حديث : ( إنك ما كنت ساكتًا فأنت سالم ) ضعيف .

06-07-2020

السؤال 333555

ما صحة حديث : ( إنك ما تزال غانماً ما سكت ، فإذا تكلمت كتب لك أو عليك ) ؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا: 

الحديث المذكور ، أخرجه الطيالسي" في "مسنده" (1/ 457) والبيهقي في "شعب الإيمان" (7/ 35) عَنْ مَكْحُولٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمُعَاذٍ :  إِنَّكَ مَا كُنْتَ سَاكِتًا فَأَنْتَ سَالِمٌ ، فَإِذَا تَكَلَّمْتَ فَلَكَ أَوْ عَلَيْكَ  .

وهو حديث ضعيف ؛ لعلتين :

الأولى : أنه مرسل ؛  لأنه من رواية مكحول الشامي ، وهو تابعي ، لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم .

والثانية : أنه من رواية محمد بن راشد الخزاعى ، وهو مختلف في توثيقه ؛ فوثقه أحمد وابن معين وغيرهما، وضعفه ابن حبان والدارقطني وآخرون . ورتبته عند الحافظ ابن حجر : صدوق يهم ، ورمي بالقدر . ولم يتابع على هذا الحديث . وينظر : "تهذيب الكمال" (25 /190)، و"تقريب التهذيب" (5875).

وقد ضعف الحديث العلامة الألباني في " السلسلة الضعيفة" (7125)، و"ضعيف الجامع" (2034).

ثانيا:

ثبت فضل الصمت ، والإمساك عن باطل القول، وفاحش الكلام في عدة أحاديث أخرى ، منها :

1- ما جاء عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ :  مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ  رواه البخاري (11)، ومسلم (42).

2- ما جاء عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا النَّجَاةُ ؟ قَالَ :  امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ   رواه الترمذي (2406)، وقال: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ " ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

3-  قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : "  أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ   ؟  قُلْتُ : بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ :  كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا   ، فَقُلْتُ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ :  ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ " رواه الترمذي (2616) وقال : " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".

4- ما جاء عن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ صَمَتَ نَجَا ) رواه الترمذي (2501) وقال : " هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ ". ورواه أحمد (6481)، وصححه الألباني . وقال شعيب الأرناؤوط : حديث حسن، ابنُ لهيعة- وإن كان سيء الحفظ- رواه عنه ابنُ المبارك في "الزهد" (385) ، وابنُ وهب في "الجامع" 1/49، وسماعهما منه صحيح.

ومعنى ذلك : أن الصمت سبب للنجاة ، فمن صمت نجا من آفات اللسان ، وآفات اللسان غير محصورة ، فكان سبيل النجاة والفلاح للعبد الناصح لنفسه أن يتأمل كلامه قبل أن يقوله ، فإن كان فيه خير ، تكلم به ؛ وإلا ففي الصمت منجاة من الإثم ، ومن مغبات جرائر اللسان ؛ وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم :  مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ  رواه البخاري (6019)، ومسلم (48).

قال ابن عبد البر رحمه الله : " الْكَلَام بِالْخَيْرِ ، مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَأَعْمَالِ الْبِرِّ : أَفْضَلُ مِنَ الصَّمْتِ ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ بِالْحَقِّ كُلُّهُ وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ .

وَإِنَّمَا الصَّمْتُ الْمَحْمُودُ : الصَّمْتُ عَنِ الْبَاطِلِ " انتهى من "التمهيد" (22/ 20) .

وينظر لمزيد من الكلام عن فضل الصمت جواب السؤال رقم : (236399).

والله أعلم.

الآداب والأخلاق والرقائق
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب