الزيادة في صيغة ذكر من الأذكار المسنونة

08-11-2020

السؤال 319964

هناك حديث قرأته عن فضل قول سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته، وقرأت حديثا آخر بفلظ سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله رضا نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله مداد كلماته، وأخرى سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، فهل يمكنني دمج الروايات كلها بلفظ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم عدد خلقه، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم رضا نفسه الخ.... ؟ فقد تعود لساني عليها، وأعتبرت أن فضلها يشمل الأحاديث السابقة، وكذلك قول سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم عدد خلقه ... الخ، مع التكرار معناه أنني كل ما أنتهي من جملة سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم عدد خلقه سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم رضا نفسه سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم زنة عرشه سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مداد كلماته أكون قد قلت سبحان الله وبحمده 4 مرات. فهل تكون هذه المرات الأربعة تحتسب في حديث فضل قول سبحان الله وبحمده 100 مرة كل يوم وليلة ؟ فأنا أحببت هذا الذكر بهذه الطريقة وصرت أواظب عليه، وإذا كان يحرم ولا يجوز الجمع فهل يجوز قول سبحان الله وبحمده عدد خلقه سبحان الله وبحمده رضا نفسه ... الخ ؟

ملخص الجواب:

الذي ينبغي هو الاقتصار على اللفظ النبوي ، فهو أفضل ، وأكمل . وقد يكون الثواب فيه مترتبا على تلك الكلمات المذكورة بعينها – كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله - ؛ فإذا بَدَّل الذاكر أو غَيَّر لفظا بلفظ من عنده : خشي عليه أن يحرم الثواب المذكور في الحديث .

الجواب

الحمد لله.

أولا :

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ ) رواه مسلم (2726)، وفي رواية له: أَنَّهُ قَالَ: ( سُبْحَانَ اللهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ  .

ورواه الترمذي (3555)، والنسائي (1352) بلفظ: قَالَ:   أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهَا: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ  ، وقال الترمذي: " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ".

فهذا الحديث برواياته هو عن واقعة واحدة وليست متعددة؛ فما دام أهل العلم قد صححوها جميعا، فالظاهر أن بعض الرواة اكتفى بطرف من الذكر، أو اختصر صيغته، فلا بأس للذاكر أن يأتي بالصيغة التي تستوفي الجميع؛ كما أشرت إليها في آخر السؤال.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" فالمهم أنه ينبغي لنا أن نحافظ على هذا الذكر.

سبحان الله وبحمده عدد خلقه (ثلاث مرات) سبحان الله وبحمده رضا نفسه (ثلاث مرات) سبحان الله وبحمده زنة عرشه (ثلاث مرات) سبحان الله وبحمده مداد كلماته (ثلاث مرات) فيكون الجميع اثنتي عشرة مرة " انتهى من "شرح رياض الصالحين" (5 / 516).

ثانيا:

الزيادة المذكورة : "سبحان الله العظيم" : هي -وإن كانت جائزة- ، لأنها لا تخرج عن كونها تسبيحا لله تعالى وتعظيما له ، إلا أننا لم نجدها في شيء من روايات الحديث السابق ، وإنما وردت في أحاديث أخرى ، فالأولى الاقتصار على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وعدم الزيادة عليه.

لكن إن أضافها المسلم أحيانا ، ولا يعتقد أفضليتها على الصيغة الثابتة بالسنة؛ فلا حرج في هذا.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كاملة من كل وجه، فإذا كان المشروع للعاطس أن يقول: الحمد لله فقط، فليقتصر الإنسان عليها.

فإذا زاد عليها ، نظرنا : إن كان يرى أن الزيادة عليها أفضل ؛ فهذا مبتدع.

وإن كان يرى أن هذه الزيادة من باب الجائز، ويفعلها أحيانا: فهذه ليست ببدعة، لكن الأولى المحافظة على ما جاءت به الشريعة من الأذكار، سواء في أذكار السلام أو العطاس أو غير ذلك، فإنه أفضل وأولى وأكمل " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (37 / 6 ترقيم الشاملة).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":

" الأصل في الأذكار وسائر العبادات الوقوف عند ما ورد من عباراتها وكيفياتها في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لما رواه البخاري وغيره عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ.

قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ:  لاَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.

فأبى النبي صلى الله عليه وسلم على البراء بن عازب أن يضع كلمة: ورسولك، مكان كلمة: ونبيك، في الذكر والدعاء عند النوم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (6 / 87 - 88).

وعلق الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى على هذا الحديث ؛ بقوله:

" وأولى ما قيل في الحكمة في رده صلى الله عليه وسلم على من قال: "الرسول" بدل "النبي" : أن ألفاظ الأذكار توقيفية، ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس، فتجب المحافظة على اللفظ الذي وردت به، وهذا اختيار المازري، قال: فيقتصر فيه على اللفظ الوارد بحروفه. وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعله أوحي إليه بهذه الكلمات فيتعين أداؤها بحروفها " انتهى من "فتح الباري" (11 / 112).

فالذي ينبغي هو الاقتصار على اللفظ النبوي ، فهو أفضل ، وأكمل .

وقد يكون الثواب فيه مترتبا على تلك الكلمات المذكورة بعينها – كما ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله - ؛ فإذا بَدَّل الذاكر أو غَيَّر لفظا بلفظ من عنده : خشي عليه أن يحرم الثواب المذكور في الحديث .

والله أعلم.

الأذكار الشرعية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب