ضيقت السيارة طريق المشاة فغضب وخلع لوحتها، فما الذي يلزمه؟

25-02-2024

السؤال 483111

أعيش فى دولة أوروبية، وكنت أعبر من الطريق المخصص للمشاة، ولكن كان هناك سيارتان تركنان فى هذا الطريق، تاركتان فتحة صغيرة جدا غير كافية للعبور، وأثناء عبوري من هذه الفتحة علق بنطالى فى لوحة السيارة فتلفت اللوحة قليلا، ولكنى بعدها تعمدت المرور من الفتحة، فخلعت اللوحة من السيارة عن عمد برجلى بسبب غضبى، فهل علي شيء، مع العلم أنى لا أعرف صاحب السيارة، ولا أعرف إذا كان مسلما أم لا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا وقفت السيارة في الطريق المعد للمشاة، فتلف منها شيء بمرور المار، مما لم يمكنه التحرز منه فهو هدر؛ لأن له حق المرور، وما ترتب على الماذون فغير مضمون، ولأن وقوف السيارة، مضيّقةً طريق العبور: تعدّ، فلا يُضمن، بل يضمن صاحبها ما تلف بسببها.

جاء في "شرح مجلة الأحكام" (2/ 639): "(المادة 932) :

" لكل أحد حق المرور في الطريق العام مع حيوانه أيضا، فلذلك لا يضمن المار راكبا على حيوانه في الطريق العام الضرر والخسارة اللذين لا يمكن التحرز عنهما. مثلا: لو انتشر أو تطاير من رجل الدابة غبار أو طين ولوث ثياب الآخر، ورفست برجلها المؤخرة، أو لطمت بذيلها وأضرت: لا يلزم الضمان، ولكن يضمن الراكب الضرر والخسارة اللذين وقعا من مصادمتها، ولطمة يدها أو رأسها؛ لإمكان التحرز من ذلك.

لكلٍّ حق المرور في الطريق العام بحيوانه، كما أن له حق المرور راجلا، على ما هو مذكور في المادة (926).

وعليه: لا يضمن المار راكبا حيوانه في الطريق العام الضرر والخسارة اللذين يوقعهما الحيوان بنفسه، ولا يمكن التحرز عنهما، انظر المادة (91) .

مثلا: لو انتشر من رجل الدابة غبار أو طين أو حصى أثناء سيرها في الطريق العام بينما كان صاحبها راكبا على الوجه المعتاد، فلوث أثواب الآخر أو مزقها، أو رفست برجلها أو لطمت بذيلها وأضرت، لا يلزم الضمان (رد المحتار)؛ لأن ذلك من ضروريات المسير، فلا يمكن التحرز عنه" انتهى.

وقال في زاد المستقنع: وإن ربط دابة بطريق ضيق، فعثر به إنسان، ضمن.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " فإذا ربط دابة بطريق ضيق، فعثر بها إنسان وانكسر، أو هلك: فعليه الضمان؛ لأنه متعد في ربطها في هذا المكان الضيق.

وعلم من كلام المؤلف: أنه لو ربطها بطريق واسع: فلا ضمان عليه. وهذا متجه إذا لم يربطها في طريق المارة، فإن ربطها في طريق المارة، فهو كما لو ربطها في طريق ضيِّقٍ؛ عليه الضمان.

فإن قال قائل: الطريق الواسع وإن كان مطرق الناس ـ في وسطه مثلا ـ فإن الإنسان يستطيع أن ينحرف يمينا أو شمالا.

قلنا: لنسأل هل هذا الرجل الذي ربط الدابة في الطريق الواسع ـ في مطرق الناس ـ معتد أو غير معتد؟ الجواب: معتد، وإذا كان معتديا فهو ظالم، وقد قال الله تعالى: إنما السبيل على الذين يظلمون الناس [الشورى: 42].

نعم لو ربطها في طريق واسع في أحد جوانبه فلا ضمان" انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 200).

وعليه؛ فلا ضمان عليك في التلف اليسير الذي حصل للوحة بسبب تعلق البنطلون بها، إذا لم يمكنك التحرز من ذلك.

ثانيا:

أما قيامك بضرب اللوحة مما أدى إلى خلعها، فهذا عدوان يوجب عليك الضمان.

وإذا لم يمكنك الوصول إلى صاحب السيارة للتحلل منه، أو لمعرفة ما غرمه لإصلاح لوحته، فعليك أن تجتهد في تقدير هذا الغرم، وأن تتصدق به عنه، ولا فرق هنا في كونه مسلما أو كافرا؛ فإن الكافر ينتفع بالصدقة في الدنيا، فإن أسلم أثيب عليها، كما روى مسلم (2808) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا عَمِلَ حَسَنَةً أُطْعِمَ بِهَا طُعْمَةً مِنَ الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ، فَإِنَّ اللهَ يَدَّخِرُ لَهُ حَسَنَاتِهِ فِي الْآخِرَةِ، وَيُعْقِبُهُ رِزْقًا فِي الدُّنْيَا عَلَى طَاعَتِهِ).

قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (17/ 150): "أجمع العلماء على أن الكافر الذي مات على كفره: لا ثواب له في الآخرة، ولا يجازى فيها بشيء من عمله في الدنيا متقربا إلى الله تعالى، وصرح في هذا الحديث، بأنه يطعَم في الدنيا بما عمله من الحسنات، أي بما فعله متقربا به إلى الله تعالى مما لا يفتقر صحته إلى النية، كصلة الرحم، والصدقة، والعتق، والضيافة، وتسهيل الخيرات، ونحوها...

وأما إذا فعل الكافر مثل هذه الحسنات، ثم أسلم، فإنه يثاب عليها في الآخرة، على المذهب الصحيح " انتهى.

وروى مسلم (123) عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، مِنْ صَدَقَةٍ، أَوْ عَتَاقَةٍ، أَوْ صِلَةِ رَحِمٍ، أَفِيهَا أَجْرٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ).

قال النووي رحمه الله في شرحه (2/ 141): "وذهب ابن بطال وغيره من المحققين إلى أن الحديث على ظاهره، وأنه إذا أسلم الكافر ومات على الإسلام: يثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر، واستدلوا بحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أسلم الكافر، فحسن إسلامه: كتب الله تعالى له كل حسنة زلفها، ومحا عنه كل سيئة زلفها، وكان عمله بعدُ: الحسنةُ بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله سبحانه وتعالى) ذكره الدارقطني في غريب حديث مالك، ورواه عنه من تسع طرق.

وثبت فيها كلها: أن الكافر إذا حسن إسلامه يكتب له في الإسلام كل حسنة عملها في الشرك.

قال ابن بطال رحمه الله تعالى، بعد ذكره الحديث: ولله تعالى أن يتفضل على عباده بما يشاء، لا اعتراض لأحد عليه. قال: وهو كقوله صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه: (أسلمت على ما أسلفت من خير). والله أعلم" انتهى.

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/ 347): " كنت في الجاهلية قبل التوبة إلى الله أعمل في شركة كورية في السودان، وكنت أعمل فيها في مهنة طاهي، وكان يعمل معي بالشركة الكورية طاهي كوري، فاشتريت منه بعض الأشياء من الشركة بدون علم المدير، وأيضا أخذت أشياء بطريقة غير شرعية من الشركة، وهذا الكلام منذ سنين، وأنا الآن بالأردن والشركة غادرت السودان، هل أعاقب عند الله وأنا أخذت من الشركة خشب وعملت به كراسي وسراير وبابا - وأنا أعي هذا وأعلم أنه غير شرعي- كيف العمل؟ أفتوني جزاكم الله خيرا. وإني أخاف الله كثيرا، وكل هذا قبل التوبة.

الجواب: يجب عليك رد الأشياء التي أخذت، أو قيمتها، إلى الشركة، ولو عن طريق مصرف بنكي، فإن لم تستطع، أو تعذر عليك ذلك: فتصدق بالقيمة على الفقراء بنيةٍ عن أهلها، مع التوبة والاستغفار إلى الله مما وقع.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.

والله أعلم.

الضمان
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب