الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

هل لصاحب السلس أن يصلي جالساً إذا كان في ذلك حفاظاً على طهارته ؟

149765

تاريخ النشر : 27-06-2010

المشاهدات : 12664

السؤال

أود أن أسأل إذا كان جائز للشخص صاحب سلس البول أن يصلي جالساً ؛ وذلك لأنها تخاف أن ينزل منها البول وهي ساجدة أو راكعة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
القيام في الفريضة ركن من أركان الصلاة ، ولا يسقط ذلك الركن إلا في حال العذر ؛ لما روى البخاري (1117) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ ، فَقَالَ : ( صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (67934) ، ورقم : (13822) .
 

ثانياً :
صاحب السلس لا يخلو من حالين :
الأول : أن يكون سلسه مستمراً ، بحيث لا يتمكن صاحبه من الطهارة وأداء الصلاة في وقتها ، فهذا يلزمه أن يتطهر ويتحفظ بشيء يمنع انتشار البول ، ويتوضأ بعد دخول وقت الصلاة ، ثم يصلي الفريضة وما شاء بعدها من نوافل ، ولا يضره ما خرج من البول .
الثاني : أن يكون سلسه غير مستمر ، كمن ينقطع عنه الخارج في وقتٍ يمكنه فيه الطهارة والصلاة ، فهذا يلزمه أن يؤخر الصلاة إلى وقت انقطاع الخارج .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" المصاب بسلس البول له حالان :
الأولى : إذا كان مستمرّاً عنده بحيث لا يتوقف ، فكلما تجمَّع شيء بالمثانة نزل : فهذا يتوضأ إذا دخل الوقت ويتحفظ بشيء على فرجه ، ويصلِّي ولا يضرُّه ما خرج .
الثانية : إذا كان يتوقف بعد بوله ولو بعد عشر دقائق أو ربع ساعة : فهذا ينتظر حتى يتوقف ثم يتوضأ ويصلِّي ، ولو فاتته صلاة الجماعة " انتهى من "أسئلة الباب المفتوح" (س 17 ، لقاء 67 ) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (66074) .
 

ثالثاً :
صاحب السلس إذا كان ينزل منه البول أثناء الصلاة في حال دون حال ، كأن ينزل منه البول في حال القيام دون حال القعود ، ففي هذه الحال يصلي جالساً ولا حرج عليه .
قال النووي رحمه الله : " قال البغوي : لو كان سلس البول بحيث لو صلى قائما سال بوله ولو صلى قاعدا استمسك فكيف يصلي ؟ فيه وجهان : أصحهما : قاعدا ، حفظا للطهارة ، ولا إعادة عليه " انتهى من "المجموع" (2/561) .
وقال البهوتي رحمه الله : "أو لحقه السلس إن صلى قائما , صلى قاعدا ؛ لأن للقيام بدلا , وهو القعود " انتهى من "كشاف القناع" (1/218) .
وجاء في الموسوعة الفقهية (25/190) : " ولو استمسك الحدث بالجلوس في الصلاة وجب بلا إعادة " انتهى .

أما إذا كان البول لا ينزل ، إلا في حال السجود أو الركوع ، فالمذهب عند الحنابلة : أنه في هذه الحال يركع ويسجد حتى ولو نزل منه البول في تلك الحال ، ولا يجوز له أن يومئ عند ركوعه وسجوده .
قال منصور البهوتي رحمه الله : "ومن لم يلحقه السلس إلا راكعا أو ساجدا ركع وسجد نصا (أي : نص عليه الإمام أحمد) ولا يكفيه الإيماء" انتهى من "شرح منتهى الإرادات" باختصار (1/123) .

والقول الثاني : أنه يؤمى بالركوع والسجود إذا كان في ذلك محافظة على الطهارة .
قال ابن مفلح رحمه الله : " ولو قدر على حبسه حال القيام لا حال الركوع والسجود ركع وسجد نص عليه , كالمكان النجس ، ويتخرج : أن يومئ , جزم به أبو المعالي ؛ لأن فوات الشرط لا بدل له " انتهى من "الفروع" (1/281) .
و قال عثمان الزيلعي رحمه الله : " ثم الأصل في جنس هذه المسألة أن من ابتلى ببليتين وهما متساويتان يأخذ بأيهما شاء وإن اختلفا يختار أهونهما ; لأن مباشرة الحرام لا تجوز إلا للضرورة ، ولا ضرورة في حق الزيادة ، مثاله : رجل عليه جرح لو سجد سال جرحه وإن لم يسجد لم يسل ، فإنه يصلي قاعداً يومئ بالركوع والسجود ; لأن ترك السجود أهون من الصلاة مع الحدث , ألا ترى أن ترك السجود جائز حالة الاختيار في التطوع على الدابة ومع الحدث لا يجوز بحال ، فإن قام وقرأ وركع , ثم قعد وأومأ للسجود جاز " انتهى من "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق" (1/99) .

فالحاصل :
أنه لا حرج على من أصيب بالسلس أن يصلي قاعداً ، ويومئ بالركوع والسجود إن كان ذلك سيؤدي إلى عدم نزول ما ينقض الطهارة .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب