الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

حكم إثبات الأنساب البعيدة بالبصمة الوراثية لعائلة أو شخص غير معلوم النسب

241851

تاريخ النشر : 28-09-2016

المشاهدات : 13364

السؤال


ما حكم استخدام البصمة الوراثية أو تحليل الجيني من أجل تحديد الأنساب البعيدة لعائلة غير معلومة النسب البعيد ، كمثال إلى أي الشعوب أو العروق أو إلى أي القبائل تنحدر ، فمثلا نحن عائلة لا نعلم إلى أين تنحدر أصولنا ، وتضاربت الأقوال في نسبنا إلى أين يعود فكان هناك أكثر من قول في نسبنا ، وأنا شخصيا أشعر بحرج شديد عندما يسألني أكثر من شخص عن أصلي أو نسبي البعيد ، ويكون جوابي لا أعلم أو غير أكيد ، وأسئلتي : 1 - ما حكم استخدام التحليل الجيني من أجل تحديد أصول العائلة من أين تنحدر إذا كانت مجهولة النسب ؟ 2- ما الحكم في انتساب العائلة الغير معلومة النسب لقبيلة معينة أو عرق معين من خلال تحليل البصمة الوراثية ؟ كمثال : عائلة لا تعلم ما القبيلة التي تنحدر منها ، وكانت نتيجة التحليل إلى أنها تعود إلى قبيلة ( أ ) . 3- إذا كانت نتيجة التحليل تثبت أحد الأقاويل أو التوقعات في النسب هل يؤخذ به ؟ كمثال : عائلة لا تعلم هل ينحدر أصلها من الشعب (أ) أو من الشعب (ب) ، وجاءت نتيجة التحليل إلى أنهم ينحدروا إلى الشعب ( أ ) . 4- إذا كانت نتيجة التحليل مخالفة للتوقعات والأقوال لنسب عائلة مجهولة النسب هل يؤخذ به ؟ كمثال : عائلة لا تعلم هل ينحدر أصلها من الشعب (أ) أو من الشعب (ب) وجاءت نتيجة التحليل إلى أنهم ينحدروا من الشعب ( ج ) .

الجواب

الحمد لله.


يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية لإثبات نسب من جُهل نسبه ، ولا يجوز الاعتماد عليها لنفي نسب معلوم، أو التحقق من نسب معلوم .
وقد صدرت قرارات من مجامع فقهية تؤكد على أن الطرق الشرعية لإثبات النسب أو نفيه ، مقدمة على البصمة الوراثية ، وأن البصمة الوراثية يمكن اعتمادها في إثبات النسب المجهول ، كما يُعتمد الشَّبه (القيافة) ، وذلك عند التنازع ، وعدم وجود دليل أقوى.
جاء في " قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الإسلامي " ، في دورته العشرين عام 2012م ، قرار رقم 194 (9/ 20) بشأن الإثبات بالقرائن والأمارات (المستجدات):
" لا يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب ، ولا تقدم على اللعان " انتهى.

وجاء في " قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي" في دورته السادسة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة ، في المدة من 21 ـ 26/10/1422هـ الذي يوافقه من 5 ـ 10/1/2002م، وبعد النظر إلى التعريف الذي سبق للمجمع اعتماده في دورته الخامسة عشرة، ونصه: " البصمة الوراثية هي البُنية الجينية (نسبة إلى الجينات، أي المورثات) التي تدل على هوية كل إنسان بعينه، وأفادت البحوث والدراسات العلمية أنها من الناحية العلمية وسيلة تمتاز بالدقة، لتسهيل مهمة الطب الشرعي، ويمكن أخذها من أي خلية (بشرية) مـن الدم، أو اللعاب، أو المني، أو البول، أو غيره" ـ
وبعد الاطلاع على ما اشتمل عليه تقرير اللجنة التي كلفها المجمع في الدورة الخامسة عشرة بإعداده ، من خلال إجراء دراسة ميدانية مستفيضة للبصمة الوراثية، والاطلاع على البحوث التي قدمت في الموضوع من الفقهاء والأطباء والخبراء، والاستماع إلى المناقشات التي دارت حوله.
تبين من ذلك كله أن نتائج البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية في إثبات نسبة الأولاد إلى الوالدين ، أو نفيهم عنهما، وفي إسناد العينة (من الدم أو المني أو اللعاب) التي توجد في مسرح الحادث إلى صاحبها، فهي أقوى بكثير من القيافة العادية (التي هي إثبات النسب بوجود الشبه الجسماني بين الأصل والفرع)، وأن الخطأ في البصمة الوراثية ليس واردًا من حيث هي، وإنما الخطأ في الجهد البشري ، أو عوامل التلوث ، ونحو ذلك، وبناء على ما سبق قرر ما يأتي:

أولاً: لا مانع شرعًا من الاعتماد على البصمة الوراثية في التحقيق الجنائي ، واعتبارها وسيلة إثبات في الجرائم التي ليس فيها حد شرعي ولا قصاص، لخبر:(ادرأوا الحدود بالشبهات)، وذلك يحقق العدالة والأمن للمجتمع، ويؤدي إلى نيل المجرم عقابه وتبرئة المتهم، وهذا مقصد مهم من مقاصد الشريعة.
ثانيًا: إن استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لا بد أن يحاط بمنتهى الحذر والحيطة والسرية، ولذلك لا بد أن تقدم النصوص والقواعد الشرعية على البصمة الوراثية.

ثالثًا: لا يجوز شرعًا الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب ، ولا يجوز تقديمها على اللعان.

رابعًا: لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعًا، ويجب على الجهات المختصة منعه ، وفرض العقوبات الزاجرة ، لأن في ذلك المنع حماية لأعراض الناس ، وصونًا لأنسابهم.
خامسًا: يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية:
أ ـ حالات التنازع على مجهول النسب ، بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء، سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة ، أو تساويها، أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.
ب ـ حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
ج ـ حالات ضياع الأطفال واختلاطهم ، بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين.
سادسًا: لا يجوز بيع الجينوم البشري لجنس، أو لشعب، أو لفرد، لأي غرض، كما لا تجوز هبتها لأي جهة، لما يترتب على بيعها أو هبتها من مفاسد.
سابعاً: يوصي المجمع بما يأتي:
أ ـ أن تمنع الدولة إجراء الفحص الخاص بالبصمة الوراثية إلا بطلب من القضاء، وأن يكون في مختبرات للجهات المختصة، وأن تمنع القطاع الخاص الهادف للربح من مزاولة هذا الفحص، لما يترتب على ذلك من المخاطر الكبرى.
ب ـ تكوين لجنة خاصة بالبصمة الوراثية في كل دولة، يشترك فيها المتخصصون الشرعيون، والأطباء، والإداريون، وتكون مهمتها الإشراف على نتائج البصمة الوراثية، واعتماد نتائجها.
ج ـ أن توضع آلية دقيقة لمنع الانتحال والغش، ومنع التلوث ، وكل ما يتعلق بالجهد البشري في حقل مختبرات البصمة الوراثية، حتى تكون النتائج مطابقة للواقع، وأن يتم التأكد من دقة المختبرات، وأن يكون عدد المورثات (الجينات المستعملة للفحص) بالقدر الذي يراه المختصون ضروريٌّا ، دفعًا للشك. والله ولي التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد" انتهى.

فإذا أمكن اعتماد البصمة الوراثية لمعرفة النسب البعيد، وأثبتت التحاليل ثبوت نسبكم إلى العائلة (أ) أو (ج) عمل بذلك، على أن يتم هذا عبر جهة القضاء ، وبإشرافه، كما تقدم في قرار المجمع.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب