حكم دفع مال للدخول في قرعة لشراء جهاز وإذا لم يربح يعطى بالمبلغ المدفوع كوبونا للشراء من المتجر

09-10-2022

السؤال 385251

هناك برنامج يجعلك تدخل في قرعة لربح شيء معلوم، وأنت تختار كم تدفع، إذا جاء اسمك تربح الشيء بالسعر الذي وضعته، تستطيع وضع دولارا واحدا كل ساعة فقط، وإذا تم تجميع مبلغ معين تتم القرعة، وإن لم يتم فيعاد المال، وإن تمت القرعة ولم تربح يعاد لك المال على شكل كوبون بنفس قيمة المال الذي وضعته، والذي يمكنك استخدامه لشراء منتجات من هذه الشركة، وهنا خرجنا من القمار حسب علمي. فهل الاشتراك في هذا جائز أم لا؟ وما يفعل بالمنتوجات التي تم ربحها منه قبلا؟ لتضح الصورة أكثر سوف أقوم بسرد مثالا لكم: المسابقة لربح آخر جوال ايفون ١٣ مثلا، ولتتم القرعة يجب جمع ٣٠٠٠، قمت بوضع ٢٠ دولارا، وإذا تم جمع ٣٠٠٠ من المشتركين تتم القرعة، وإن لم تجمع يعاد المال لاصحابه نقدا، وإذا تم جمع ال٣٠٠٠ تتم القرعة، إذا ظهر اسمك تربح الهاتف ب٢٠ ريالا، ويتم إرساله اليك، وإن لم تربح يعاد لك ال٢٠ ريالا على شكل كوبون بنفس القيمة بالضبط لاستخدامه في متجرهم، أتمنى أن تكون الصورة واضحة، حسب علمي خرجنا من القمار؛ لأنك إما تفوز بقيمة معلومة أو ترد لك أموالك، وخرجنا من الغرر؛ لأن الجهاز الجائزة معلوم مسبقا.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يحرم التعامل بالطريقة المذكورة لأمرين:

الأول: أنها من القمار والميسر، وذلك أن الدافع إذا لم يربح أعطي كوبونا للشراء من المتجر، وقد لا يكون له حاجة للشراء منه أصلا، أو تكون أسعاره أزيد من غيره، ومجرد حجز مال الإنسان إلى أن يشتري: غُرم. والميسر هو غرم محقق وغُنم محتمل.

الثاني: أن دفع الإنسان المال قبل أن ترسو عليه القرعة، يعتبر سلفا؛ لأنه مال مضمون على المتجر وينتفع به، ويحرم الجمع بين السلف والبيع؛ لما روى الترمذي (1234)، وأبو داود (3504)، والنسائي(4611) عن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لاَ يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ) وصححه الترمذي، والألباني.

قال الخطابي رحمه الله: " وذلك مثل أن يقول له: أبيعك هذا العبد بخمسين دينارا على أن تسلفني ألف درهم في متاع أبيعه منك إلى أجل، أو يقول: أبيعكه بكذا على أن تقرضني ألف درهم، ويكون معنى السلف القرض، وذلك فاسد؛ لأنه إنما يقرضه على أن يحابيه في الثمن، فيدخل الثمن في حد الجهالة، ولأن كل قرض جَرَّ منفعة فهو ربا" انتهى من "معالم السنن" (3/ 141).

ثانيا:

من أخذ منتجا بهذه الطريقة المحرمة، وهو عالم بالتحريم، فالواجب أن يتصدق ببقية الثمن، ولا يرده على المتجر.

فلو كان الجهاز بألف وأخذه بعشرين دولارا، تصدق ب980 دولارا؛ لأنه اكتسب هذا الفرق بالمقامرة، فيتخلص منه ولا يرده إلى المتجر، لأن المتجر انتفع بالحرام من وجه آخر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وَمَنْ أَخَذَ عِوَضًا عَنْ عَيْنٍ مُحَرَّمَةٍ ، أَوْ نَفْعٍ اسْتَوْفَاهُ ، مِثْلَ: أُجْرَةِ حَمَّالِ الْخَمْرِ ، وَأُجْرَةِ صَانِعِ الصَّلِيبِ ، وَأُجْرَةِ الْبَغِيِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ : فَلْيَتَصَدَّقْ بِهَا ، وَلْيَتُبْ مِنْ ذَلِكَ الْعَمَلِ الْمُحَرَّمِ ، وَتَكُونُ صَدَقَتُهُ بِالْعِوَضِ كَفَّارَةً لِمَا فَعَلَهُ ؛ فَإِنَّ هَذَا الْعِوَضَ لَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ خَبِيثٌ ، وَلَا يُعَادُ إلَى صَاحِبِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى الْعِوَضَ ، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مَنْ نَصَّ مِنْ الْعُلَمَاءِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَد فِي مِثْلِ حَامِلِ الْخَمْرِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُمْ" انتهى من "مجموع الفتاوى"(22/142) .

وجاء في "الاختيار لتعليل المختار" (3/61): " الملك الخبيث : سبيله التصدق به" انتهى.

فإن كان جاهلا بالتحريم فلا يلزمه التصدق بشيء.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " وأما الذي لا ريب فيه عندنا فهو: ما قبضه بتأويل أو جهل، فهنا له ما سلف، بلا ريب، كما دل عليه الكتاب والسنة والاعتبار" انتهى من "تفسير آيات أشكلت على كثير من العلماء" (2/592).

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله: " إذا كان لا يعلم أن هذا حرام، فله كل ما أخذ وليس عليه شيء، أو أنه اغتر بفتوى عالم أنه ليس بحرام: فلا يخرج شيئاً، وقد قال الله تعالى: (فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ" انتهى من "اللقاء الشهري" (67/ 19).

والله أعلم.

الميسر والقمار
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب