هل تتحقق سنة العقيقة بذبح شاة واحدة للذكر ؟

15-07-2012

السؤال 178479


رزقنى الله بغلام عمره الآن سنتان ولم أعق عنه ، ورزقنى الله الآن بغلام آخر وأريد أن أعق عن الغلامين ، فهل إن ذبحت عن كل غلام شاة واحدة أكون قد أصبت السنة ؛ أم لابد من شاتين لكل غلام لإصابة السنة ؟ ، وإن ذبحت عن كل غلام شاة واحدة ، فهل أستطيع أن أذبح بعد ذلك عن كل غلام شاة أخرى ، ليتم للغلام شاتان ؟ ، وذلك عند تيسر الحال بفضل الله ، أم الأفضل والصحيح أن أعق عن أحدهما الآن بشاتين ، ولا أعق عن الآخر حتى يتيسر الحال بفضل الله ؟ وما الفرق بين أن تجزىء العقيقة وبين إصابة السنة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
العقيقة سنة مؤكدة ، ولا إثم على من تركها، وذلك لما رواه أبو داود (2842) أن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْهُ فَلْيَنْسُكْ ، عَنْ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ ، وَعَنْ الْجَارِيَةِ شَاةٌ ) وحسنه الشيخ الألباني في " صحيح أبي داود " .
فعلق النبي صلى الله عليه وسلم أمرها على محبة فاعلها، وهذا دليل على أنها مستحبة غير واجبة. انظر: "تحفة المودود" ص (157).

ثانياً:
السنة أن يعق عن المولود الذكر شاتان وعن الأنثى شاة واحدة ؛ لما روى رواه الترمذي ( 1516 ) والنسائي ( 4217 ) عن أم كرز أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة ، فقال عليه الصلاة والسلام : ( عَنْ الْغُلَامِ شَاتَانِ وَعَنْ الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ )، وصححه الألباني في " إرواء الغليل " ( 4 / 391 ).

قال الشيرازي رحمه الله: " والسنة أن يذبح عن الغلام شاتين , وعن الجارية شاة ؛ لما روت أم كرز ... ، ولأنه إنما شرع للسرور بالمولود , والسرور بالغلام أكثر, فكان الذبح عنه أكثر، وإن ذبح عن كل واحد منهما شاة جاز, لما روى ابن عباس رضي الله عنه قال: ( عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين عليهما السلام كبشا كبشاً ).." انتهى.
قال النووي رحمه الله في شرحه :" السنة أن يعق عن الغلام شاتين, وعن الجارية شاة , فإن عق عن الغلام شاة حصل أصل السنة, لما ذكره المصنف " انتهى من "شرح المهذب"(8/409) .

وفي "الموسوعة الفقهية" (30/280) : " وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يستحب أن يعق عن الذكر بشاتين متماثلتين ، وعن الأنثى بشاة ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية بشاة ) .
ويجوز العق عن الذكر بشاة واحدة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما ...
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه يعق عن الغلام والجارية : شاة شاة ؛ وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يفعله..." انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فإن لم يجد الإنسان، إلا شاة واحدة أجزأت ، وحصل بها المقصو، لكن إذا كان الله قد أغناه فالاثنتان أفضل " انتهى من "الشرح الممتع" (7/492).

ثالثاً:
إذا تبين أن أصل السنة يحصل بذبح شاة واحدة عن الغلام ، فإذا كان عنده غلامان ـ مثلا ـ وليس عنده سوى شاتين ، فالأقرب أن يذبح عن كل غلام منهما شاة ، فيحصل بذلك أصل السنة ، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ وفوات الكمال في كل واحد منهما ، أهون من فوات أصل السنة في أحدهما ، خاصة وقد قال بعض أهل العلم بوجوب العقيقة ، فإبراء الذمة من عقيقة الغلامين ، أولى من إبرائها من واحدة ، وبقاء الذمة مشغولة بالأخرى .
وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ؛ فعق عن الحسن والحسين : شاة شاة .

فإذا تيسر له مال بعد ذلك ، وأراد أن يكمل شاة أخرى مع التي ذبحها ، فنرجو أن ينفعه ذلك ، إن شاء الله ، وأن يتم له كمال ما قدم من العقيقة .
قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : " ولو ذبح واحدة اليوم ، والثانية ذبحها بعد أيام .. فلا مانع ، وليس اللازم أن تكون الشاتان مجتمعتين في وقت واحد " .
انتهى من "المنتقى من فتاوى الفوزان" .

رابعاً:
الفرق بين الإجزاء وإصابة السنة، أن إصابة السنة فيها خير زائد على الإجزاء، كما لو توضأ شخص وغسل أعضاء الوضوء مرة مرة ، فالوضوء مجزئ ولا يطلب منه الإعادة ، فإن توضأ ثلاثاً ثلاثاً فقد أتى بالمجزئ وله أجر عظيم لموافقته للسنة، وأيضاً من صام اليوم العاشر من محرم ولم يصم يوماً قبله أو بعده ، فعمله مجزئ وله أجره ، بخلاف من صام يوماً قبله أو بعده، فقد أتى بالمجزئ وزيادة في لموافقته لسنته - صلى الله عليه وسلم – حيث رغب بصيام يوم قبله أو بعده.

والله أعلم

العقيقة وأحكام المولود
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب