هل من البدع التذكير يوميًا ببعض الأذكار الشرعية في برامج التواصل الاجتماعي؟

22-06-2023

السؤال 411642

اعتدت أن أرسل كل ليلة لزميلاتي على الواتس، حديث النبي صلى الله عليه وسلم :( مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَوْ خَطَايَاهُ - شَكَّ مِسْعَرٌ - وَإِنْ كَانَ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ)، ونيتي أن يحصلوا على هذا الفضل العظيم، فقالت لي إحدى الزميلات، إنني بهذا أفعل ذنبا، وإن هذا بدعة، فهل كلامها صحيح أم لا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

هذا الخبر رواه ابن حبان في "صحيحه" (12/338)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص 339)، عن أَحْمَد بْن يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، وجعفر بن ضمرة، قَالَا: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سَهْلٍ الْأَهْوَازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْكُوفِيُّ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَابَاهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَوْ خَطَايَاهُ - شَكَّ مِسْعَرٌ - وَإِنْ كَانَ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ .

وفي اسناده حبيب بن أبي ثابت، وهو مدلس ولم يصرح بالتحديث، وقد عده الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة، وهم من أكثروا من التدليس، فلم يحتج الائمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، حيث قال رحمه الله تعالى:

" حبيب بن أبي ثابت الكوفي، تابعي مشهور، يكثر التدليس، وصفه بذلك بن خزيمة والدارقطني وغيرهما " انتهى من "طبقات المدلسين" (ص37).

ورواه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص471–472)، قال: أَخْبرنِي مُحَمَّد بن بشار، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن حبيب، عَن عبد الله بن باباه، قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول.

وَأخْبرنَا مُحَمَّد بن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن ابْن باباه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: (من قَالَ عِنْد مَنَامه لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد...).

وقال النسائي: لَيْسَ فِي حَدِيث شُعْبَة عِنْد مَنَامه.

لكن رواية سفيان بذكر المنام تؤيدها سائر الروايات، كما في رواية ابن حبان السابقة، وكما رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14/481)، (16/165) قال: حَدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَاهْ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (مَنْ قَالَ حِينَ يَأوِي إِلَى فِرَاشِهِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ).

وهذه أسانيد رواتها ثقات، إلا ما فيها من خشية تدليس حبيب كما سبق ذكره.

وقد مال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى إلى تصحيح الخبر؛ مرجحا بأن حبيبا ليس كثير تدليس، حيث قال:

" والسند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم؛ لولا أن حبيب بن أبي ثابت كان يدلس؛ كما قال ابن حبان نفسه، تبعاً لشيخه ابن خزيمة، لكن سبق مني بيان ما يرجح أن تدليسه قليل، وأن مثله يُمَشِّي العلماء حديثه، حتى يتبين أن فيه علة قادحة، وأنه لذلك أخرج له ابن حبان أحاديث معنعنة في "صحيحه"، وهذا منها، فانظره في الحديث الذي قبله.

على أن في هذا ما يؤمننا من تدليسه، وهو رواية شعبة عنه عند النسائي كما تقدم؛ فإنه من المعروف عنه حرصه في عدم التحديث عن المعروف بالتدليس إذا لم يصرح بالتحديث، كما في "تقدمة الجرح والتعديل" (161و169):

"وقال شعبة: كنت أتفقد فم قتادة، فإذا قال: "سمعت " أو "حدثنا"؛ حَفِظتُ، وإذا قال: "حدث فلان "؛ تَرَكتُه" انتهى من "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (7/1223).

وعلى القول بضعفه فهو ضعف ليس بفاحش، والضعيف يُتساهل فيه في باب فضائل الأعمال.

ثانيا:

ما تقومين به من تذكير أخواتك وصويحباتك بهذا الذكر، أو غير من الأوراد الشرعية: لا يدخل في البدع؛ لأنه دعوة إلى عمل مشروع، وسنن ثابتة، وهي داخلة في عموم النصوص الداعية إلى التذكير والتواصي بالحق والصبر.

قال الله تعالى:  وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ الذاريات/55.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى:

" والتذكير نوعان: تذكير بما لم يُعرف تفصيله...

والنوع الثاني من التذكير: تذكير بما هو معلوم للمؤمنين، ولكن انسحبت عليه الغفلة والذهول، فيذكّرون لذلك، ويكرر عليهم ليرسخ في أذهانهم، وينتبهوا ، ويعملوا بما تذكروه من ذلك، وليحدث لهم نشاطًا وهمة، توجب لهم الانتفاع والارتفاع" انتهى من "تفسير السعدي" (ص 812).

وتخصيصك للوقت كما نبهت : القصد منه مناسبته للتذكير وما فيه من مصلحة، فالوقت معلق بنفس الذكر، وهو مشروع ثابت، وليس معلقا بالتذكير؛ وإنما المناسب أن يكون التذكير قريبا من وقت الذكر، أو متصلا به، لئلا يُنسى.

فالحاصل؛ أنه لا بأس بهذا التذكير.

ولكن ينبغي التنبه إلى أن التذكير القصد منه النفع، فعلى المذكر أن يسلك أحسن السبل لذلك، فيتجنب ما يثير الخلاف أو الملل الذي لا تحصل معه الإستفادة.

فالأولى – الأخت الكريمة – أن تنوعي في تذكيرك لأخواتك، وتتركي زمنا بين تذكير وآخر، حتى لا يحدث تذكيرك مللا أو استثقالا، أو "يُنسى" و"يهمل"، كما هو الحال فيما يتكرر على المرء بصفة دائمة؛ فتضيع الفائدة، من حيث أردناها وقصدناها!!

والله أعلم

الدعوة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب