افترت على زوجها كذباً ، فكيف تبرئ ذمتها من هذا الأمر؟

03-11-2004

السؤال 52807

لي قريبة بعد زواجها بيومين عادت إلى منزل أبيها وذكرت له أن الرجل الذي تزوجته لا يصلي وأنه أسمعها كلاما بذيئا لا يقوله عاقل ، وطلبت من والدها طلب الطلاق . وكان مهرها (40.000) ريال . وبعد تعقد الأمور ومماطلة الزوج بتقديم ورقة الطلاق اتفقوا على إرجاع (30.000) ريال من المهر .
السؤال الأول : تقول المرأة هل علي شيء في أخذ هذه العشرة آلاف . وأنا أريد أن أرجعها له إبراءً لذمتي لكني لا أستطيع فهل أتبرع بها ؟
السؤال الثاني : تقول المرأة إنها أخبرت والدها بالكلام الذي قاله لها الزوج والتصرفات التي تصرفها معها وهي صادقة بذلك , ولكنها ذكرت لوالدها عدة أمور لم يفعلها الزوج ولم يقلها فهل هذا بهتان وكيف تتحلل منه علما أنها لا تستطيع الذهاب إليه بل لا تعرف مكانه ؟.

الجواب

الحمد لله.

أولا : الأصل أن المطلقة بعد الدخول تستحق المهر كاملا ، وكون الزوج لم يطلقها إلا بعد رد المهر إليه ، فهذا خلع ، وهو جائز بالمهر وبأقل أو بأكثر منه .

وعليه فلا يلزم قريبتك أن ترد العشرة آلاف إلى زوجها السابق ، ما دام أنه قد تم الاتفاق على إسقاطها .

ثانيا : إذا كانت المرأة قد نسبت لزوجها أفعالا وأقوالا هو بريء منها ، فهذا بهتان محرم . والواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى ، وتدعو وتستغفر لذلك الزوج ، ولا يلزمها إعلامه ولا التحلل منه . وهكذا كل من اغتاب أو بهت إنسانا ، فإنه لا يشترط في التوبة إعلامه بذلك ؛ لما يترتب عليه من إيغار الصدور ، وزيادة البغض .

قال ابن القيم رحمه الله في الوابل الصيب ص219 :

" الفصل الخامس والستون فيما يقول من اغتاب أخاه المسلم :

يُذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته ، تقول : اللهم اغفر لنا وله ) . ذكره البيهقي في الدعوات الكبير ، وقال : في إسناده ضعف .

وهذه المسألة فيها قولان للعلماء ، هما روايتان عن الإمام أحمد ، وهما هل يكفي في التوبة من الغيبة الاستغفار للمغتاب أم لا بد من إعلامه وتحليله ؟

والصحيح أنه لا يحتاج إلى إعلامه ، بل يكفيه الاستغفار وذكرُه بمحاسن ما فيه في المواطن التي اغتابه فيها ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره . والذين قالوا : لا بد من إعلامه ، جعلوا الغيبة كالحقوق المالية . والفرق بينهما ظاهر ؛ فإن الحقوق المالية ينتفع المظلوم بعود نظير مظلمته إليه ، فإن شاء أخذها وإن شاء تصدق بها . وأما في الغيبة فلا يمكن ذلك ولا يحصل له بإعلامه إلا عكس مقصود الشارع ، فإنه يوغر صدره ويؤذيه إذا سمع ما رُمي به ، ولعله يهيج عداوته ولا يصفو له أبدا . وما كان هذا سبيله فإن الشارع الحكيم لا يبيحه ولا يجوزه ، فضلا عن أن يوجبه ويأمر به . ومدار الشريعة على تعطيل المفاسد وتقليلها ، لا على تحصيلها وتكميلها . والله تعالى أعلم " .

وقال السفاريني في شرح منظومة الآداب (2/577) :

" وذكر ابن عبد البر في كتابه بهجة المجالس ، قال حذيفة رضي الله عنه : كفارة من اغتبته أن تستغفر له . وقال عبد الله بن المبارك : التوبة من الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته . . .

قال في الآداب الكبرى : ومثل قول ابن المبارك اختار الشيخ تقي الدين وابن الصلاح الشافعي في فتاويه .

وقال شيخ الإسلام رضي الله عنه بعد أن ذكر الروايتين في المسألة المذكورة : فكل مظلمة في العرض ، من اغتيابِ صادقٍ ، وبهت كاذبٍ فهو في معنى القذف ؛ إذ القذف قد يكون صادقا فيكون غيبة , وقد يكون كاذبا فيكون بهتا , واختار أصحابنا أنه لا يُعلمه بل يدعو له دعاء يكون إحسانا إليه في مقابلة مظلمته كما روي في الأثر , وهذا أحسن من إعلامه , فإن في إعلامه زيادة إيذاء له , فإن تَضَرُّرَ الإنسان بما علمه من شتمه أبلغ من تَضَرُّره بما لا يعلم . ثم قد يكون ذلك سبب العدوان على الظالم أولاً ، إذ النفوس لا تقف غالبا عند العدل والإنصاف , ففي إعلامه هاتان المفسدتان . وفيه مفسدة ثالثة - ولو كانت بحق - وهو زوال ما بينهما من كمال الألفة والمحبة أو تجدد القطيعة والبغضة ، والله تعالى أمر بالجماعة ، ونهى عن الفرقة , وهذه المفسدة قد تعظم في بعض المواضع أكثر من بعض ... ) انتهى .

ومن رأى من أهل العلم وجوب التحلل من المظلوم في هذه المسألة ، استثنى حالة موته أو غيابه ، فيُكتفى حينئذ بالاستغفار والدعاء له والإكثار من الحسنات .

انظر : "الأذكار" للنووي (ص 308) .

وانظر السؤال (6308) ، (23328) .

والله أعلم .

الأخلاق المذمومة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب