ليس من السنة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جماعة عقيب الصلوات

24-10-2014

السؤال 221882


ما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وقول : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون .. " جماعة وراء كل صلاة ؟

الجواب

الحمد لله.


الذكر الجماعي عقب الصلاة ليس من السنة ، بل هو إلى البدعة أقرب ، سواء كان بصيغة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أم بالتسبيح والتحميد ، أم بالدعاء ، وقد سبق بيان ذللك في الفتوى رقم : (105644) .

فلا تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولا قراءة هذه الآية جماعة بعد كل صلاة .
وذلك لأدلة :
الدليل الأول :
أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة الكرام التزام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب كل صلاة فريضة ، ولا قول " سبحان ربك رب العزة عما يصفون " ، وقد ورد في كتب السنة الأحاديث والآثار التي تعلم الناس ما يشرع من الأذكار عقب الصلوات ، ليس في شيء منها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو قراءة هذه الآية الكريمة . ولهذا لما نقل ابن قيم الجوزية رحمه الله – في " جلاء الأفهام " (ص/434) – عن الحافظ أبي موسى وغيره الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقيب الصلوات ، علق على ذلك رحمه الله بقوله : " ولم يذكروا في ذلك سوى حكاية " يعني : لم يذكروا في ذلك حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وساق تلك الحكاية التي لا ينبني عليها حكم فقهي ، ولا استحباب شرعي .

وقال ابن الحاج المالكي رحمه الله :
" الصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر العبادات وأجلها [ ولكن ] ينبغي أن يسلك بها مسلكها ، فلا توضع إلا في مواضعها التي جعلت لها . ألا ترى أن قراءة القرآن من أعظم العبادات ، ومع ذلك لا يجوز للمكلف أن يقرأه في الركوع ولا في السجود ولا في الجلوس في الصلاة ؛ لأن ذلك ليس بمحل للتلاوة ، فالصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم أحدثوها في أربعة مواضع ، لم تكن تفعل فيها في عهد من مضى ، والخير كله في الاتباع لهم رضي الله عنهم ، مع أنها قريبة العهد بالحدوث جدا ، وهي : عند طلوع الفجر من كل ليلة ، وبعد أذان العشاء ليلة الجمعة ، وبعد خروج الإمام في المسجد على الناس يوم الجمعة ليرقى المنبر ، وعند صعود الإمام عليه يسلمون عند كل درجة يصعدها ....
والصلاة والتسليم على النبي صلى الله عليه وسلم لا يشك مسلم أنها من أكبر العبادات وأجلها ، لكن ليس لنا أن نضع العبادات إلا في مواضعها التي وضعها الشارع فيها ، ومضى عليها سلف الأمة " انتهى من " المدخل " (2/249-252) .

الدليل الثاني :
أن الذكر الجماعي بالصوت الواحد لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم .
قال الإمام الشاطبي رحمه الله – عن الذكر الجماعي بصوت واحد - :
" لو كان حقا لكان السلف الصالح أولى بإدراكه وفهمه والعمل به ، وإلا فأين في الكتاب أو في السنة الاجتماع للذكر على صوت واحد جهرا عاليا ، وقد قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ) ، والمعتدون : هم الرافعون أصواتهم بالدعاء .
وعن أبي موسى قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فجعل الناس يجهرون بالتكبير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس ! أربعوا على أنفسكم ، إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا ، وهو معكم ) ، وهذا الحديث من تمام تفسير الآية .
ولم يكونوا رضي الله عنهم يكبرون على صوت واحد ، ولكنه نهاهم عن رفع الصوت ليكونوا ممتثلين للآية .
وقد جاء عن السلف أيضا النهي عن الاجتماع على الذكر والدعاء بالهيئة التي يجتمع عليها هؤلاء المبتدعون ......
فالحاصل من هؤلاء أنهم حَسَّنوا الظن بأنفسهم فيما هم عليه ، وأساؤوا الظن بالسلف الصالح أهل العمل الراجح الصريح ، وأهل الدين الصحيح " انتهى باختصار من " الاعتصام " (2/108) .

الدليل الثالث :
أن الحرص على هذه البدعة غالبا ما سيؤدي إلى ترك السنة ، والمقصود بالسنة هنا السنة المتمثلة في الأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم عقب الصلوات ، فالمصلي إذا أتى مع الإمام بما ورد في السؤال بصوت جماعي واحد ، فقد يظن أن السنة قد تحققت ، فيكتفي ويقوم إلى حاجته ، وفي حقيقة الأمر قد فوت على نفسه أذكارا كثيرة مهمة عقب الصلوات ، منها ما يضاعف الأجور ، ومنها ما يحفظ الإنسان ، ومنها ما هو دعاء تتحصل به الحاجات والمهمات .

وقد صدق حسان بن عطية رحمه الله حين قال : " ما ابتدع قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها ، ثم لا يعيدها عليهم إلى يوم القيامة " رواه الدارمي في " السنن " (1/231) .

والله أعلم .

البدعة الأذكار الشرعية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب