لماذا لم يؤمر الرجال بتغطية رؤوسهم في الصلاة كالنساء؟

24-04-2024

السؤال 307344

لماذا ينص القرآن الكريم على أن النساء عليهن تغطية رؤوسهن حتى تقبل صلاتهن من الله ، لكن الرجال ليسوا مطالبين بفعل ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

الأصل هو الاشتراك في الأحكام بين الرجال والنساء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم عن النساء: "إنما هن شقائق الرجال". أخرجه البزار في مسنده (6418)، وصححه الشيخ الالباني في "السلسلة الصحيحة" (2863) . 

قال ابن العربي المالكي في "المسالك" (2/423) : "وقد روي "أن النساء شقائق الرجال"؛ يعني: أن الخلقة فيهم واحدة، والحكم فيهم بالشريعة سواء" انتهى.

وهذه مسألة أجمع عليها أهل العلم ، قال الرجراجي في "رفع النقاب عن تنقيح الشهاب" (3/217): "انعقد الإجماع على أن النساء والرجال سواء في التكاليف الشرعية، إلا ما دل عليه الدليل".

ثانيًا:

مما تختلف فيه أحكام النساء عن الرجال، وجوب تغطية المرأة لرأسها في الصلاة، فشرط صحة الصلاة ستر العورة بشيء لا يصف البشرة؛ لقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الأعراف/31.

 وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" رواه أبو داود (627)، والترمذي (375)، وابن ماجه (655)، وصححه الألباني في "الإرواء" (196).

ولا خلاف بين العلماء في وجوب تغطية المرأة لرأسها، خارج الصلاة وداخلها.

قال ابن القطان الفاسي في كتابه: "الإقناع في مسائل الإجماع": "ويجب على المرأة أن تواري جميع بدنها غير وجهها، فإذا فعلت ذلك تمت صلاتها باتفاق.

وأجمعوا أن الحرة البالغة عليها أن تخمر رأسها إذا صلت.

وأجمعوا أنها إن صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها إعادة الصلاة" .انتهى (1/121-122).

ثالثًا:

في حقيقة الأمر: إن الفرق هنا ليس بين أحكام المرأة في الصلاة وأحكام الرجل في الصلاة، بل الصلاة هنا وستر العورة فيها هو امتداد للتفريق الذي فرقه الله سبحانه بين لباس المرأة ولباس الرجل، فالرجل في عموم أحواله في الصلاة وغيرها لا يجب عليه ستر رأسه، والمرأة في عموم أحوالها في الصلاة وغيرها لا يجوز لها كشف رأسها إلا أمام محارمها.

والله سبحانه اختار لباس المسلم والمسلمة في الصلاة، بحيث يكون في صورة تامة الزينة، وتامة الوقار على ما يحب الله من عبده وأمته.

وهذا الاختيار للصلاة مما يدل على أن حجاب المرأة أمر يحبه الله، حتى وهي خالية بين يديه سبحانه لا يراها أحد، وأنه ليس حكمًا متعلقًا بنظر الرجال فقط، وإنما هو لباس يحبه الله، حتى إنه اختاره لتقوم المرأة بين يدي الله مرتدية إياه.

والتفريق بين نوعي اللباس هنا بحيث تغطي المرأة رأسها ولا يجب أن يغطي الرجل رأسه، هو امتداد أيضًا لطبيعة الفرق بين الرجل والمرأة، فصفة الستر في الرجل تختلف عن صفة الستر في المرأة، لاختلاف طبيعة الرجل والمرأة خِلقةً، فالمرأة مُنَشّأة في الحلية، لها خلقة تختلف في زينتها وجاذبيتها عن خلقة الرجل.

ففرقت الشريعة بين الرجل والمرأة، في اللباس، وفي الخروج بالعطر، وفي اشتراط المحرم للسفر، وكلها فروق نابعة من اختلاف الخِلقة، وحرص الشريعة على صيانة المرأة صيانةً تتناسب مع تعلق الأعين بها، وما قد يجره تعلق الأعين من خطر عليها، بالإضافة لما سبق وذكرناه أن الحجاب نفسه أمر يحبه الله  لما فيه من الحشمة والوقار اللذان يليق أن تقوم بهما المسلمة بين يديه سبحانه، ولا يشترط هذا في الرجل لاختلاف طبيعته وخلقته.

والتفريق في الأحكام والأوامر والنواهي بناء على اختلاف الطبيعة والخلقة، هو مما يؤيده العقل السليم، ويعمل به الناس كثيرًا في أمور دنياهم وفي حياتهم الاجتماعية، والدين الحق قرره وعمل به.

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب