فوائد الصلاة

02-06-2015

السؤال 228428

ما فوائد الصلاة في الحياة الدنيا؟

ملخص الجواب:

من فوائد الصلاة أنها تحقق صحة النفس وسعادتها. والصلاة تعين المسلم على إزاحة هموم الدنيا وأحزانها. والصلاة منشطة للجسم مذهبة للخمول خاصة إذا كان المصلي كثير النوافل وكثير المشي إلى المساجد. وللصلاة فائدة هامة وعظيمة للمجتمع المسلم وذلك من خلال الصلاة جماعة في المساجد، والتعارف والتقارب بين الناس في مثل تلك الأماكن الفاضلة، وتوحد القلوب على العبادة، واستقامتها في صف واحد، من غير تفريق بين كبير ولا صغير، ولا غني ولا فقير.

الجواب

الحمد لله.

الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم

كل ما أتت به الشريعة الإسلامية - ومنها الصلاة - فهو محقق لمصالح الدنيا والآخرة. قال العز بن عبد السلام رحمه الله تعالى:
" التكاليف كلها راجعة إلى مصالح العباد في دنياهم وأخراهم ". انتهى من " قواعد الأحكام " (2 / 73).

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحِكَم، ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها...
فهي قرة العيون، وحياة القلوب، ولذة الأرواح؛ فهي بها الحياة والغذاء، والدواء والنور، والشفاء والعصمة، وكل خير في الوجود فإنما هو مستفاد منها، وحاصل بها، وكل نقص في الوجود فسببه من إضاعتها، ولولا رسوم قد بقيت لخربت الدنيا وطوي العالم، وهي العصمة للناس وقوام العالم، وبها يمسك الله السموات والأرض أن تزولا، فإذا أراد الله سبحانه وتعالى خراب الدنيا، وطي العالم: رفع إليه ما بقي من رسومها؛ فالشريعة التي بعث الله بها رسوله هي عمود العالم، وقطب رحى الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة ". انتهى من " اعلام الموقعين " (4 / 337 - 338).

فالصلاة أوجبها الله تعالى بهذه الصفة المعروفة في نصوص الكتاب والسنة، محققة لجملة من مصالح العباد الدنيوية والأخروية.

وبتأمل الإنسان للصلاة وأحكامها يرى مدى عظمة نفعها للناس في هذه الدنيا، ومن ذلك:

فوائد الصلاة للنفس والروح 

تحقق الصلاة صحة النفس وسعادتها، وذلك من وجوه:

قال الله تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ الذاريات/56-58.

وقال تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ البينة/5.
وقال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ الأنعام/162-163.

قال الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ النحل/97.

وقال الله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَن نَّجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَّحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ الجاثية /21.

وأعظم باب لتحقيق الصلاح والتقوى هو الالتزام بالصلاة وإقامتها حق الإقامة من غير إخلال بها، فمن أقامها وحافظ عليها بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، فإنه يبعد نفسه عن سبل المنكر والفحشاء، ويحقق تقوى الله تعالى، ويدخل في زمرة عباد الله الصالحين.

قال الله تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ العنكبوت /45.

كما حكى الله تعالى قول يعقوب عليه السلام: قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ يوسف/ 86.
وأفضل وقت وحال لبث الإنسان أحزانه وهمومه إلى الله تعالى، هو وقت الصلاة؛ لأنه يكون بين يديه والعبد أقرب ما يكون من ربه حال سجوده.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ رواه مسلم (482).

فالصلاة تعين المسلم على إزاحة هموم الدنيا وأحزانها. قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ البقرة /45.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:
" يقول تعالى آمرا عبيده، فيما يؤملون من خير الدنيا والآخرة، بالاستعانة بالصبر والصلاة...
وأما قوله: (وَالصَّلَاةِ) فإن الصلاة من أكبر العون على الثبات في الأمر...
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه نعي إليه أخوه قُثَم وهو في سفر، فاسترجع، ثم تنحى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ".
انتهى من " تفسير ابن كثير " (1 / 251 - 253).

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جاءه ما يهمه فزع إلى الصلاة. عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ، صَلَّى" رواه أبوداود (1319)، وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود " (1192).

فالحاصل من كل ما مضى؛ أن الصلاة تساهم في تقويم نفس المسلم واعتدال مزاجها.
قال الله تعالى: إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا، إِلَّا الْمُصَلِّينَ، الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ المعارج / 19 – 23.

وهذه الأعمال أنفع وقاية للإنسان من الأمراض، والحكمة الطبية تقول: الوقاية خير من العلاج.
والصلاة منشطة للجسم مذهبة للخمول خاصة إذا كان المصلي كثير النوافل وكثير المشي إلى المساجد.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ على كُلَّ عُقْدَةٍ: عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ. فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ رواه البخاري (1142)، ومسلم (776).

الفوائد الاجتماعية للصلاة

فللصلاة فائدة هامة وعظيمة للمجتمع المسلم وذلك من خلال الصلاة جماعة في المساجد، والتعارف والتقارب بين الناس في مثل تلك الأماكن الفاضلة، وتوحد القلوب على العبادة، واستقامتها في صف واحد، من غير تفريق بين كبير ولا صغير، ولا غني ولا فقير.


ثم في طي ذلك من الحكم، ومنافع العبد ومصالحه، في دينه ودنياه، ما لا يبلغ قدره إلا الحكيم الخبير: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الملك/14.

وينظر لمزيد الفائدة هذه الأجوبة: 9603، 9940، 65847، 145725، 222744 .

 

والله أعلم.

الصلاة فضائل الأعمال
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب