الأسباب المفصلة لعذاب القبر

18-11-2005

السؤال 46068

ما هي المعاصي التي يعذب بها أصحابها في القبور؟

ملخص الجواب:

من أسباب عذاب القبر: الشرك بالله والنفاق وتغيير شرع الله، وعدم الاستبراء من البول والمشي بين الناس بالنميمة والغيبة، والكذب، وهجر القرآن بعد تعلمه والنوم عن الصلاة المكتوبة، وأكل الربا والزنا، وأمر الناس بالبر ونسيان النفس، والإفطار في رمضان من غير عذر، والغلول من الغنائم، وجرّ الثوب خيلاء والسرقة من الحُجَّاج، وحبس الحيوان وتعذيبه، والدّين.

الجواب

الحمد لله.

سبق في جواب السؤال رقم: (45325) ذكر أسباب عذاب القبر، ونذكر هنا مجموعة من هذه المعاصي مقرونة بأدلتها من القرآن والسنة الصحيحة.

قال الله تعالى عن آل فرعون: (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر/46.

وقال تعالى: (وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) الأنعام/93.

وذلك أن الكافر إذا احتُضر بشرته الملائكة بالعذاب والنكال والأغلال والسلاسل والجحيم وغضب الله عليه فتفرق روحه في جسده وتعصي وتأبى الخروج فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم قائلين لهم: (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ...) الأنعام/93.

ومما يدل على أن الشرك سبب من أسباب عذاب القبر حديث زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ:

بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ لِبَنِي النَّجَّارِ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ وَنَحْنُ مَعَهُ إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتَّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ: (مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ؟) فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا.

قَالَ: (فَمَتَى مَاتَ هَؤُلاءِ؟) قَالَ: مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ.. فَقَالَ: (إِنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَدَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ.. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ.. (الحديث). رواه مسلم (2867).

فقوله في الحديث: (ماتوا في الإشراك) دليل على أن الشرك سبب في عذاب القبر.

والمنافقون أولى الناس بعذاب القبر، كيف لا وهم أصحاب الدرك الأسفل من النار.

قال الله تعالى: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ) التوبة/101.

قال قتادة والربيع بن أنس في قوله تعالى: (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ): إحداهما في الدنيا، والأخرى هي عذاب القبر.

وفي أحاديث سؤال الملكين وفتنة القبر، ورد التصريح باسم المنافق، أو المرتاب في كثير من الروايات، كما في البخاري (1374) من حديث أنس رضي الله عنه: (.. وأما الكافر والمنافق فيُقال له..)، وفي الصحيحين من حديث أسماء رضي الله عنها: (وأما المنافق أو المرتاب).

والدليل على أن ذلك الإلحاد في شرع الله تعالى سبب من أسباب العذاب في القبر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ؛ كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ) رواه البخاري (4623).

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَجُرّ قُصْبه فِي النَّار) وَهِيَ الأَمْعَاء.

والسائبة: هي ناقة أو بقرة أو شاة كانوا يسيبونها فلا تركب ولا تؤكل ولا يحمل عليها، وكان بعضهم ينذر شيئا من ماله يجعله سائبة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العرب من ولد إسماعيل وغيره، الذين كانوا جيران البيت العتيق الذي بناه إبراهيم وإسماعيل، كانوا حنفاء على ملة إبراهيم، إلى أن غير دينه بعض ولاة خزاعة، وهو عمرو بن لحي، وهو أول من غير دين إبراهيم بالشرك وتحريم ما لم يحرمه الله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه" انتهى دقائق التفسير (2/71). 

فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَبْرَيْنِ فَقَالَ: (إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ...الحديث) رواه البخاري (218)، ومسلم (292). 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه) أخرجه الدارقطني، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (1/152). 

وعلى ذلك ترجم البخاري رحمه الله في كتاب الجنائز بقوله: "عذاب القبر من الغيبة والبول".

ثم روى فيه حديث القبرين السابق مع أن لفظ البخاري ليس فيه ذكر الغيبة، وإنما فيه النميمة، لكنه جرى عَلَى عَادَته فِي الْإِشَارَة إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْض طُرُق الحديث: (وأما الآخر فيعذّب في الغيبة).

أخرجه أحمد (5/35) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/66). 

ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ، وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَإِذَا هُوَ يَأْتِي أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرَهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ، قَالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الأَوَّلِ، فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ ذَلِكَ الْجَانِبُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ: قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا هَذَانِ؟

ثم قال عن هذا المعذب في آخر الحديث: (إنه الرجل يغدو من بيته، فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق ..) رواه البخاري (7074).

فيشرشر: أي يقطعه. والشدق: جانب الفم.

ففي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ، وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَه الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ، ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الأُولَى. قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: سُبْحَانَ اللَّهِ ! مَا هَذَانِ؟

وفيه: (والذي رأيته يُشْدَخ رأسُه فرجل علمه الله القُرْآن، فنام عنه بالليل، ولم يعمل به بالنهار).

(يثلغ رأسه): أي يشدخه ويشقه. (يتدهده): أي يتدحرج.

وفي رواية: (أَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ) رواه البخاري (7076).

وذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله أن هذه الرواية أوضح من الأولى؛ فإن ظاهر الأولى أنه يعذب على ترك قراءة القُرْآن بالليل، وأما الأخرى فتدل على أنه يعذب على نومه عن الصلاة المكتوبة.

قال: ويحتمل أن يكون العذاب على مجموع الأمرين؛ ترك القراءة، وترك العمل.

قال ابن حجر: "قال ابن هبيرة: رفض القرآن بعد حفظه جناية عظيمة؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب رفضه، فلما رفض أشرف الأشياء وهو القرآن عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس" انتهى من "فتح الباري" (3/251). 

ففي حديث سمرة رضي الله عنه قَالَ: (فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى نَهَرٍ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ سَابِحٌ يَسْبَحُ، وَإِذَا عَلَى شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً، وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الَّذِي قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ كُلَّمَا رَجَعَ إِلَيْهِ فَغَرَ لَهُ فَاهُ فَأَلْقَمَهُ حَجَرًا) إلى أن قال: (وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يَسْبَحُ فِي النَّهَرِ وَيُلْقَمُ الْحَجَرَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا).

ففي حديث سمرة رضي الله عنه: (فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ، قَالَ: فَاطَّلَعْنَا فِيهِ، فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا [أي: صاحوا] قَالَ: قُلْتُ لَهُمَا: مَا هَؤُلَاءِ؟) وفي آخره: (وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي).

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (رأيت ليلة أسري بي رجالاً تُقرض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم، وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟!) أخرجه أحمد (3/120) وصححه الألباني في "الصحيحة" (291). 

وعند البيهقي: (أتيت ليلة أُسري بي على قوم تُقرض شفاههم بمقاريض من نار، كلما قرضت وفت، فقلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون، ويقرءون كتاب الله ولا يعملون به) رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (128). 

فعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان، فأخذا بضَبُعَيَّ، وأتيا بي جبلاً فقالا لي: اصعد. فقلت: إني لا أطيقه. فقالا: إنا سنسهله لك. قال: فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا أنا بأصوات شديدة، فقلت: ما هذه الأصوات؟ قال: هذا عواء أهل النار. ثم انْطُلِق بي، فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً، قال: قلت: من هؤلاء؟ قال: هم الذين يفطرون قبل تحلة صومهم) أخرجه ابن حبان والحاكم (1/290،210)، وصححه الألباني في "الصحيحة" (3951). 

دل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الرجل الذي غل الثوب في بعض مغازيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عنه: (والذي نفسي بيده إن الشملة [ثوب] التي أخذها يوم خيبر من المغانم، لم تُصبها المقاسم، لتشتعل عليه ناراً) أخرجه البخاري (4234)، ومسلم (115). 

والغلول: هو أخذ الغازي شيئاً من الغنيمة دون عرضه على ولي الأمر لقسمته.

يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجلٌ يجر إزاره إذ خُسف به فهو يتجلجل إلى يوم القيامة) أخرجه البخاري (3485)، ومسلم (2088).

والتجلجل: أن يسوخ في الأرض مع اضطراب شديد ويندفع من شق إلى شق. فالمعنى: يتجلجل في الأرض، أي: ينزل فيها مضطرباً متدافعاً.

دلَّ على ذلك حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف.. وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ، وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا، وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ؛ كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ، فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي، وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ) رواه مسلم (904).

والمحجن: عصا معوجة الرأس.

ففي حديث جابر رضي الله عنه في صلاة الكسوف قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رَأَيْتُ فِيهَا [أي: النار] صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا) رواه مسلم (904).

قال البيهقي في كتابه: "إثبات عذاب القبر" (ص: 97): "ورأى حين صلى صلاة الخسوف من يجر قصبه في النار، ومن يعذب في السرقة، والمرأة التي كانت تعذب في الهرة وقد صاروا في قبورهم رميماً في أعين أهل زمانه، ولم ير من صلى معه من ذلك ما رأى" انتهى.

إن مما يضر الميت في قبره ما عليه من دين، فعَنْ سَعْدِ بْنِ الْأَطْوَلِ قَالَ: مَاتَ أَخِي وَتَرَكَ ثَلَاثَ مِائَةِ دِينَارٍ، وَتَرَكَ وَلَدًا صِغَارًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ، فَاذْهَبْ فَاقْضِ عَنْهُ) قَالَ: فَذَهَبْتُ فَقَضَيْتُ عَنْهُ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْقَ إِلا امْرَأَةً تَدَّعِي دِينَارَيْنِ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ. قَالَ: (أَعْطِهَا فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ) رواه أحمد (16776)، وابن ماجه (2/82)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (1550).

والله أعلم.

عذاب القبر ونعيمه
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب