هل يجوز دعوة الناس لإهداء ثواب التسبيح للميت من خلال مسبحة أونلاين؟

01-08-2024

السؤال 521041

ظهرت مواقع إلكترونية جديدة لإنشاء مسبحة أون لاين إلكترونية كصدقة للميت، وهو أن تضغط على الرابط، وتنشأ مسبحة باسم المتوفى، فتسبح عليها، وتكون صدقة باسم الميت، أو فى ميزان حسناته، وأقاربه يوزعون الرابط الخاص بالمسبحة باسمه للناس والمقربين حتى يسبحوا عليها، وتكون صدقة له، أو يأخذ حسنات بها، يعني مثلا مكتوب على المسبحة صدقة جارية باسم أحمد محمد. فهل ذلك يجوز؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

اختلف الفقهاء في وصول ثواب الذكر والتسبيح وقراءة القرآن إذا أهدي ذلك للميت، على قولين:

الأول: أنه يصل، وإليه ذهب الأحناف والحنابلة.

قال الملا علي القاري، رحمه الله: " وفي الهداية: مذهب أهل السنة والجماعة أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره: صلاة. أو صوماً، أو صدقة، أو غيرها. يعني قراءة قرآن، وأذكار، وأدعية". انتهى، من "فتح باب العناية بشرح النقاية" (1/ 440)، وينظر: "حاشية ابن عابدين" (2/595).

الثاني: أنه لا يصل، وهو المشهور من مذهب الشافعية.

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (1/ 90): "وأما قراءة القرآن: فالمشهور من مذهب الشافعي أنه لا يصل ثوابها إلى الميت.

وقال بعض أصحابه: يصل ثوابها إلى الميت.

وذهب جماعات من العلماء إلى أنه يصل إلى الميت ثواب جميع العبادات، من الصلاة والصوم والقراءة وغير ذلك.

وفي صحيح البخاري في باب من مات وعليه نذر أن ابن عمر أمر من ماتت أمها وعليها صلاة أن تصلي عنها.

وحكى صاحب الحاوي عن عطاء بن أبي رباح وإسحاق بن راهويه: أنهما قالا بجواز الصلاة عن الميت.

ومال الشيخ أبو سعد عبد الله بن محمد بن هبة الله بن أبي عصرون، من أصحابنا المتأخرين في كتابه "الانتصار" إلى اختيار هذا.

وقال الإمام أبو محمد البغوي من أصحابنا في كتابه "التهذيب": لا يبعد أن يطعم عن كل صلاة مد من طعام.

وكل هذه المذاهب ضعيفة.

ودليلهم القياس على الدعاء والصدقة والحج؛ فإنها تصل بالإجماع.

ودليل الشافعي وموافقيه: قول الله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) " انتهى.

وينظر: "الموسوعة الفقهية الكويتية" (15/57)، (16/45).

وقد سبق في جواب السؤال رقم: (46698) ترجيح القول والثاني وأن ذلك لا يصل للميت.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (459033).                                 

ثانيا:

ما جاء في السؤال من عمل رابط للتسبيح الإلكتروني، ودعوة الناس لفعل ذلك وهبة ثوابه لميت معين، ينبني حكمه على الخلاف السابق:

فعلى القول بوصول الثواب للميت: لا حرج في ذلك، ولا يعتبر من المسألة المذمومة، بل هو دعوة للإحسان للغير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ) رواه أبو داود (3221)، وصححه الألباني.

وقال وقد سئل عن الرقية: (مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ) رواه مسلم (4076).

وأما على القول بأن ثواب التسبيح لا يصل إلى الميت، فلا يشرع طلب التسبيح من الغير؛ لعدم الفائدة.

والأولى من ذلك: حثهم على الدعاء للميت، ويمكن أن تكتب بعض الأدعية، ويطلب من الأقارب ونحوهم الدعاء للميت بها، والدعاء يصل للميت اتفاقا.

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (11/85): " الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذلك الصدقة. وهما مجمع عليهما" انتهى.

والله أعلم.

الجنائز وأحكام المقابر
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب