صيغة الشهادة التي يقولها المرتد للرجوع إلى الإسلام

15-02-2021

السؤال 342726

أعرف أن هناك العديد من الصيغ المختلفة لغير المسلم ليقول الشهادة ويصبح مسلماً، لكن سؤالي هو: هل المرء الذي هو مسلم بالفعل ومن ثمّ يرتكب الكفر الأكبر بالسخرية من الإسلام عليه أن يقول صيغة مختلفة من الشهادة؟ وهل يجب عليه أن يضيف "وحده لا شريك له" إذا ارتكب المسلم كفرا أكبر من خلال السخرية من الإسلام؟ هل يجب عليه أن يقول هذه الصيغة من الشهادة أم أنّ إضافة هذه الكلمات هي خيارية فقط؟ بعض الناس يقولون إلّا الله، والبعض يقولون إلّا ثم يتوقفوا قليلا ويقولوا الله أثناء قول الشهادة، أيهما صحيح؛ لأنني لا أعرف العربية؟ ففي هذه الشهادة، سمعت بعض الناس يقولون إلّا اللهُ لا شريك لهُ ورسولُهُ، كما سمعت بعض الناس يقولون إلّا الله لا شريك له ورسوله (بسكون الهاء)، أيّهما صحيح وإذا كان كلاهما صحيحًا، فأيّهما أفضل؟ وهل يجب أن يضاف "وحده لا شريك له" أثناء قراءة الشهادة في التشهّد في الصلاة وأثناء الشهادة بعد الوضوء؟ وهل كان النبي محمد يُضيف هذه الكلمات؟

ملخص الجواب:

المرتد حكمه حكم الكافر يعود إلى الإسلام بالشهادة. ويكفيه في عبارة الشهادة صيغة: " أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ". فلا يلزم لصحتها التلفظ بعبارة: "وحده لا شريك له". لكن مما يجب التنبه إليه هو أن التلفظ بشهادة التوحيد لا بد أن يقترن بها التصديق القلبي، واليقين بما دلت عليه.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

ماذا يقول المرتد للعودة للإسلام؟

المرتد حكمه حكم الكافر يعود إلى الإسلام بالشهادة.

فقد روى عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 168 - 169)، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " أَخَذَ ابْنُ مَسْعُودٍ قَوْمًا ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، فَكَتَبَ فِيهِمْ إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنْ اعْرِضْ عَلَيْهِمْ دِينَ الْحَقِّ، وَشَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنْ قَبِلُوهَا، فَخَلِّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلُوهَا فَاقْتُلْهُمْ، فَقَبِلَهَا بَعْضُهُمْ فَتَرَكَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْهَا بَعْضُهُمْ فَقَتَلَهُ".

ويكفيه في عبارة الشهادة صيغة: "أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ". فلا يلزم لصحتها التلفظ بعبارة: "وحده لا شريك له".

وإلى هذا يشير حديث ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ  رواه البخاري (25)، ومسلم (22).

وهذا محل إجماع بين العلماء.

قال ابن المنذر رحمه الله تعالى:

" أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الكافر إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن كل ما جاء به محمد حق، وأتبرأ من كل دين خالف دين الإِسلام. وهو بالغ صحيح يعقل: أنه مسلم." انتهى من"الإشراف" (8 / 75 – 76).

لكن إن زادها فهو حسن، فقد وردت في حديث عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ  رواه البخاري (3435)، ومسلم (28).

لكن مما يجب التنبه إليه هو أن التلفظ بشهادة التوحيد لا بد أن يقترن بها التصديق القلبي، واليقين بما دلت عليه.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى:

"عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله ( وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ)، والجنة حق والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)...

قوله: ( من شهد أن لا إله إلا الله )، أي: من تكلم بهذه الكلمة عارفا لمعناها، عاملا بمقتضاها باطنا وظاهرا، كما دل عليه قوله: ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ) وقوله: ( إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ). أما النطق بها من غير معرفة لمعناها ولا عمل بمقتضاها، فإن ذلك غير نافع بالإجماع " انتهى من " تيسير العزيز الحميد" (ص 51).

ثانيا:

وجوب التوبة على المرتد

يجب على المرتد، مع التلفظ بكلمة التوحيد: أن يتوب مما حصل منه من الاستهزاء بالإسلام.

وتكون التوبة بالندم على ما حصل منه والعزم على عدم العودة إليه.

قال النووي رحمه الله تعالى:

" قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى لا تتعلق بحق آدمي فلها ثلاثة شروط:

أحدها: أن يقلع عن المعصية.

والثاني: أن يندم على فعلها.

والثالث: أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا.

فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته." انتهى من "رياض الصالحين" (ص 14).

وراجع لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم: (9104).

وفي خصوص توبة المرتد، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" القاعدة في هذا: أن الكافر الأصلي نكتفي بالشهادتين، أو على الأصح بالشهادة الأولى، ونلزمه بالثانية.

والكافر غير الأصلي: لا بد أن يتوب مما كان سببا في الحكم عليه بالردة، مع الشهادتين، سواء أكان جحد فرض، أو جحد محرم، مجمع على تحريمه، أو جحد محلل مجمع على حله أو ترك الصلاة، وما أشبه ذلك." انتهى من"الشرح الممتع" (14 / 468).

وينظر للفائدة حول توبة المرتد: جواب السؤال رقم: (246392).

ثالثا:

طريقة التلفظ بالشهادة

الأصل في التلفظ بشهادة التوحيد أن تقال متصلة لأن معناها يكون كاملا بالوقف في نهايتها وليس في وسطها على أداة الاستثناء.

فله أن يقول: "أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ" في نفس واحد.

وله أن يقول: "أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" ويقف ثم يقول: "وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ".

رابعا:

التلفظ بعبارة (وحده لاشريك له) بعد الوضوء وفي التشهد

عبارة:  وحده لاشريك له  في التشهد بعد الوضوء: هي من السنة لأنها وردت في الحديث كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم:(45730).

وأما قولها في التشهد في الصلاة، فالتشهد له صيغ متعددة صحيحة، جاء في بعضها:  وحده لاشريك له ، وبعضها لم ترد فيه هذه العبارة، فالكل صحيح ثابت.

وينظر جواب السؤال رقم: (98031).

والله أعلم 

الإيمان بالله
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب