السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

سافر وعليه دين للبنك ويريده البنك أن يسدد الباقي دفعة واحدة فهل يجزئه أن يتصدق بالدين مقسطا؟

270216

تاريخ النشر : 09-09-2018

المشاهدات : 3270

السؤال

سؤالي يتخلص في سداد الدين ، وهو عبارة عن قرض بنكي إسلامي ، قد اقترضته منذ سنوات من إحدى الدول العربية ، وسددت حوالي 35 % منه حتي الآن ، وتركت البلد التي كنت أعيش فيها وقتها ، ولم أسدد باقي القرض ، وبعد ذلك حاولت التواصل مع البنك المقرض لي للسداد الشهري مرة ، ولكن دون جدوي ـ فرفض التصالح معي ، وحسب قولهم يريدون التقاضي معي دون الحاجة للمال ؛ لأنهم احتسبوا القرض ديون معدومة ، وأنا لا ملك أتعاب المحاماة ، وأنا نيتي سداد القرض لا أكثر ؛ لأنه في رقبتي حتي يوم الدين كما تعرفون أمام الله عزوجل ، ولا أملك سوى ذلك الحل وهو السداد ، فسألت بعض الاصدقاء فقال لي : تصدق به ، وأنا الآن بالفعل أتصدق بالقسط الشهري لثلاث عائلات في أمس الحاجة إلى المال ، وممكن أكثر من ذلك بكثير ضاق بهم الزمن والمعيشة ، وذلك منذ شهور وملتزم بذلك شهريا ، فهل ما فعلته صواب أم خطأ ، ولا أجد وسيلة غير ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.

الواجب على من أخذ قرضا، أو كان عليه حق ، أو ثمن مبيع مؤجل = أن يؤديه؛ لما روى البخاري (2387) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّى اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَ يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ  .

وروى مسلم في صحيحه (1885) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه : " عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَامَ فِيهِمْ فَذَكَرَ لَهُمْ أَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَالْإِيمَانَ بِاللهِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ .

فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، تُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   نَعَمْ، إِنْ قُتِلْتَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ  .

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  كَيْفَ قُلْتَ؟   .

قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   نَعَمْ، وَأَنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ، إِلَّا الدَّيْنَ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِي ذَلِكَ .

قال ابن الجوزي رحمه الله :"وَهَذَا الحَدِيث يتَضَمَّن التحذير من الدّين، لِأَن حُقُوق المخلوقين صعبة شَدِيدَة الْأَمر ، تمنع دُخُول الْجنَّة حَتَّى تُؤَدّى، وَقد كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يمْتَنع فِي أول الْإِسْلَام من الصَّلَاة على ذِي الدّين، كل ذَلِك للتحذير من حُقُوق المخلوقين، فَكيف بالظلم؟ ...

وَالْأولَى الحذر من الدّين، والأغلب أَنه لَا يكَاد يُؤْخَذ إِلَّا بِفُضُول الْعَيْش .." انتهى من "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (2/150) .

وعليه :

فيلزمك سداد الدين ، والسعي في ذلك بكل وسيلة .

والذي يظهر لنا أن البنك يريد إلزامك بسداد الدين دفعة واحدة، وهذا حقه إن كان قد نص على ذلك في العقد، فإن أكثر البنوك تنص على أنه في حال التأخر عن سداد قسط أو قسطين من غير إعسار، أنه تحل جميع الأقساط. وهذا شرط صحيح. وفي قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن بيع التقسيط:

"يجوز اتفاق المتداينين على حلول سائر الأقساط عند امتناع المدين عن وفاء أي قسط من الأقساط المستحقة عليه ما لم يكن معسراً " انتهى. وينظر: جواب السؤال رقم: (1847) .

ومثل ذلك : إن كان موعد باقي الأقساط قد مضى ، فليس لك حق في تقسيطها ، بعد مضي أجلها المتفق عليه أولا .

وإذا كان الأمر كذلك فيلزمك أن تسدد المال كله، لا أن تدفعه أقساطا شهرية، ولا يجزئك أن تتصدق به عنه؛ لأن الصدقة إنما تكون في أداء الديون التي لا يعرف أصحابها.

واعتبار البنك دينك من الديون المعدومة ، لا يعني أنه أسقطه عنك، بدليل أنه يريد مقاضاتك.

فاجمع المال، وبادر بسداد الدين لتبرأ ذمتك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة