اتُّهِمت بفعل الفاحشة وهي بريئة ، ولا تملك دليل براءتها ، فماذا تفعل ؟

27-12-2014

السؤال 216444


فتاة اتهمها بعض الناس بالزنا وهي بريئة من ذلك ، فماذا يجب عليها أن تفعل في هذه الحالة ؟ هل تتجاهل الأمر ، وتتوكل على الله ليبرئ ساحتها، مع العلم أنها لا تملك دليلاً على براءتها ، فالله هو الشاهد الوحيد على براءتها ، فالناس ينظرون إليها نظرة سوء ، وقاطعها الناس ، وكل ذلك بسبب شخص أراد الانتقام منها ليغطي على أفعاله السيئة . أرجو النصيحة .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
يجب صيانة اللسان وحفظه من الوقوع في أعراض الناس ، وقد روى الترمذي (2616) وصححه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : " يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ : ( ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ؟ ) .
وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

وقذف المحصنة العفيفة هو من شر آفات اللسان ، ومن كبائر الذنوب ، وسيئات الأعمال ، ومن قذف المحصنة فهو فاسق ، ترد شهادته ، ويحدّ الحد ثمانين جلدة . قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور/4-5 .
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَمْ يَزَلْ فِي سَخَطِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْهُ وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ ) رواه أبو داود (3579) وغيره ، وصححه الألباني .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا : ( مَنْ قَذَفَ مَمْلُوكَهُ بِالزِّنَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ ) رواه مسلم (1660) .

وليعلم العبد أن الجزاء من جنس العمل ، وأن من سعي في فضيحة أخيه المسلم ، وتتبع عورته ، يوشك الله أن يعجل له عقاب ذلك ، وفضيحته بين الخلائق :
روى الترمذي (2032) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : " صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ : ( يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ لَا تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ ؛ فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ ) صححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

ثانيا :
ليس على هذه المرأة التي رميت بالزنا زورا : أن تقيم دليلا على براءتها ، بل هي بريئة بأصل إسلامها ، ولا يحل لأحد أن يرميها بغير ذلك ، من غير بينة شرعية ، والبينة الشرعية : هي أن يشهد عليها أربعة من الشهداء المسلمين العدول ، كلهم يقول إنه رآها تفعل ذلك ، أو تقر هي على نفسها بذلك ؛ وما لم يحدث ذلك : فهي بريئة ، لا يحل لأحد أن يتهمهما بغير ذلك ، ومن اتهمها به : أقيم عليه حد القذف ، وكان فاسقا ، كاذبا ، مردود الشهادة .
فإذا لم تكن في بلد ينصف فيه المظلوم ، ويقام فيه حد الشرع على القاذف المعتدي ، فإنها تجتهد في الدفع عن نفسها ما استطاعت ، ولتعتن في أمرها بما يلي :
- أن تتقي الله تعالى في السر والعلن ، فإن الله يدفع عن المظلومين ، ويدافع عن المؤمنين ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ) الحج/ 38 .
- أن تستعين بالله وتصبر ؛ فإن من استعان بالله على خير ليصيبه أو مكروه ليدفعه أعانه الله ، ومن صبر فله العاقبة ، وقد روى مسلم (2999) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ).
وروى أحمد (2800) عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ( ... وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ) وصححه الألباني في "ظلال الجنة" (1/125) .
- أن تدفع عن نفسها التهم والشبه التي أحاطت بها ما استطاعت ، ومن أفضل السبل في ذلك وأحسنه أن يرى الناس من هديها وسمتها وعملها ما يدفعون به هم عنها هذا الباطل .
- أن تتوجه إلى الله تعالى بخالص الدعاء ، أن ينجيها من هذا الكرب ويكشف عنها السوء ، وقد قال الله تعالى : ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/ 62 .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (112134) ، ورقم : (149276) .
والله تعالى أعلم .

الأخلاق المذمومة مشكلات نفسية واجتماعية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب