ما معنى لقب شيخ الإسلام ؟

21-01-2021

السؤال 335513

ما معنى وأهمية لقب شيخ الإسلام؟ أيّ من علماء السلف شُرِّفوا بهذا اللقب؟ فعلى حدّ علمي ، حصل اثنان فقط من علماء السلف ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب على هذا اللقب.

ملخص الجواب:

لقب "شيخ الإسلام" هو مصطلح اصطلح عليه أهل العلم، والقصد منه الثناء على علم ودين من أطلق عليه، ويحتمل معاني عدّة حسنة. والمشهور في الاستعمال: أنّ من لقب به يعدّ قد تحققت فيه أوصاف الإمامة في الدين من رسوخ العلم بالوحي والعمل به والدعوة إليه، فيستحق أن تجتمع عليه جماعة المسلمين فيما ينوبهم من أمور دينهم. والأصل في المصطلحات الإباحة، إن لم تخالف حكما شرعيا، ومصطلح "شيخ الإسلام" لا يظهر فيه منهي، إذا أطلق على من يستحقه من غير مبالغة ولا كذب.

الجواب

الحمد لله.

لقب شيخ الإسلام 

لقب "شيخ الإسلام" هو مصطلح اصطلح عليه أهل العلم، والقصد منه الثناء على علم ودين من أطلق عليه، ويحتمل معاني عدّة حسنة.

والمشهور في الاستعمال: أنّ من لقب به يعدّ قد تحققت فيه أوصاف الإمامة في الدين من رسوخ العلم بالوحي والعمل به والدعوة إليه، فيستحق أن تجتمع عليه جماعة المسلمين فيما ينوبهم من أمور دينهم.

والأصل في المصطلحات الإباحة، إن لم تخالف حكما شرعيا، ومصطلح "شيخ الإسلام" لا يظهر فيه منهي، إذا أطلق على من يستحقه من غير مبالغة ولا كذب.

أسباب تسمية العالم بشيخ الإسلام 

قال ابن ناصر الدين رحمه الله تعالى:

" لفظة "شيخ الإسلام" تحتمل وجوها من معاني الكلام:

منها: أنه شيخ في الإسلام قد شاب، وانفرد بذلك عمن مضى من الأتراب، وحصل على الوعد المبشر بالسلامة: أنه ( من شاب شيبة في الإسلام فهي له نور يوم القيامة ).

ومنها ما هو في عرف العوام: أنه العُدة ومفزعهم إليه في كل شدة.

ومنها : أنه شيخ الإسلام بسلوكه طريقة أهله، قد سلم من شر الشباب وجهله، فهو على السّنة في فرضه ونفله.

ومنها: شيخ الإسلام بالنسبة إلى درجة الولاية، وتبرك الناس بحياته فوجوده فيهم الغاية.

ومنها: أن معناه المعروف عند الجهابذة النقاد، المعلوم عند أئمة الإسناد: أن مشايخ الإسلام والأئمة الإعلام هم المتبعون لكتاب الله عز وجل، المقتفون لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، الذين تقدموا بمعرفة أحكام القرآن ووجوه قراآته، وأسباب نزوله، وناسخه ومنسوخه، والأخذ بالآيات المحكمات، والإيمان بالمتشابهات، قد أحكموا من لغة العرب ما أعانهم على علم ما تقدم، وعلموا السنة نقلا وإسنادا، وعملا بما يجب العمل به اعتمادا، وإيمانا بما يلزم من ذلك اعتقادا، واستنباطا للأصول والفروع من الكتاب والسنة، قائمين بما فرض الله عليهم، متمسكين بما ساقه الله من ذلك إليهم، متواضعين لله العظيم الشأن، خائفين من عثرة اللسان، لا يدّعون العصمة ولا يفرحون بالتبجيل، عالمين أن الذي أوتوا من العلم قليل.

فمن كان بهذه المنزلة : حكم بأنه إمام، واستحق أن يقال له: شيخ الإسلام.

بعض من أطلق عليه لقب شيخ الإسلام من فقهاء المذاهب الأربعة 

وإذا نظرنا في مشايخ الإسلام، بعد طبقة الصحابة، وجدنا منهم خلقا بهذه المثابة " انتهى من"الرد الوافر" (ص 50 - 52).

وهذا اللقب وإن اشتهر به شيخ الإسلام ابن تيمية المتوفى سنة 728 هــ، بحيث إذا أطلق ينصرف إليه ، ولو لم يذكر معه اسمه، إلا أنه لم يختص به، فقد أطلق هذا اللقب على جملة من أهل العلم قبل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وبعده.

قال السخاوي رحمه الله تعالى:

"  قال الذهبي في "الكاشف" عن ابن المبارك: وناهيك به شيخ الإسلام، وشيخُ الإسلام إنما هو أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه الذي ثبَّت الزكاة، وقاتل أهل الردَّة فاعرفه. انتهى.

واشتهر بها أبو إسماعيل الهروي، واسمه عبد اللَّه بن محمد الأنصاري، صاحب كتاب "منازل السائرين" و"ذمِّ الكلام"، وكان حنبليًّا، وأبو علي حسان بن سعيد المنيعي الشافعي، وأبو الحسن علي الهكّاري، قال ابن السمعاني: كان يقال له: شيخ الإسلام، وكان شافعيًّا أيضًا.

وكذا لُقِّب به مِنَ الحنفية: أبو سعيد الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل السِّجْزي، المتوفى بعد السبعين وثلثمائة، وأبو القاسم يونس بن طاهر بن محمد بن يونس البصري، ذكره ابن مَنْدَه، ومات سنة إحدى عشرة وأربعمائة، والقاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن محمد السَّعدي، المتوفى في سنة إحدى وستين وأربعمائة، وربما لُقِّبَ ركن الإسلام أيضا، وأبو نصر أحمد بن محمد بن صاعد الصاعدي، قال فيه الذهبي: أحد من يُقال له: شيخ الإسلام، مات سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، وعلي بن محمد بن إسماعيل بن علي الإسبيجابي، مات سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، وتلميذه صاحب "الهداية" برهان الدين علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفَرْغاني مات في سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة، ومحمد بن محمد بن محمد الحُلْمِي، والعماد مسعود بن شيْبة بن الحُسين السِّندي، وأبو سعد المطهِّر بن سليمان الزَّنْجانِي، وسديد بن محمد الحنَّاطي.

واشتهر بها الأستاذ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني الشافعي، لقّبه بها ابن السمعاني في "الذَّيل"، وتاج الدين ابن الفِرْكاح وهو شافعي. ووصف بها ابنُ دقيق العيد شيخَه ابنَ عبد السلام، فقال: هو شيخ الإسلام. وأبو الفرج ابن أبي عمر، وهو حنبلي، أول مَنْ ولي قضاء الحنابلة، وابن دقيق العيد، وابن تيمية.

ولم يكن أبو الحجاج المِزِّي يثبتها في عصره لغير ابن تيمية، وابن أبي عمر، والتقيُّ السبكيِّ، وتزايد ظهورها في أيامه وأيام بنيه، خصوصا بالشام.

ثمَّ لقِّب السراج البلقيني بها، وكان -كما قرأته بخط ابن عمار- مقصورًا عليه...

وابتُذِلتُ هذه اللفظة، فوصف بها على رأس المائة الثامنة، وما بعد ذلك مَن لا يُحصى كثرة، حتى صارت لقبًا لكلّ من وليَ القضاء الأكبر، ولو كان عاريًا عن العلم والسنّ، وغيرهما...

وقد كان صاحب الترجمة – الحافظ ابن حجر- رحمه اللَّه جديرا بوصفه بهذه اللفظة، لوجدان أكثر المعاني التي سقناها فيه، وعند إطلاقها من المعتبرين في زمنه لا يُراد بها ولا يُفهم منها غيره، ولو لم يكن إلا أنه قد انتهت إليه مشيخة الإسلام في الحديث النبوي من غير مدافعة.

وقد وصف الإمام المبجل أحمد بن حنبل -وناهيك بورعه وتحرِّيه- أبا الوليد الطيالسي، وأحمد بن يونس بمشيخة الإسلام، ولم يكن لهما سوى فن الحديث، ولم تنحصر مشيخته في واحد منهما، رحمهم اللَّه وإيانا " انتهى من"الجواهر والدرر" (1 / 65 - 68).

والله أعلم.

المناقب
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب