الحمد لله.
أولا :
يحرم على الرجل استعمال الحرير الطبيعي في اللبس والجلوس عليه والاستناد إليه والتغطي به واتخاذه سترا وسائر وجوه الاستعمال ، وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (158299) .
ثانيا :
يرخص أن يكون في اللباس ما لا يزيد عن أربعة أصابع من الحرير ، كتطريز ونحوه .
روى البخاري (5828) ، ومسلم (2069) عن أبي عثمان النهدي قال : أتانا كتاب عمر ،
ونحن مع عتبة بن فرقد بأذربيجان : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا ، وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ
اللَّتَيْنِ تَلِيَانِ الإِبْهَامَ ) قَالَ : فِيمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي
الأَعْلاَمَ .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" الْأَعْلَامُ : هُوَ مَا يَكُونُ فِي الثِّيَابِ مِنْ تَطْرِيفٍ وَتَطْرِيزٍ
وَنَحْوِهِمَا " انتهى من " فتح الباري " .
وروى مسلم (2069) عَنْ
سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، خَطَبَ بِالْجَابِيَة ِ،
فَقَالَ : ( نَهَى نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ
الْحَرِيرِ إِلَّا مَوْضِعَ إِصْبَعَيْن ِ، أَوْ ثَلَاثٍ ، أَوْ أَرْبَعٍ ) .
قال النووي رحمه الله :
" وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة إِبَاحَة الْعَلَم مِنْ الْحَرِير فِي الثَّوْب إِذَا
لَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَع أَصَابِع ، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور "
انتهى من " شرح النووي على مسلم " (14/48) .
وقال العيني رحمه الله في "
عمدة القاري " (22/ 10) :
" قَالَ شَيخنَا : فِي حَدِيث عمر رَضِي الله عَنهُ ، حجَّة لما قَالَه أَصْحَابنَا
من أَنه لَا يرخص فِي التطريز وَالْعلم فِي الثَّوْب إِذا زَاد على أَرْبَعَة
أَصَابِع ، وَأَنه تجوز الْأَرْبَعَة فَمَا دونهَا ، وَمِمَّنْ ذكره من أَصْحَابنَا
الْبَغَوِيّ فِي "التَّهْذِيب" ، وَتَبعهُ الرَّافِعِيّ وَالنَّوَوِيّ " انتهى .
ثالثا :
أما أن ينسج الحرير مع غيره ويخلط به ، فيصير الثوب خليطا من الحرير وغيره : فهذا
لا يجوز ، سواء كان الحرير أقل أو أكثر ؛ فقد روى البخاري (5650) عن البراء بن عازب
رضي الله عنهما ، قال : ( نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ خَاتَمِ الذَّهَبِ ، وَلُبْسِ الحَرِيرِ ، وَالدِّيبَاجِ ،
وَالإِسْتَبْرَقِ ، وَعَنِ القَسِّيِّ ، وَالمِيثَرَةِ ) .
قال الحافظ رحمه الله :
" وَاسْتُدِلَّ بِالنَّهْيِ عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ عَلَى مَنْعِ لُبْسِ مَا
خَالَطَهُ الْحَرِيرُ مِنَ الثِّيَابِ ، لِتَفْسِيرِ الْقَسِّيِّ بِأَنَّهُ مَا
خَالَطَ غَيْرُ الْحَرِيرِ فِيهِ الْحَرِيرَ " انتهى من " فتح الباري " (10/294) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" وَحَدِيثُ السِّيَرَاءِ وَالْقَسِّيّ : يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَحْرِيمِ مَا
ظَهَرَ فِيهِ خُيُوطُ حَرِيرٍ أَوْ سُيُورٌ لَا بُدَّ أَنْ يُنْسَجَ مَعَ غَيْرِهَا
مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ الْقُطْنِ ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ الْحَرِيرُ، فَالنَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَهَا لِظُهُورِ الْحَرِيرِ فِيهَا ،
وَلَمْ يَسْأَلْ هَلْ وَزْنُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مِنْ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ
أَكْثَرُ أَمْ لَا ، مَعَ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ أَقَلُّ " انتهى من " الفتاوى
الكبرى " (5/351) .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" لا يجوز لبس الثوب من الحرير خالصًا أو مخلوطًا ، إلا إذا كان الخلط من الحرير
طرازًا أو نحوه ، لا يزيد مجموعه على أربعة أصابع ، فتجوز " انتهى .
http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaSubjects.aspx?languagename=ar&View=Page&HajjEntryID=0&HajjEntryName=&RamadanEntryID=0&RamadanEntryName=&NodeID=7521&PageID=15423&SectionID=3&SubjectPageTitlesID=37721&MarkIndex=4&0
رابعا :
الكلام السابق : إنما هو في الحرير الطبيعي .
وأما الحرير الصناعي فلا يدخل في التحريم ، وهذا هو الذي يوجد عادة في عامة محلات
الخياطة . فإذا لم يتبين لك هل هو طبيعي أو صناعي : فاسأل صاحب المحل ، أو أرباب
الخبرة ، وليس من المعتاد ، بل ولا من المعقول : أن يخبرك أنه حرير صناعي ، في حين
أنه طبيعي ؛ لأن النفس في الطبيعي أرغب ، وأثمانه أعلى بأضعاف مضاعفة ، بل العكس هو
الوارد : أن يغش البائع من لا خبرة له من المشترين ، ويوهمهم أنه حرير طبيعي ، في
حين أنه حرير صناعي ؛ فمتى أخبرك البائع أن هذا حرير صناعي ، فالأصل قبول خبره في
ذلك ، واعتماد كلامه في حل بيعه وشرائه ، إلا أن يتبين أن الأمر على خلاف ذلك .
وينظر للفائدة : إجابة السؤال رقم : (30812) .
والله أعلم .
تعليق