الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

حكم صلاة الرجل بامرأة أجنبية

264460

تاريخ النشر : 10-09-2017

المشاهدات : 72094

السؤال

في المسجد الموجود في الشركة ، أردت صلاة الظهر فإذا بزميلتي في العمل تدخل المسجد ، وأرادت الصلاة فطلبت منها الصلاة خلفي ، علما بأنها في منطقة مخصصة للنساء، و أنا في أخرى للرجال ، وتسمع صوتي عند التكبير ، فهل صلاتنا صحيحة ؟ هذا من جهة ، من جهة أخرى قبل البدء في الصلاة قمت بإقامة الصلاة ثم صليت بها ، هل يجب عليها إقامة الصلاة ثم أصلي بها ، أم علي أن أفعل الاثنين إذا ما أسقطنا هذه الحالة على رجل وزوجته ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

صلاة الرجل بامرأة ليست من محارمه فيها تفصيل:

فإن كان ذلك مع الخلوة : فهذا محرم.

وإن كان من غير خلوة : فهو مكروه.

قال النووي رحمه الله: " قال أصحابنا : إذا أمَّ الرجل بامرأته أو محرم له , وخلا بها : جاز بلا كراهة ; لأنه يباح له الخلوة بها في غير الصلاة .

وإن أمَّ بأجنبية ، وخلا بها : حرم ذلك عليه وعليها , للأحاديث الصحيحة التي سأذكرها إن شاء الله تعالى .

وإن أمَّ بأجنبيات وخلا بهن : فقطع الجمهور بالجواز , ونقله الرافعي في كتاب العدد عن أصحابنا .

ودليله : الحديث الذي سأذكره إن شاء الله تعالى .

ولأن النساء المجتمعات لا يتمكن في الغالب الرجل من مفسدة ببعضهن في حضرتهن ...

وأما الأحاديث الواردة في المسألة : فمنها : ما روى عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إياكم والدخول على النساء , فقال رجل من الأنصار , أفرأيت الحمو ؟ قال : الحمو الموت " رواه البخاري ومسلم .

الحمو : قرابة الزوج , والمراد هنا : قريب تحل له ، كأخي الزوج وعمه وابنهما وخاله وغيرهم ، وأما أبوه وابنه وجده فهم محارم تجوز لهم الخلوة , وإن كانوا من الأحماء .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم " رواه البخاري ومسلم .

وعن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المنبر : " لا يدخلن رجل بعد يومي هذا ، سرا ، على مُغِيبَة ، إلا ومعه رجل أو اثنان " رواه مسلم .

المغيبة - بكسر الغين - : التي زوجها غائب, والمراد هنا غائب عن بيتها, وإن كان في البلدة . " المجموع " ( 4 / 173 ، 174 ) .

وقال في شرح منتهى الإرادات (1/ 277): " (وكره أن يؤم) رجل امرأة (أجنبية) منه ، (فأكثر) من امرأة ، (لا رجلَ فيهن) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن خلوة الرجل بالمرأة " ، ولما فيه من مخالطة الوسواس .

لكن إن كان مع خلوة : حَرُم.

وإن أم محارمه، أو أجنبيات معهن رجل، أو مُحَرَّمة : فلا كراهة؛ لأن النساء كن يشهدن الصلاة معه صلى الله عليه وسلم" انتهى.

ويجب الحذر من فتنة النساء، ومجانبة الاختلاط في العمل أو الدراسة، فإن ذلك باب شر كبير.

 ثانيا:

إذا أم الرجل امرأة ، فإنها تكون خلفه؛ لما روى البخاري (380) ومسلم (658) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ ، فَأَكَلَ مِنْهُ ، ثُمَّ قَالَ : قُومُوا ، فَلِأُصَلِّ لَكُمْ . قَالَ أَنَسٌ : فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَصَفَفْتُ وَالْيَتِيمَ وَرَاءَهُ ، وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ انْصَرَفَ .

قال الحافظ في الفتح : " وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفَوَائِد: ... تَأْخِير النِّسَاء عَنْ صُفُوف الرِّجَال , وَقِيَام الْمَرْأَة صَفًّا وَحْدهَا إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا اِمْرَأَة غَيْرهَا " انتهى.

 ثالثا:

إذا كان الإمام والمأموم داخل المسجد : لم يضر الفصل بينهما إذا كان المأموم يسمع تكبيره.

وإن كان المأموم خارج المسجد، لم يصح اقتداؤه بالإمام، إلا إذا كان يرى الإمام ، أو المأمومين، على خلاف بين الفقهاء  في ذلك.

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم صلاة النساء في المساجد التي لا يرين فيها الإمام ولا المأمومين ، وإنما يسمعن الصوت فقط ؟

فأجاب : "يجوز للمرأة ، وللرجل أيضا : أن يصلي مع الجماعة في المسجد ، وإن لم ير الإمام ولا المأمومين ، إذا أمكن الاقتداء .

فإذا كان الصوت يبلغ النساء في مكانهن من المسجد ، ويمكنهن أن يقتدين بالإمام ، فإنه يصح أن يصلين الجماعة مع الإمام ؛ لأن المكان واحد ، والاقتداء ممكن ، سواء كان عن طريق مكبر الصوت ، أو عن طريق مباشر بصوت الإمام نفسه ، أو بصوت المبلغ عنه .

ولا يضر إذا كن لا يرين الإمام ولا المأمومين، وإنما اشترط بعض العلماء رؤية الإمام أو المأمومين ، فيما إذا كان الذي يصلي خارج المسجد ..." انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (15/ 213).

وينظر جواب السؤال رقم (93369) .

وينظر في حكم المصليات التي في الشركات: جواب السؤال رقم (136661) ورقم (10268).

رابعا:

إذا أم الرجل امرأة فإنه يقيم الصلاة، وليس للمرأة أن تؤذن أو تقيم لرجل ، أو لرجال ، ولو كانوا محارمها.

قال في مغني المحتاج (1/ 323): " (و) شرط المؤذن (الذكورة) ، ولو عبدا ، أو صبيا مميزا، فلا يصح أذان امرأة وخنثى ، لرجال وخناثى ، كما لا تصح إمامتهما لهم ... وقضية كلامهم : أنه لا فرق في الرجال بين المحارم وغيرهم ؛ وهو كذلك" انتهى.

وقال الرملي في حاشيته على أسنى المطالب (1/ 129): " (قوله ولا يصح أذان امرأة وخنثى لرجال) .

مقتضى إطلاقه صحة إقامة المرأة والخنثى للرجال ؛ وليس كذلك.

وعبارة العباب: وكون المؤذن والمقيم : مسلما ، عاقلا ، ذكرا" انتهى.

وعليه : فلو صلى رجل بزوجته، فإنه هو الذي يقيم الصلاة.

وإذا صلت المرأة وحدها أو بنساء، ففي إقامتها خلاف، والمفتى به عندنا أنه لا يشرع لها أذان ولا إقامة.

وينظر: جواب السؤال رقم (20225) ورقم (26332) ورقم (146921).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب