الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

النظر في قول من قال أن ( المرأة العاملة مهابة عند الرجال ) ؟

263883

تاريخ النشر : 28-08-2017

المشاهدات : 10099

السؤال

المرأة التي بدون عمل ، والتي لا تستطيع إعالة نفسها هي مجبرة للخضوع لرجل ، أمّا المستقلة فالرجال يهابونها فهل هذه العبارة صحيحة لاسيما أن بعض الفتيات تقولها أو تؤيد هذه الفكرة ؟ وهل يصح أن الزوجة تتعامل مع زوجها علي أساس هذا التفكير والاعتقاد ، وكحياة زوجية في ديننا كمسلمين ؟

الجواب

الحمد لله.

قول القائل بأن ( المرأة بدون عمل خاضعة للرجال )  لا يخلو من نظر شديد ، بل هو غلط لا يماري عاقل في مصادمته للواقع ، ذلك بأن المرأة غير العاملة ليست مجرد امرأة فارغة خاضعة لوليها أو زوجها .

فقوامة الزوج على زوجته ، وولاية الأب على ابنته : تكليف واجب من الله تعالى يتضمن صيانتها ورعايتها والنفقة عليها ، فكلاهما مأمور شرعا بذلك . قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) النساء/ 34.

قال الإمام القرطبي في تفسيره (5/169 ) :

" فهم العلماء من قوله تعالى: ( وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) أنه متى عجز عن نفقتها لم يكن قواما عليها، وإذا لم يكن قواما عليها كان لها فسخ العقد، لزوال المقصود الذي شرع لأجله النكاح. وفيه دلالة واضحة من هذا الوجه على ثبوت فسخ النكاح عند الإعسار بالنفقة والكسوة، وهو مذهب مالك والشافعي " .

وفي سنن أبي داود (2142) ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ ؟

قَالَ : ( أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوِ اكْتَسَبْتَ، وَلَا تَضْرِبِ الْوَجْهَ ، وَلَا تُقَبِّحْ ، وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ) . قَالَ أَبُو دَاوُدَ : " وَلَا تُقَبِّحْ أَنْ تَقُولَ : قَبَّحَكِ اللَّهُ "

والقول  بأن ( المرأة العاملة مهابة عند الرجال ) - هكذا بإطلاق - فيه مخالفة للعقل والواقع؛ فأما مخالفته للعقل فتتمثل في كون عمل المرأة - غالبا - فيه مهانة لها لا مهابة !!

إذ كيف يعقل أن تتحقق المهابة لامرأة هربت من الخضوع لزوجها اختيارا ، إلى الخضوع لمديرها اضطرارا ؟!!

وكيف يعقل أن تتحقق المهابة لامرأة هربت من ملاطفة زوجها المباحة ، إلى معاناة تحرشات زملائها بالوقاحة ؟!!

وكيف يعقل أن تتحقق المهابة لامرأة نزلت عن عرشها في بيتها ، إلى مكانة العمال في خارج بيتها ؟!!

وكيف يعقل أن تتحقق المهابة لامرأة نزلت عن عزتها وغناها بنفقة زوجها ، إلى حاجتها وافتقارها لأموال مديرها ؟!!

 وأما مخالفته للواقع فعامة الإحصائيات العالمية التي رصدت ظاهرة عمل المرأة ، ما لها وما عليها : انتهت إلى نتيجة سلبية واحدة ، وهي أن المرأة العاملة تتعرض للمهانة والإيذاء نفسيا وجسديا بنسبة أعلى كثيرا من المرأة غير العاملة .

ففي تقرير لوزارة العمل الأمريكية اشتهر بتقرير السقف الزجاجي Glass Ceiling

أن معظم النساء في الغرب يعملن في الوظائف ذات الأجور المنخفضة والمكانة المتدنية.  وحتى مع الضغوط التي تبذلها الحكومة في تحسين وظائف النساء فإن97 %  من المناصب القيادية العليا في أكبر الشركات يشغلها رجال.

http://www.dol.gov/oasam/programs/hi...ts/ceiling.pdf

وفي تقرير آخر لوزارة العمل الأمريكية:   89 % من الخدم وعمال التنظيف هم النساء 

http://www.dol.gov/wb/factsheets/20lead2007.htm

وفي دراسة قامت بها وزارة الدفاع الأمريكية أن 78 % من النساء في القوّات المسلّحة تعرضن للتحرش الجنسي من قبل الموظّفين العسكريّين.

http://www.rehab.research.va.gov/jou...pdf/Street.pdf

 ومع ذلك فقد أباحت الشريعة السمحة للمرأة أن تعمل عند الحاجة للعمل وعدم توفر البدائل ، وذلك بضوابط شرعية تكفل للمرأة حماية وصيانة عن كل ما يؤذيها في نفسها أو مالها .

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم :  (187478) ورقم (263351).

هذا مع إباحة الشريعة لكثير من الأسباب المعنوية التي ترفع من قيمة المرأة ، وتجعلها مهابة في مجتمعها ، كالدعوة إلى الله وبذل نفسها ومالها في العمل الخيري والتعلم والتعليم لكل ما فيه خير لها ولأخواتها المسلمات، والقيام على أولادها وذويها بالنصح والإرشاد في أمور المعاش والمعاد .

والحاصل : أن القائلين بمثل هذا الكلام الوارد في السؤال جهلوا مكانة المرأة في الإسلام ، فظنوا أن الإسلام يجعل منها شخصية هامشية اعتمادية على الرجال ، فلا شأن لها ولا وزن ولا حقوق ولا رأي في أي مجال ، فذهبوا يلتمسون قيمتها ومكانتها في أفكار غربية دخيلة على الإسلام والمسلمين ، تأخذ بالمرأة وعزتها ومكانتها إلى كل سفول مهين !

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (70042) ورقم (132959).

والله الموفق

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب