هل يمكن لأحد من أهل الجنة أن يسأل ربه أن يجعله من أصحاب الدرجات العلى؟

21-02-2015

السؤال 221195


الجنة درجات ، وهناك يحصل المرء على كل ما يتمناه ، وهنا يظهر لي شيء من الإشكال. فدعونا نفترض أني من أصحاب الدرجات الدنيا في الجنة ، لكن بما أني سأحصل على كل ما أريد فلا ريب أني سأطلب من الله أن يجعلني من أصحاب الدرجات العليا ، فهل سيسمح لي ربي بالوصول إلى هناك ؟

ملخص الجواب:

والحاصل : أن ما يشاؤه أهل الجنة : هو ما يتنعمون به ، بحسب منزلتهم ودرجتهم في الجنة ، ويرضيهم الله بها ، فلا يحسدون من فضل عليهم ، ولا ينغص نعيمهم تعلقهم بمنزلة فوق منزلتهم . ولو كانت الإرادة مطلقة كما فهم السائل لجاز أن يريد الواحد من أهل الجنة منازل النبيين ، ويطلبها من رب العالمين ، ومعلوم أن هذا ممتنع ، وإلا لما كان معنى لتفضيل نبي على غيره ، ولا سابق بالخيرات ، على مقتصد ، أو ظالم لنفسه . والله تعالى أعلم .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الجنة درجات - نسأل الله أن نكون من أهلها - كما أن النار دركات - أعاذنا الله منها - وأهل الجنة في الجنة يتفاضلون في درجاتها بحسب ما كانوا عليه من الإيمان والعمل الصالح في الدنيا ، فأفضلهم علما وعملا وإيمانا أعلاهم درجة .
ولا يستطيع أهل الدرجات الدنيا تحصيل ما في الدرجات العلى ؛ لعدم قيامهم بما استحقوا من أجله تلك الدرجات .
ولو اشترك أهل الجنان بالنعيم الذي أعده الله لمن هو فوقهم : لما كان للتفاوت في المنازل والدرجات حكمة !
ومن عظيم عدل الله تعالى أن لا يساوي بين المستحقين للجنة في الدرجة والنعيم ؛ فالتفاضل بين الناس في الدنيا في الإيمان والطاعات يؤدي إلى التفاضل في المنازل والدرجات عنده سبحانه وتعالى .
انظر جواب السؤال رقم : (126349).
ثانيا :
أصحاب الجنة في نعيم مقيم ، سواء أهل الدرجات العلى أو من دونهم ، لهم فيها ما يشاءون ، كما قال تعالى : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ) النحل/ 31 ، وقال تعالى : ( لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ) الفرقان/ 16 ، وقال عز وجل : ( يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) الزخرف/ 71 .
قال ابن كثير رحمه الله :
" (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ) أَيْ : مِنَ الْمَلَاذِّ: مِنْ مَآكِلَ وَمَشَارِبَ ، وَمَلَابِسَ وَمَسَاكِنَ، وَمَرَاكِبَ وَمَنَاظِرَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، مِمَّا لَا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلَا أُذُنٍ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَر عَلَى قَلْبِ أَحَدٍ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (6/ 98) .
وقال السعدي رحمه الله :
" أي: مهما تمنته أنفسهم وتعلقت به إرادتهم حصل لهم على أكمل الوجوه وأتمها، فلا يمكن أن يطلبوا نوعا من أنواع النعيم الذي فيه لذة القلوب وسرور الأرواح، إلا وهو حاضر لديهم ، ولهذا يعطي الله أهل الجنة كل ما تمنوه عليه ، حتى إنه يذكرهم أشياء من النعيم لم تخطر على قلوبهم " .
انتهى من "تفسير السعدي" (ص 439) ، وينظر أيضا : (ص 579) .
الجنة والنار
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب