الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

هل مقولة : "من علامات المرجئة أنهم يصفون أهل السنة بالخوارج" ثابتة عن الإمام أحمد بن حنبل ؟

227277

تاريخ النشر : 29-04-2015

المشاهدات : 21722

السؤال


هل هذا القول صحيح عن الإمام أحمد بن حنبل "من علامات المرجئة أنهم يصفون أهل السنة بالخوارج " ؟

الجواب

الحمد لله.


لم نقف على هذا النص من قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى ، وإن كان بعض الناس قد نسب هذه المقالة إليه ، ويعزون ذلك إلى ما رواه عنه حرب الكرماني في عقيدته المشهورة " معتقد أهل السنة والجماعة " ، وليست في كتاب حرب كما ذكروا .

ولا غرابة في هذا القول سواء كان صادرا من الإمام أحمد أو من غيره ؛ لأنه حق وواقع ، فلم يزل أهل الإرجاء يرمون أهل السنة بأنهم خوارج منذ زمن بعيد إلى اليوم ؛ لأنهم لم يوافقوهم على مذهبهم .

كما أن الخوارج يرمون أهل السنة والجماعة بالإرجاء ؛ ويبدعونهم ، ويكفرونهم ، كما نقله حرب الكرماني في عقيدته (ص 109) عن الإمام أحمد : " وأما الخوارج فإنهم يسمون أهل السنة والجماعة مرجئة ، وكذبت الخوارج ، بل هم المرجئة يزعمون أنهم على إيمان - دون الناس - ومن خالفهم كفار " انتهى .
ولعل السامع قد سمع بهذه العبارة المنقولة ، فانقلبت عليه ، فنقلها على نحو ما جاء في السؤال.

وفي هذه العقيدة أيضا : " وأما المرجئة : فإنهم يسمون أهل السنة شُكَّاكا ؛ وكذبت المرجئة ؛ بل هم بالشك أولى ، وبالتكذيب أشبه " انتهى ، ينظر : "طبقات الحنابلة" لأبي يعلى (1/35) .
وإنما افترى المرجئة ذلك لقول أهل السنة بمشروعية قول : أنا مؤمن إن شاء الله ، وهو ما يعرف بالاستثناء في الإيمان .
وينظر جواب السؤال رقم : (2689) .

والحاصل : أن أهل السنة وسط بين ملل أهل الإسلام ، فهم في باب الإيمان وسط بين الخوارج والمرجئة ، كما أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وسط بين تفريط اليهود وإفراط النصارى ، وكثيرا ما يكون الحق وسطاً بين باطلين .
قال ابن تيمية رحمه الله : " الإسلام وسط في الملل بين الأطراف المتجاذبة ، والسنة في الإسلام كالإسلام في الملل " انتهى من ” الصفدية " (2/ 310) .
وقال عن أهل السنة : إنهم " في باب الأسماء والأحكام بين من أخرج أهل المعاصي من الإيمان بالكلية كالخوارج وأهل المنزلة [يعني المعتزلة] ، وبين من جعل إيمان الفساق كإيمان الأنبياء والصديقين كالمرجئة " انتهى من " جامع المسائل " (3/ 90) .

وإذا كان أهل السنة وسطا بين هاتين الفرقتين الضالتين ، فلابد أن ينالهم من كلا الطرفَين ما ينالهم ، ولن يضيرهم ذلك بإذن الله ، كما قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) .
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله " أي : اجتهدوا في إصلاحها وكمالها ، وإلزامها سلوك الصراط المستقيم ، فإنكم إذا صلحتم لا يضركم من ضل عن الصراط المستقيم ، ولم يهتد إلى الدين القويم ، وإنما يضر نفسه " انتهى من " تفسير السعدي " (1/246) .

وينظر جواب السؤال رقم : (175217) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب