الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

وضع لافتة على باب المسجد لتذكير الناس فأنكر أحدهم عليه .

222442

تاريخ النشر : 07-11-2014

المشاهدات : 7366

السؤال


في رمضان السابق قام أحد المتطوعين في الأذان ، وله بعض المهام في شؤون المسجد بإلصاق ورقة عند باب المسجد ، وكان فيها التالي : يا ابن ادم ! إن ذهب منك يوم فهو من عمرك ..- أو كلمة نحوها - ، وتحتها جدول يعد أيام رمضان ، ويتم تعين اليوم الذي مضى ، وهكذا حتى ينتهي الشهر. وقد ناقشه بعنف أحد المصلين ، بل منعه من ذلك ، وقال : إن هذا لا يجوز ، وهو من قبيل التعبد ، ولم يرد عند السلف الصالح شيء من ذلك . والسؤال : هل هذا الفعل - أي تلك الورقة السالفة الذكر - عمل صالح له شواهد من أعمال التزكية لسلفنا الصالح ، وهل هو من قبيل الإعلام والتذكير ؟ وهل من نصيحة في مثل هذا الأمر ، أي التعليل بعمل السلف وإيقاعه في واقعنا ؟

الجواب

الحمد لله.


لا حرج في تلك اللوحة الوعظية التي علقها المؤذن ، فهي لا تشتمل إلا على الوعظ والتذكير ، وتعليقها مكتوبة عند باب المسجد ليس من باب البدع ، فالتعليق ليس شعيرة أو عبادة لذاتها ، بل هي وسيلة من وسائل التعليم والتذكير ، والوسائل لها أحكام المقاصد ، فإذا كان المقصد حسنا ، وهو هنا الموعظة وترقيق القلوب ، كانت الوسيلة حسنة ، تماما كما هو حكم استعمال مكبرات الصوت في المساجد ، وتدوين العلوم في الكتب ، ومن قبل ذلك كله جمع المصحف الذي استقر عليه إجماع الصحابة الكرام ، كلها من الوسائل التي يبلغ العلم الشرعي فيها للناس ، ويذكرهم بالله والدار الآخرة .
وهناك فارق كبير بين الوسائل والبدع ، فالوسائل غير مقصودة لذاتها ، بل ترجع دائما إلى مقصد من المقاصد المرادة ، أما البدعة فيقصدها المبتدع لذاتها ، ويعدها عبادة من العبادات . ومن غاب عنه هذا التفريق حكم ببدعية أشياء ليست من البدع .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: نلاحظ في الطرق الطويلة لوحات كتب عليها عبارة مثل : اذكروا الله ، أو صلوا على النبي ، أو سبحوا الله ، أو لا تنسوا ذكر الله ، فهل هذا العمل بدعة ؟
فأجاب:
"الذي أرى أن مثل هذا العمل جائز ؛ لما فيه من التذكير بأمر مشروع ، وهو ذكر الله عز وجل ، وذكر الله عز وجل مشروع في كل وقت ، قال الله تبارك وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) وذكر الله كثيرا من الأوصاف الحميدة الموجبة للمغفرة والأجر العظيم : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ) .
وبناء على ذلك فإن التذكير بهذا الأمر المشروع ليس ببدعة ؛ لأنه وسيلة لأمر مشروع ، ووسيلة الأمر المشروع مشروعة .
ويجب علينا أن نعرف الفرق بين الغايات والوسائل ، فإذا كانت الغايات مشروعة كانت الوسائل الموصلة إليها مشروعة ، ولا تعد من البدع " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (24/ 2، بترقيم الشاملة).
وقال أيضا رحمه الله :
" البدعة أن يتعبد الإنسان لله بما لم يشرعه الله عزَّ وجلَّ ، هذه هي البدعة . أما وسائل العبادة فإنها ليست ببدعة ، فهناك فرق بين المقاصد والوسائل ، فلو قال قائل – مثلاً - : مكبر الصوت في الصلاة والخطبة والمواعظ كان غير موجود في عهد الرسول ، فهو بدعة ! لقلنا : هذا غلط ؛ لأن ذلك وسيلة لإيصال الخير إلى الناس .
وهذه اللافتات التي توجد في الطرقات وسيلة لتذكير الناس بذكر الله عزَّ وجلَّ ".
انتهى من " لقاء الباب المفتوح " (25/ 25، بترقيم الشاملة آليا) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب