حكم التنازل عن العطاء في المناقصة مقابل مال

27-08-2022

السؤال 283172

أود أن استوضح مدى شرعية الفعل التالي: نحن شركة قمنا بشراء عطاء خاص بمؤسسة، ومن ثم قمنا بالعمل على تسعيره بالشكل الطبيعي وحسب الأصول، وقبل موعد تسليم االعطاءات بيوم تفاجئنا باتصال من شركة كبرى تعرض أن تقوم بدفع مبلغ من المال لنا، على أن نقوم بالخروج من العطاء، أو وضع سعر كبير جدا يقوم هو بتحديده بما يضمن عدم حصولنا عليه، وأن يحصل هو عليه، وقد قام بذلك الفعل مع باقي الشركات، ودفع مبلغا لكل شركة، حيث إنه سيقوم بدفع مبلغ لكل شركة، ومن ثم يقوم بوضح هامش الربح الخاص به بشكل عالي، وقد رفضنا ذلك، وقمنا بالتقديم بشكل طبيعي وحسب الأصول، وتفاجئنا بأن تلك الشركة الكبيرة قامت بتسعير العطاء بعد رفضنا لعرضه بقيمة أقل من قيمة التكاليف، وذلك كإجراء تجاه رفضنا، ولضمان عدم ربحنا للعطاء بأي حال من الأحوال. سؤالي هنا: هل يجوز القبول بذلك المبلغ والتنازل عن العطاء؟ وما هو حكم الشرع في ذلك؟

الجواب

الحمد لله.

حكم تواطؤ المشاركين في المناقصة أو الحراج

يحرم تواطؤ المناقصين على أن تكون المناقصة لأحدهم، سواء كان ذلك بمقابل لمن يخرج من المناقصة، أو دون مقابل، ليراعى في مناقصة أخرى، لما في هذا التواطؤ من الغش والإضرار بالجهة الطارحة للمناقصة؛ فإن هدف المناقصة الحصول على أقل سعر مع تحقق الشروط المطلوبة، وهذا التواطؤ ينافيه، بل يؤدي إلى رفع السعر، وربما الإخلال بالشروط أيضا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في جوابِ سؤالٍ مشابه لهذه المسألة: "إذا اتفق أهل السوق على أن لا يُزايدوا في سلعٍ هم محتاجون لها، ليبيعها صاحبها بدون قيمتها، ويتقاسمونها بينهم، فإن هذا قد يضرّ صاحبها؛ أكثر مما يضر تلقّي السلع، إذا باعها مساومة، فإن ذلك فيه من بخس الناس ما لا يخفى" انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/304).

وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء ما نصه: "س: عندما يقام الحراج العلني في سلعة ما، ويحضر المشترون يحتالون بحيلة، يتفادون فيها زيادة بعضهم، وهي الاشتراك بطريقة لا يشعر بها البائع أو صاحب السلعة، بحيث يتوقف كل من له رغبة؛ لأنه شريك، والقصد عدم الزيادة في السلعة، أرجو التفضل عن حكم ذلك، هل ذلك جائز أم لا، وهل يصح البيع لأحد هؤلاء الشركاء إن وقع؟

ج: تواطؤ المشترين للسلعة في الحراج أو غيره على أن يقفوا بسعر السلعة عند حد معين، واحتيالهم لمنع الزيادة فيها: حرام؛ لما في ذلك من الأثرة الممقوتة، والإضرار بأرباب السلع، وكلٌّ من الأثرة وإضرار الإنسان بغيره ممنوع، وهو خلق ذميم، لا يليق بالمسلمين، ولا ترضاه الشريعة الإسلامية، وهو أيضا في معنى التسعير لغير ضرورة، وفي معنى تلقي الركبان ونحوهما، مما فيه إضرار فرد أو جماعة بآخرين، وتوليد الضغائن والأحقاد، وأكل أموال الناس بالباطل، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي الركبان، وبيع حاضر لباد، والتسعير لغير ضرورة، وسوم الرجل على سوم أخيه، وبيعه على بيع أخيه، وخطبته على خطبة أخيه، وما في معنى ذلك؛ لما فيه من الظلم والإضرار وتوليد الضغائن.

وعلى ذلك يكون للبائع المتواطَأِ على منع الزيادة في سلعته الخيار إن ظهر أنه مغبون في سلعته، إن شاء طلب فسخ البيع، وإن شاء أمضاه. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن منيع ... عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى من "فتاوى اللجنة"(13/113).

وانظر: جواب السؤال رقم:(5224) فقد نقلنا فيه فتوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

وعليه؛ فقد أصبتم بعدم الاستجابة لهذا التحايل والغش المحرم.

ولو أنكم فعلتم ذلك دائما، وفعلته الشركات الأخرى في مثل ذلك: فالذي يظهر أن هذه الشركة المذكورة لن تقوى على الدخول في جميع العطاءات بأقل من ثمن التكلفة، لأن كلفة ذلك سوف تكون عالية عليها، مع عدم فائدتها هي من ذلك؛ بل إما أن تدخل بثمن معقول كغيرها، وهنا يتحقق الغرض من المناقصة، وإما أن تتركها لمن يتحملها بقيتمها، فتندفع مفسدتها على السوق بمثل ذلك.

والله أعلم.

البيوع المحرمة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب