هل يُوصَى بختم العام بالاستغفار والصيام ؟

27-01-2006

السؤال 44021

مع اقتراب نهاية السنة الهجرية تنتشر رسائل الجوال بأن صحيفة الأعمال سوف تطوى بنهاية العام ، وتحث على ختمه بالاستغفار والصيام ؛ فما حكم هذه الرسائل ؟ وهل صيام آخر يوم من السنة ، إذا وافق الاثنين أو الخميس بدعة.

الجواب

الحمد لله.

قد دلت السنة على أن أعمال العباد ترفع للعرض على الله عز وجل أولاً بأول ، في كل يوم مرتين : مرة بالليل ومرة بالنهار :

ففي صحيح مسلم (179) عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه قَالَ : قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لا يَنَامُ ، وَلا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ )

قال النووي رحمه الله : الْمَلائِكَة الْحَفَظَة يَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ اللَّيْل بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل النَّهَار , وَيَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ النَّهَار بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل اللَّيْل .

وروى البخاري (555) ومسلم (632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " فيه : أَنَّ الأَعْمَال تُرْفَع آخِرَ النَّهَار , فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه وَفِي عَمَله ، وَاَللَّه أَعْلَم ، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا – يعني صلاتي الصبح والعصر - ) " انتهى .

ودلت السنة على أن أعمال كل أسبوع تعرض ـ أيضا ـ مرتين على الله عز وجل .

روى مسلم (2565 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ إِلا عَبْدًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ : اتْرُكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا ) .

ودلت السنة أيضا على أن أعمال كل عام ترفع إلى الله عز وجل جملة واحدة في شهر شعبان :

روى النسائي (2357) عن أُسَامَة بْن زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟!!

قَالَ : ( ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) حسنه الألباني في صحيح الجامع .

فتلخص من هذه النصوص أن أعمال العباد تعرض على الله ثلاثة أنواع من العرض :

• العرض اليومي ، ويقع مرتين كل يوم .

• والعرض الأسبوعي ، ويقع مرتين أيضا : يوم الاثنين ويوم الخميس .

• العرض السنوي ، ويقع مرة واحدة في شهر شعبان .

قال ابن القيم رحمه الله : " عمل العام يرفع في شعبان ؛ كما أخبر به الصادق المصدوق ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس ، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل ، وعمل الليل في آخره قبل النهار . فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع في العام ، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله وطويت صحيفة العمل " انتهى باختصار من "حاشية سنن أبي داود" .

وقد دلت أحاديث عرض الأعمال على الله تعالى على الترغيب في الازدياد من الطاعات في أوقات العرض ، كما قال صلى الله عليه وسلم في صيام شعبان : ( فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) .

وفي سنن الترمذي (747) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) صححه الألباني في "إرواء الغليل" (949) .

وكان بعض التابعين يبكي إلى امرأته يوم الخميس وتبكي إليه ، ويقول : اليوم تعرض أعمالنا على الله عز وجل !! [ ذكره ابن رجب في لطائف المعارف ] .

ومما ذكرناه يتبين أنه لا مدخل لنهاية عام ينقضي ، أو بداية عام جديد ، بِطَيِّ الصُّحف ، وعرض الأعمال على الله عز وجل ، وإنما العرض بأنواعه التي أشرنا إليها ، قد حددت النصوص له أوقاتاً أخرى ، ودلت النصوص أيضا على هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار من الطاعات في هذه الأوقات .

وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله عن التذكير بنهاية العام في نهايته : " لا أصل لذلك ، وتخصيص نهايته بعبادة معينة كصيام بدعة منكرة " انتهى .

وأما صيام الاثنين أو الخميس ، إذا كان من عادة الإنسان ، أو كان يصومه لأجل ما ورد من الترغيب في صيامهما ، فلا يمنع منه موافقته لنهاية عام أو بدايته ، بشرط ألا يصومه لأجل هذه الموافقة ، أو ظنا منه أن صيامهما في هذه المناسبة له فضل خاص .

والله أعلم .

البدعة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب