الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

مبيعات توصيل المطاعم جائزة ، وليست من بيع الكالئ بالكالئ .

259818

تاريخ النشر : 03-12-2017

المشاهدات : 7533

السؤال

قال بعضهم : إن توصيل المطاعم الطعام للمنازل يعتبر من بيع الكالئ بالكالئ ، فهل هذا صحيح ؟ ولماذا توجد مطاعم كثيرة تفعل ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الإشكال في المبايعة المبنية على توصيل الطعام للمنازل : هو أن السلعة فيها غير معينة ، فهي موصوفة في الذمة .

ومثل ذلك : ما يطلب من البقالات ونحوها من المتاجر ، لتوصيله إلى المنازل ، ونحو ذلك .

فإن ما كان موصوفا في الذمة فإنه يجوز شراؤه مؤجلا ، ويسميه العلماء "بيع السّلَم" ، وهو عقد جائز ، لكن يشترط فيه أن يتم دفع الثمن كاملا في مجلس العقد .

وحيث إن "طلب الشراء" يتم عبر الهاتف ، فإن مجلس العقد ينقضي بانتهاء المكالمة ، دون تسليم الثمن ولا المثمن ؛ وهذا وجه قول من تحرج من مثل ذلك ، باعتبار أنه من بيع الكالئ بالكالئ ، حيث إنه بيع مؤجل بمؤجل .

وإن كنا لم نقف على معين من أهل العلم والفتوى ، ننقل عنه التصريح بالمنع من ذلك ، أو تخريجه له .

والراجح أن هذه المعاملة جائزة ، لا حرج فيها ، وعمل الناس بذلك : ليس فيه محذور ولا حرج شرعي، إن شاء الله .

أما طلبات المطاعم ونحوها ، مما يحتاج إلى "إعداد" و"تجهيز" بناء على "طلب الزبون" : فهذه ليست من بيع السلم ، بل هي داخلة في صورة "الاستصناع" ، وهو على المختار : يختلف عن عقد السلم .

وعقد "الاستصناع" : يجوز فيه دفع الثمن مقدما ، أو بعضه ، أو تأجيله ، أو تأجيل بعضه .. وهذا من الفروق المهمة بين عقدي "السلم" و"الاستصناع" .

قال الشيخ الدبيان ، حفظه الله :

" يجيز الحنفية أن يكون الثمن مؤجلًا كله أو بعضه في عقد الاستصناع، وبالتالي يكون العقد: بيع دين بدين، وفي السلم يشترط الجميع بما فيهم الحنفية تقديم الثمن، وهذا فرق جوهري جداً." .

من "موسوعة المعاملات المالية" (8/294) .

وأما طلبات البقالات ، والمتاجر ، ونحوها ، مما لا يحتاج إلى صنعة ، فيخرج جوازه على وجهين :

الأول : قول الإمام مالك : بجواز تأخر رأس مال السلم ، اليوم واليومين ، ونحو ذلك ، ما دام الأجل غير مشترط في العقد ، وهذا ظاهر في هذه المعاملة ؛ فإن الأجل غير مشترط هنا ، ولا معتبر ؛ فالسلعة حاضرة ، والمشتري يريدها حالا ، وليس بين العقد والتسليم إلا مقدار تهيئتها وإرسالها للمشتري .

ذكر ابن قدامة رحمه الله أن من شروط السلم :

"أَنْ يَقْبِضَ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، فَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ ذَلِكَ بَطَلَ الْعَقْدُ. وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَةً وَأَكْثَرَ، مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شَرْطًا؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ، لَا يَخْرُجُ بِتَأْخِيرِ قَبْضِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ سَلَمًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَأَخَّرَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ" انتهى من " المغني " (4/223) .

وقال الشيخ ابن عثيمين في معرض حديثه عن بيع السلم :

" ذكرنا الصورة الثانية: أن يكون كل من الثمن والمثمن مؤجلاً، وقلنا: هذا لا يصح .

وهذا يقع كثيراً بين الناس اليوم، لكنهم لا يعلمون عن حكمه، فيشتري منه الشيء مؤجلاً ـ مثلاً ـ إلى سنة ثم يعطيه شيكاً مؤجلاً لمدة ستة أشهر، يعني لا يقبضه إلا بعد ستة أشهر.

فالثمن مؤجل والمثمن مؤجل، فهذا لا يصح؛ لأن كلًّا منهما مؤجل، ولا بد أن يكون أحدهما أو كلاهما مقبوضاً، أما مع تأجيلهما فلا يصح.

فإن تأخر القبض بدون تأجيل، مثل أن يقول: اشتريت منك مائة صاع بر بمائة ريال ولم يسلمه، على أن يأتي به العصر أو الغد أو بعد غد، لكن الثمن غير مؤجل : هل يصح أم لا؟

المذهب: لا يصح، قالوا: لأن هذا بيع دَين بدين، إذ أنه ليس واحد منهما معيناً، لا عُيّن الثمن، ولا عُين المثمن.

ولكن الصحيح أن هذا صحيح .

والمحظور : أن يكون كل منهما مؤجلاً .

أما إن لم يكن فيه تأجيل : فإنه لا يشترط القبض، إلا شيئاً واحداً لا بد فيه من القبض، وهو بيع الربوي بجنسه " انتهى من "الشرح الممتع" (9/51) .

الوجه الثاني : أنه يمكن أن يقال إن هذه المعاملة ، ليست سلما ، وليست بيعا ينعقد بالهاتف ونحوه ؛ وإنما هي مواعدة على البيع والشراء ، والعقد إنما يتم – بالمعاطاة – عند وصول السلعة مع من يوصلها للمشتري ؛ فهناك يستلم السلعة التي طلبها ، ووعد بشرائها ، ويسلم ثمنها المعلوم للبائع ، أو وكيله الذي يحمل السلعة إليه .

وحنيئذ ، فلا إشكال في ذلك .

وللشيخ محمد المختار الشنقيطي ، عضو هيئة كبار العلماء ، فتوى في جواز هذه المعاملة . يمكن الاستماع إليها من هذا الرابط :

https://goo.gl/VWQBdg

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب