زوجته اتهمت والدته بسرقة خاتمها !!

23-01-2013

السؤال 185208


زوجتي اتهمت أمي بسرقة خاتمها ، وأصرت على ذلك ، فاستحلفتُ أمي على المصحف دون علم الزوجة ، سرا ؛ هل أنا آثم على فعلتي ، مع العلم أن أمي معتادة على السرقة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الواجب عليك أن تسعى لمعالجة المشكلات التي قد تقع بين أمك وزوجتك بحكمة ؛ فلا تغضب أمك ، ولا تظلم زوجتك ؛ نعم ، إن حق الوالدة على ولدها ، لا يعدله حق آخر عليه ، لا حق الزوجة ، ولا الولد ، لكن ذلك لا يعني أن الآخرين ليست لهم حقوق عليك ، ولا يعني قيامك بحق أمك عليك ، أن تفرط في حقوق الآخرين ؛ بل أعط كل ذي حق حقه .
ومهما أمكن أن تفصل بين زوجتك وأمك في المعيشة ، وتقلل فرص الاختلاط بينهما ، فهو أحسن ، وأدعى لاستقامة العيش ، والتقلل من المشكلات .
راجع جواب السؤال رقم : (167997) .

ثانيا :
لا يحل لمسلم أن يتهم أخاه المسلم ، أو يقع في عرضه بمجرد ظن السوء ؛ قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ) الحجرات/12 .
روى البخاري (5144) ومسلم (2563) عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا ) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله "فتح الباري" (10/486) :
" َالنَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ عَنِ الظَّنِّ السُّوءِ بِالْمُسْلِمِ السَّالِمِ فِي دينه وَعرضه " انتهى .
وقال القرطبي رحمه الله :
"وَالَّذِي يُمَيِّزُ الظُّنُونَ الَّتِي يَجِبُ اجْتِنَابُهَا عَمَّا سِوَاهَا ، أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ تُعْرَفْ لَهُ أَمَارَةٌ صَحِيحَةٌ وَسَبَبٌ ظَاهِرٌ كان حراما واجب الاجتناب ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمَظْنُونُ بِهِ مِمَّنْ شُوهِدَ مِنْهُ السَّتْرَ وَالصَّلَاحَ ، وَأُونِسَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ فِي الظَّاهِرِ ، فَظَنُّ الْفَسَادِ بِهِ وَالْخِيَانَةِ مُحَرَّمٌ ، بِخِلَافِ مَنِ اشْتَهَرَهُ النَّاسُ بِتَعَاطِي الرَّيْبَ وَالْمُجَاهَرَةِ بِالْخَبَائِثِ " انتهى من "تفسير القرطبي" (16/331) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الظن ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ظن خير بالإنسان، وهذا مطلوب أن تظن بإخوانك خيراً ماداموا أهلاً لذلك ، وهو المسلم الذي ظاهره العدالة ، فإن هذا يُظن به خيراً ، ويُثنى عليه بما ظهر لنا من إسلامه وأعماله.
القسم الثاني : ظن السوء ، وهذا يحرم بالنسبة لمسلم ظاهره العدالة ، فإنه لا يحل أن يظن به ظن السوء ، كما صرح بذلك العلماء، فقالوا - رحمهم الله -: يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة ، أما ظن السوء بمن قامت القرينة على أنه أهل لذلك ، فهذا لا حرج على الإنسان أن يظن السوء به ، ولهذا من الأمثال المضروبة السائرة : (احترسوا من الناس بسوء الظن) ، ولكن هذا ليس على إطلاقه ، كما هو معلوم ، وإنما المراد: احترسوا من الناس الذين هم أهل لظن السوء فلا تثقوا بهم ، والإنسان لابد أن يقع في قلبه شيء من الظن بأحد من الناس لقرائن تحتف بذلك ، إما لظهور علامة في وجهه ، بحيث يظهر من وجهه العبوس والكراهية في مقابلتك وما أشبه ذلك ، أو من أحواله التي يعرفها الإنسان منه أو من أقواله التي تصدر منه فيظن به ظن السوء ، فهذه إذا قامت القرينة على وجوده فلا حرج على الإنسان أن يظن به ظن السوء " . انتهى من "تفسير سورة الحجرات" (49) .

والحاصل :
أن زوجتك لا تأثم إذا ظنت ذلك الأمر في أمك ، ما دامت أمك تعرف بذلك ، أو ظهرت منها قرائنه ؛ وحينئذ ، فالواجب عليك أن تفصل بينهما بحكمة ؛ فإن كان عند زوجتك بينة على ما تقول ، فاجتهد في استخلاص الحق بالحكمة والحيلة من والدتك .
وإن لم يكن عندها بينة ، وأنكرت أمك أن تكون سرقت ، فلا حرج عليك في أن تحلفها على ذلك ، بل هو أمر مشروع ؛ فالقاعدة الشرعية : الْبَيِّنَة عَلَى مَنِ ادَّعَى وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ.
وحينئذ ؛ فليس عليك حرج ، إن شاء الله ، فيما فعلت من تحليف أمك ، بل قد يكون هذا أبعد للمشاكل والتشاحن بينهما ؛ لكن إن وقع في نفسك صدق زوجتك ، وأن والدتك ربما تكون قد ألمت بذلك ؛ فاجتهد في تعويضها عنه بلطف وحيلة ، واجتهد أكثر مع أمك في أن تتوب إلى الله عز وجل ، وتنتهي عن مثل ذلك ، واجتهد أنت في كفايتها ، وإغنائها عن مثل ذلك .

وينظر في حكم الحلف على المصحف جواب السؤال رقم : (98194) .
والله أعلم .

الحقوق الزوجية الأخلاق المذمومة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب