كيف يقوم ببرّ والديه وكيف يتعامل معهما وهما يصران على فعل المعاصي ؟

03-11-2014

السؤال 213881


والداي يعصون الله جهراً ، فكيف أبرهم ؟ وكيف أتعامل معهم ؟ بالرغم أن حالي معهم الآن هو السلام عليهم وإذا طلبوا مني أمر( حلال ) فعلته فقط، وأتحاشى الجلوس معهم كي لا أستفز مما يفعلوه من معاصي ( اختلاط أسري، تبرج، تدخين، موسيقى، قنوات فضائية، انحرافات فكرية وأخلاقية إلخ.. ) تمت مناصحتهم كثيرا ، إلى حد أنهم يبكون ولكن لا يغيرون شيئا أبداً. . فتوقفت عن نصيحتهم شفقة بهم ورحمة والله.. وبيني وبينهم السلام والهدايا والامتثال لما أرادوه من أمور مباحة ؟

الجواب

الحمد لله.

لا شك أن رؤية الولد أباه أو أمه على معصية الله مما يحزن قلبه ويكثر به همه وغمه ، فهو يريد لهما الاستقامة والصلاح والنجاة من عذاب الله وعقابه ، ويراهما على معصية الله والإصرار عليها ، لا شك أن هذا مما يجلب على نفسه كثيرا من الهم والحزن .

ونعلم جميعا أن هداية الخلق لله تعالى ، يهدي من يشاء منهم ، ويضل من يشاء ، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) القصص/ 56

وقال نوح عليه السلام لقومه : (وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) هود/ 34

فإذا علم الإنسان منا ذلك ، ورأى بعض من يحبه ويهمه أمره واقعا في المعصية ، فعليه أن يقوم بواجب الدعوة تجاهه ، وهو يعلم أن الهداية والإضلال بيد الله وحده ، يهدي من يشاء من عباده ويضل من يشاء .

والنصيحة لك بهذا الخصوص فيما يلي :

أولا : لا تتوقف عن نصحهما وإرشادهما ونهيهما عن المنكر ، وتوقفك عن ذلك بدعوى الشفقة عليهما : خلاف الشفقة عليهما والرحمة بهما ، لأن توالي النصح والإصرار عليه أقرب للشفقة والرحمة ، وأدعى للاستجابة والإذعان ، وأعظم في إقامة الحجة والبيان ، ومن يدري : متى يرق القلب ، ومتى يلين ، ومتى يسلم قياده إلى الناصح الأمين ، ويترك ما هو فيه .

ثانيا : يجب مراعاة الحكمة في وعظهما ، ومراعاة تمام الأدب والتوقير ، ومعرفة حقهما وفضلهما .

ثالثا : إذا رأيتهما على معصية أو فعل منكر : فاجتهد في أن تنهاهما بلطف ، فإن أصرا فاتركهما ولا تجلس حيث يعصى الله تعالى .

رابعا : أكثر من الدعاء لهما بالهداية ، ولا تيأس ؛ فإن الإلحاح في الدعاء من أسباب الاستجابة .

خامسا : سارع في طاعتهما وامتثال أمرهما ، ما لم يأمراك بمعصية الله .

سادسا : صاحبهما بالمعروف والإحسان ، ولا تلقهما إلا بالابتسامة والبشر وإلقاء السلام ، تأليفا لقلبيهما ومراعاة لحقهما .

سابعا : اصبر على ما عسى أن تلقاه منهما من أذى أو إعراض ؛ فإن النصر مع الصبر .

ثامنا : بيّن لهما أن المجاهرة بالمعصية من أعظم الذنوب ، فقد روى البخاري (6069) ومسلم (2990) عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ )

والمجاهرون هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها .

وحاصل الخير كله في معاملتك لوالديك ، هو كما قال الله تعالى : ( وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ) لقمان/15 .

يسر الله لك أمرك ، وثبتك على الهدى والصراط المستقيم ، وأقر عينك بصلاح والديك .

راجع للمزيد إجابة السؤال رقم : (114437) ، والسؤال رقم : (117042) ، والسؤال رقم : (158624)

والله أعلم .

بر الوالدين وسائل الدعوة مشكلات اجتماعية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب