العمل على أبحاث وراثية تخص الأجنّة وحكم إسقاط الجنين المشوّه

11-12-2016

السؤال 243822


أعمل في مركز للأبحاث الطبية ، وقريباً سيقوم الفريق الذي أعمل معه بالتعاون مع فريق بحثي في فرنسا لدراسة الأسباب الوراثية وراء ازدياد حالات وفاة الأجنة بعد الولادة مباشرة ، أو بعد الولادة بفترة قصيرة ، بحيث إن المشروع قد يؤدي إلى اكتشاف طفرات جينية مسببة لهذه الظاهرة الغير معلومة أسبابها إلى الآن ، وبالتالي ، يتم سنّ قوانين تسمح بالإجهاض المبكّر في المستقبل إن تم اكتشاف وجود الطفرة المسببة لهذه الحالة في مرحلة مبكرة من الحمل . سؤالي هو : هل يمكنني المشاركة في هذا المشروع البحثي ، خاصة وأنه قد يساهم في نمو وازدهار مجال البحث العلمي في دولتنا، وسأكتسب خبرات عملية كثيرة ؟ أم هل بمشاركتي في هذا المشروع ، قد أكون شاركت (بشكل غير مباشر) بسنّ قوانين تسمح للإجهاض في فرنسا ؟ بماذا تنصحونني؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
لا حرج في مشاركتك في هذا المشروع البحثي؛ لما في ذلك من كسب الخبرات، والإسهام في نمو وازدهار البحث العلمي، ولما يرجى من الوقوف على أسباب تشوه الأجنة وموتها ومعالجة ذلك.
ثانيا:
الخوف من سن قوانين تسمح بالإجهاض لا يمنع من مشاركتك في هذا المشروع، لأن ذلك أمر مظنون متوهم، وعلى فرض وقوعه ، وكان فيه إثم ؛ فالإثم على أهله، لا على من قدم النتائج العلمية الصادقة.
ثالثا:
إجهاض الجنين المشوه فيه تفصيل :
1- فإذا ثبت تشوه الجنين بصورة دقيقة قاطعة لا تقبل الشك ، من خلال لجنة طبية موثوقة ، وكان هذا التشوه غير قابل للعلاج، وكان قبل نفخ الروح فيه أي قبل بلوغه 120 يوما، فالراجح إباحة إسقاطه ، نظراً لما قد يلحقه من مشاق وصعوبات في حياته ، وما يسببه لذويه من حرج ، وللمجتمع من أعباء ومسؤوليات وتكاليف في رعايته والاعتناء به ، ولعل هذه الاعتبارات وغيرها هي ما حدت بمجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من 15 رجب الفرد سنة 1410هـ وفق 10/2/1990م ، أن يصدر قراره : " بإباحة إسقاط الجنين المشوه بالصورة المذكورة أعلاه ، وبعد موافقة الوالدين ، في الفترة الواقعة قبل مرور مائة وعشرين يوماً من بدء الحمل " .
وقد وافق قرار المجلس المذكور أعلاه فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية.
وانظر جواب السؤال رقم : (12118) .
2- إذا كان التشوه مشكوكا فيه ، أو عُلم بعد بلوغ الجنين 120 يوما : لم يجز إسقاطه إلا إذا كان في بقائه خطر محقق على حياة الأم .
وانظر: السؤال رقم : (13319) ، ورقم : (110492) .
قال الدكتور خالد المشيقح في كتابه "المسائل الطبية والمعاملات المالية المعاصرة" (ص14) : " هذه التشوهات يقسمها الفقهاء في الوقت الحاضر إلى نوعين:
النوع الأول : التشوهات التي تحصل قبل نفخ الروح .
يعني : يكتشف أن هذا الجنين قد حصلت له عيوب خلقية قبل نفخ الروح .
فهذا أكثر المعاصرين يجوزون إجهاض الجنين في هذه المرحلة لقاعدة : ارتكاب أخف الضررين ، فالإجهاض ضرر ، وخروجه معيباً عيباً خلقياً ضرر عليه وعلى والديه .
النوع الثاني : اكتشاف العيوب والتشوهات الخلقية بعد نفخ الروح .
فهذا لا يجوز إجهاضه ؛ لما تقدم من الأدلة على حرمة قتل النفس ، لأنه بعد نفخ الروح أصبح نفساً معصومة ، لا يجوز الإقدام على قتلها وانتهاك حرمتها .
لكن تقدم لنا أن أكثر المعاصرين يجوزون إجهاض الجنين بعد نفخ الروح ، إذا كان في بقائه ضرر محقق على أمه .
وعلى هذا ، إذا كان الجنين مشوها خلقيا ، ومريضا ، ومرضه سيؤدي إلى تضرر الأم- هلاك محقق- فعلى ما سبق أن ذكرنا من الخلاف بين المتقدمين والمتأخرين في حكم الإجهاض ، فالمتقدمون لا يرون الإجهاض ، والمتأخرون يقولون : إن كان سيحصل هلاك محقق للأم فإنه يجهض ".
ثم قال: " تنبيه: ذكر بعض الأطباء : أن ما يتعلق بالعيوب التي تصيب الأجنة أنها أمور ظنية ، يعني ليست أموراً محققة .
وعليه : فإنه لا يجوز للوالدين ، وكذلك الطبيب ، التسرع في الإجهاض ، لأن هذه أمور ظنية ، فالأطباء تارة يذكرون شيئاً ، ثم ينقضونه ، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني : قال : إن هذه التشوهات الغالب أنها لا تكتشف إلا بعد نفخ الروح ، فإذا كان كذلك ، فتقدم أنه لا يجوز الإجهاض بعد نفخ الروح إلا على قول المتأخرين الذين جوزوا الإجهاض إذا كان في بقاء الجنين ضرر محقق ، أو هلاك محقق للأم " انتهى.

رابعا:
لا يجوز إسقاط الجنين السليم لاحتمال نزوله ميتا ، أو احتمال أنه يموت بعد الولادة ، إلا في حالتين:
الأولى: أن يثبت موته فعلا.
الثانية: أن يكون في بقائه خطر على حياة الأم، كما تقدم.

وإذا كان الغالب أنه لا يقال باحتمال نزوله ميتا إلا لكونه مشوه الخلقة، فهذا رجوع للمسألة السابقة، وتقدم التفصيل فيها والتفريق بين إسقاطه قبل نفخ الروح فيه، وبعده.
والله أعلم.

الجنايات
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب