الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

ترك والدهم بيتا تسكنه الأم وأختهم الصغرى وأحد الأبناء يطالب بحقه في البيت

220576

تاريخ النشر : 02-08-2014

المشاهدات : 90349

السؤال


أنا أم لستة أبناء ، أربعة ذكور ، واثنتان إناث ، جميعهم متزوجون ، باستثناء ابنة واحدة ، توفي زوجي منذ اثني عشرة عاما ، وترك لنا تركة مكونة من بعض المال ، وتم توزيعها بيننا حسب الشرع , وترك لنا أيضا عمارة مؤلفة من دورين ، اسكن أنا وابنتي غير المتزوجة في الدور الأول ، وأما الدور الثاني فهو مؤلف من شقتين مؤجرتين بمبلغ ثلاثمائة دينار أردني شهريا ، أنفق منها علي وعلى ابنتي ، وانفق منها أيضا على احتياجات أخرى للبيت ، مثل : صيانة المنزل وضرائب وغيرها ، دون أن يساعدنا أحد من أبنائي في الإنفاق ، والآن وبعد هذه السنوات جاءني أحد أبنائي ليقول لي : أننا نأكل مالا حراما - أنا وابنتي - لأنه لم يأخذ نصيبه من ميراث والده هو وإخوته من هذا البيت ، علما بان إخوته جميعا لم يمانعوا على بقائي في البيت - أنا و ابنتي - والإنفاق على أنفسنا من أجرة الدور الثاني ، طالما لن يتكلفوا بدفع أي نفقات تجاهنا . و أنا أريد أن أعرف هل أنا و ابنتي فعلا نأكل مال حرام ؟ و ما رأي الشرع في ذلك؟ و ماذا علينا فعله إن كان ذلك حقا ؟ أفيدونا جزاكم الله كل خير.

الجواب

الحمد لله.


أولا :
إذا مات المورّث : فإن أمواله تنتقل بموته للورثة مباشرة ، ولا يجوز لأحدٍ أن يعطِّل قسمة الميراث إلا برضى الورثة جميعا .
فإن اتفق الورثة على عدم تقسيم التركة كلها أو بعضها فلا حرج في ذلك ، فإن رغب واحد منهم في حصته وجب أن يُعطى نصيبه ، فإن كان عقارا أخذ نصيبه منه ، سواء كان بالنقد ، أو بالبيع ، أو بالإيجار ، أو بغير ذلك .
وينظر السؤال رقم : (97842) ، والسؤال رقم : (204306) .
وعلى هذا : فهذا البيت المكون من طابقين هو من جملة الميراث الذي يجب أن يقسم على الورثة القسمة الشرعية بعد موت الأب .

ثانيا :

إذا تنازل أحد الورثة عن نصيبه في الميراث ، وكان أهلاً للتصرف وقت تنازله ؛ بأن كان بالغاً رشيداً في المال ، ولم يكن في مرض الموت ، وهو في تنازله ذلك مختار غير مكره : فتنازله صحيح نافذ ، ولا يصح له أن يرجع فيطالب بحقه بعد ذلك .
وينظر السؤال رقم : (218831) .
ولكن الظاهر من تصرف الأولاد مع أمهم في الصورة المسؤول عنها أنه ليس تنازلا عن حقهم في العقار ، وإنما هو مسامحة في عدم المطالبة بالقسمة ، ومسامحة أيضا في سكنى والدتهم وأختهم في البيت وأخذهم أجرة الطابق الثاني ينفقان منها على أنفسهما .
وبناء على هذا ، فحقهم في العقار محفوظ لهم ، فمتى طالب أحدهم بحقه فله أخذه .
وقد ذكرت أن أولادك لم يمانعوا من بقائك في البيت وأخذك أجرة الطابق الثاني ، فما تأخذينه وتنفقينه إذن ليس مالا حراما ، بل هو حلال أخذتيه بإذن صاحبه ورضاه .
ثم ينبغي أن يُعلم أن ما فعله أولادك معك – وإن كانوا يشكرون عليه ، ولهم الثواب إن شاء الله تعالى عليه – إلا أن هذا الفعل هو الواجب عليهم ، فليسوا أصحاب فضل لا عليك ولا على أختهم الصغرى ، لأن الواجب على الولد إن كان غنيا (أي معه أكثر مما يكفيه هو وأسرته) الواجب عليه أن ينفق على أبويه ، وأن ينفق أيضا على الفقير من إخوانه وأخواته ، فإذا قُدِّر أن البيت قد قسم بين الورثة جميعا ، وأن نصيبك أنت لا يكفيك للسكن والمعيشة فيجب عليهم أن يستأجروا لك سكنا يليق بك وأن ينفقوا عليك وعلى أختهم أيضا .

ثالثا :

أما هذا الابن الذي جاء يطالب بحقه فيُعطَى حقه ، إما بأن يقدر إيجار البيت ويعطى نصيبه من الإيجار ، أو يقدر ثمن البيت ويعطى نصيبه منه إن أمكن ذلك .
وينبغي أن يعلم مع هذا أنه قد أساء إلى والدته وإلى أخته وإلى أبيه أيضا ، إذ من بر الوالد أن يراعي حرمته بعد وفاته . وهو مع هذا مطالَب بالنفقة على أمه وأخته إن كانت أموالهما لا تكفيهما ، مع الأخذ في الاعتبار أن زواج البنت يتكلف كثيرا .
وعلى إخوانه أن يكون لهم دور في نصحه ووعظه بأنه إذا لقي الله تعالى وقد أساء إلى والدته فقد خسر خسرانا مبينا ، وأن بر الوالدين والإحسان إليهما قدمه الرسول صلى الله عليه وسلم في الفضل على الجهاد في سبيل الله .
وفقكم الله تعالى وأصلح أحوالكم
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب