الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حكم التسمي بعبد القديم

121431

تاريخ النشر : 20-09-2008

المشاهدات : 19549

السؤال

أرغب في معرفة مدى جواز التسمية بعبد القديم ؟ .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
القديم ليس من أسماء الله تعالى ، لعدم وروده في الكتاب أو السنة ، وأسماء الله تعالى توقيفية ، فلا يسمى إلا بما سمى به نفسه أو بما سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "فهذا اللفظ لا يوجد لا في كتاب الله ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، بل ولا جاء اسم القديم في أسماء الله تعالى ، وإن كان من أسمائه الأول " انتهى من "منهاج السنة" (2/68).
وقال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله : " وقد أدخل المتكلمون في أسماء الله تعالى " القديم " ، وليس هو من أسماء الله تعالى الحسنى ، فإن القديم في لغة العرب التي نزل بها القرآن : هو المتقدّم على غيره ، فيقال : هذا قديم ، للعتيق ، وهذا حديث ، للجديد . ولم يستعمل هذا الاسم إلا في المتقدم على غيره ، لا فيما لم يسبقه عدم ، كما قال تعالى : ( حتى عاد كالعرجون القديم ) . والعرجون القديم : الذي يبقى إلى حين وجود العرجون الثاني ، فإذا وجد الحديث قيل للأول : قديم ... وأما إدخال " القديم " في أسماء الله - تعالى- فهو مشهور عند أكثر أهل الكلام . وقد أنكر ذلك كثير من السلف والخلف ، منهم ابن حزم . ولا ريب أنه إذا كان مستعملا في نفس التقدّم ، فإن ما يقدم على الحوادث كلها فهو أحق بالتقدم من غيره . لكن أسماء الله تعالى هي الأسماء الحسنى التي تدل على خصوص ما يمدح به ، والتقدم في اللغة مطلق لا يختص بالتقدم على الحوادث كلها ، فلا يكون من الأسماء الحسنى . وجاء الشرع باسمه " الأول " . وهو أحسن من " القديم " ؛ لأنه يشعر بأن ما بعده آيل إليه وتابع له ، بخلاف القديم ، والله تعالى له الأسماء الحسنى" انتهى من "شرح الطحاوية" ص 152
ومقصوده أن أسماءه سبحانه كلها حسنى كما قال : ( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) الأعراف/180
والحسنى : تأنيث الأحسن ، أي أسماؤه بالغة في الحسن غايته ، لاشتمالها على أكمل الأوصاف ، فلا نقص فيها بوجه من الوجوه .
والقديم في اللغة : المتقدم على غيره ، كما في قوله سبحانه : ( وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ) يس/39 ، ولا يلزم من القديم المتقدم على غيره أن يكون الأول . والله سبحانه هو الأول الذي ليس قبله شيء ، كما قال سبحانه : ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد/3
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ ) رواه مسلم (2713).
والحاصل أن القديم ليس من أسماء الله تعالى ، لكن يصح إطلاقه على الله من باب الخبر لا من باب التسمية ، لأن باب الأخبار أوسع من باب الأسماء والصفات .
قال ابن القيم رحمه الله: " ويجب أن تعلم هنا أموراً :
أحدها : أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى ، أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته ، كالشيء والموجود والقائم بنفسه .
فإنه يخبر به عنه ، ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا ".
ثم قال: " السابع : أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي ، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه . فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية ، أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع " انتهى من "بدائع الفوائد" (1/132).
ثانيا :
اختلف في التعبيد بالأسماء التي لم تثبت لله تعالى ، كالستار والناصر والمنعم والمغني مما شاع إطلاقه على الله تعالى ، فمن نظر إلى عدم ثبوتها منع من التعبيد بها ، ومن نظر إلى كونها عند الإطلاق تنصرف إلى الله تعالى ، جوز ذلك ، لا سيما إذا كان الإنسان قد سمي به ، والأولى الاقتصار في التعبيد على الأسماء الثابتة .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ما حكم التعبيد بأسماء لم يثبت كونها من أسماء الله الحسنى، مثل:( عبد الستار )،( عبد المغني )،( عبد الهادي )،( عبد المنعم ) ... ونحوها ؟ وهل يلزم تغييرها ؟
فأجاب : الصحيح أن ما دل من الأسماء بإطلاق على الله تعالى جاز التعبيد به ، كالمذكورة ، ولا يلزم تغييره ، ومثلها : عبد الناصر " انتهى من "ثمرات التدوين" للدكتور أحمد بن عبد الرحمن القاضي.
والقديم لا يدل بإطلاق على الله تعالى ، بل يحتمل أن يراد به شيء آخر ، فلا يظهر لنا جواز التعبيد به ، ولا نعلم أحدا من أهل العلم ذكره في الأسماء التي يسمى بها ، أو ذكر أن التسمي بذلك مما له أصل في عمل المسلمين .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب