقر في ذمة عمك، ولا يجوز زيادته لأجل التأخير.

فلكم الآن خمسة آلاف جنيه .

لكن نظرا لتغير قيمة العملة كثيرا، فإنه يجب مراعاة ذلك على الأظهر من كلام العلماء، فينظر كم كانت تساوي هذه الخمسة من شيء مستقر كالذهب، ثم تعطون الآن ما يقابل ذلك.

فلو كانت الخمسة آلاف في ذلك الوقت تساوي مثلا 100 جرام من الذهب، فتعطون اليوم ما يعادل قيمة 100 جرام من الذهب.

وقد فصلنا هذه المسألة ونقلنا فيها كلام أهل العلم، في جواب السؤال رقم: (220839). 

وينبغي نصح أبناء عمكم، وبيان أنه لا يجوز لهم جحد الحق، ولا المماطلة في أدائه، وأن عليهم أن يبرئوا ذمة والدهم، وأن يسارعوا في ذلك.

قال البهوتي رحمه الله: " (ويجب أن يسارع في قضاء دينه، وما فيه إبراء ذمته؛ من إخراج كفارة، وحج نذر، وغير ذلك)، كزكاة، ورد أمانة، وغصب، وعارية؛ لما روى الشافعي وأحمد والترمذي وحسنه، عن أبي هريرة مرفوعاً: (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) .. (كل ذلك) أي قضاء الدين وإبراء ذمته , وتفريق وصيته (قبل الصلاة عليه) ، لأنه لا ولاية لأحد على ذلك إلا بعد الموت والتجهيز. وفي الرعاية: قبل غسله، والمستوعب: قبل دفنه.

ويؤيد ما ذكره المصنف: ما كان في صدر الإسلام من عدم صلاته صلى الله عليه وسلم على من عليه دين , ويقول: (صلوا على صاحبكم) إلى آخره .

(فإن تعذر إيفاء دينه في الحال)، لغيبة المال ونحوها: (استُحب لوارثه ، أو غيره : أن يتكفل به عنه) لربه ، بأن يضمنه عنه، أو يدفع به رهناً، لما فيه من الأخذ في أسباب براءة ذمته؛ وإلا، فلا تبرأ قبل وفائه، كما يأتي " انتهى من"كشاف القناع"(2/84) .

وقال الشيخ محمد المختار الشنقيطي حفظه الله: " ومن هنا يأثم الورثة بتأخير سداد الديون، فإذا مات الوالد أو القريب، وقد ترك مالاً أو ترك بيتاً، وعليه دين.

فيجب على الورثة أن يبيعوا البيت لسداد دينه، وهم يستأجرون، أو يقومون بما يكون حظاً لهم، من الاستئجار أو الانتقال إلى مكان آخر.

أما أن يبقى الدين معلقاً بذمته وقد ترك المال والوفاء: فهذا من ظلم الأموات، وإذا كان بالوالدين فالأمر أشد؛ وقد ورد في الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن نفس المؤمن معلقة بدينه). قال بعض العلماء: إن الإنسان إذا كان عليه دين فإنه يمنع عن النعيم حتى يؤدى دينه، ولذلك قال: (نفس المؤمن مرهونة بدينه)، وفي رواية: (معلقة بدينه) بمعنى: أنها معلقة عن النعيم حتى يقضى دينه.

ويؤكد هذا حديث أبي قتادة رضي الله عنه في الصحيح، فإنه لما جيء برجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: (هل ترك ديناً؟) قالوا: دينارين.

فقال: (هل ترك وفاء؟) قالوا: لا. قال: (صلوا على صاحبكم).

فقال أبو قتادة: هما علي يا رسول الله! فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو قتادة: فلم يزل يلقاني ويقول: (هل أديت عنه؟)، فأقول: لا بعد. حتى لقيني يوماً، فقال: (هل أديت عنه؟) قلت: نعم. قال: (الآن بردت جلدته) .

فهذا يدل على عظم أمر الدين، فينبغي المبادرة بقضاء الديون وسدادها، خاصة ديون الوالدين فالأمر في حقهم آكد" انتهى من "شرح الزاد".

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب