دفع افتراء المبطلين في أن الغلمان المخلدين خُلقوا للمثليِّين !

21-10-2011

السؤال 174691


لو سمحت ومن غير حساسية زائدة ( لا حياء في الدين ) أنا أريد أسأل عن " ولدان مخلدون " الذين يتكلم عنهم القرآن مع الحور العين , هل يمكن أن يكون ربي قد خلقهم لإشباع الرغبة الجنسية عند المثليين جزاءً لهم على صبرهم في الدنيا واجتناب المعاصي , أم إنه توجد فئة أخرى من الصبية الجميلين المخصصة للمثليين غير هؤلاء ؟ هذا السؤال ليس نكتة وإنما هو سؤال حقيقي وأتوقع الإجابة باحترام ومهنية ولا تنسوا أن اسم الموقع " الإسلام سؤال وجواب " ، ننتظر إجابتكم ، وشكراً .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
كان بإمكانك أن تسأل السؤال نفسه بطريقة لائقة ، وتذكر معلوماتك الحقيقية المتعلقة باسمك ولغتك ودينك ، ونحن لن نقصِّر – إن شاء الله – في إجابتك ، فقد أجبنا أسئلةً ليهود ونصارى وبوذيين وملحدين ، ولم تمنعهم أسئلتهم من ذكر معلوماتهم الصحيحة ، فكانوا موضع احترامنا وتقديرنا ، وأما أنت فتذكر في معلوماتك أن دينك " البوذية " وأن عملك هو " تاجر مخدرات " وأن لغتك " لغة الشارع " ، ولا ندري كيف يلتقي هذا مع سؤالك وخاصة قولك " ربي " فهل تتكلم عن " بوذا " أم عن رب العالمين ؟!
إن ادعاء المسلم على نفسه أنه على غير دين الإسلام : ردة ، والعياذ بالله ، ولو كان مازحا ؛ فمثل هذا لا مزاح فيه ، ولا سخرية ؛ فمن كان سائلا جادا ؛ فليسأل عما شاء ، مما يحتاجه من أمر دينه ودنياه ؛ لكن ما علاقة ذلك بأن يكتب في بياناته ما كتب ؟!
وعلى كل حال فإنه لن يمنعنا كل هذا من إجابتك لأننا نعلم أن هذه شبهة يرددها أعداء الإسلام.

ثانياً:
قد قرأنا لبعض الملحدين أن الإسلام أغرى العرب و" المثليين " في الإسلام بأن لهم في الجنة غلماناً جميلين لفعل الفاحشة بهم – عياذاً بالله - ، وقد أعمت شهوة الجنس وفساد الفطرة والحقد على الإسلام هؤلاء فراحوا يأتون بآيات من القرآن الكريم ظنوا أنها أدلتهم على ما افتروه على دين الإسلام ، ولا شك ولا ريب أنهم كاذبون مفترون ، وأن الإسلام لم يأتِ إلا بالطهارة والعفاف ولا يوجد مثل هذا الشذوذ إلا في المجتمعات فاسدة الفطرة ، وقد عاقب الله تعالى سلفهم – وهم قوم لوط – بما لم يعاقب به أحداً من الأمم .
وقد عدَّ الإسلام الشذوذ الجنسي – اللواط - جريمة كبرى ، وقد وُصف قوم لوط عليه السلام الذين جاءوا بهذا الذنب القبيح بالعدوان والجهالة والإسراف والإجرام ؛ لفعلهم المنافي للفطرة هذا ، واقرأ ما ذكره الله تعالى عن لوط عليه السلام في خطابه لقومه :   أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ . وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ  الشعراء / 165- 166 ، وقال تعالى :  وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ . أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ  النمل/54 – 55 ، قال تعالى :   وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ . إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ . فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ   الأعراف/ 80 - 84 .
وقد بينَّا قبح هذه المعصية وحرمتها وأنه يُقتل الفاعل والمفعول به في أجوبة كثيرة ، فلينظر – مثلاً – أجوبة الأسئلة ( 38622 ) و ( 84140 ) و ( 27176 ) ، وفي جواب السؤال رقم ( 10050 ) تجد الحديث عن حرمة شذوذ النساء – السحاق - كذلك .
فهل من جاء بذنب عظيم كهذا يعِدُه الله تعالى في الجنة بغلمان يقضي شهوته الشاذة معهم ؟! وهل يُقال للمسلمين اصبروا على الشذوذ لتحصلوه في الجنة ؟! إن هؤلاء الملاحدة يعلمون أن الإسلام دين العفاف والطهارة ويعلمون أن الإسلام ليس فيه هذا الشذوذ ، لا في الدنيا ولا في الجنة ، ولكنهم قوم بهت ملاحدة ليس همهم إلا الطعن في الإسلام لما احترقت قلوبهم من دخول الناس في دين الله أفواجاً ، وفيهم العلماء والأطباء والوزراء ، فغاظهم هذا الأمر فراحوا ينشرون الكذب والافتراء على هذا الدين ، لكن كلما تبين للناس كذبهم وافتراؤهم ، ازدادوا تمسكاً بالإسلام وعلموا خواء جعبة الملاحدة وأعداء الدين المطهَّر .
وقد نزَّه الله جنته أن يكون فيها لغو وإثم مما يُسمع فكيف أن يُفعل ؟! قال تعالى :   لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماَ   الواقعة/ 25 - 26 .
وميل الرجل لبني جنسه ليس ميلاً طبيعيّاً ولا فطريّاً ، بل هو مرض يصيب منتكس الفطرة البعيد عن الطهارة في خلقه وأفعاله ، وهذا بخلاف ميل الرجل للأنثى فهو الميل الطبيعي ، ولذا شرع الله تعالى الزواج في الدنيا ووعد المسلمين بالحور العين من النساء في الآخرة ، هذا هو ما جاء به الإسلام لا غير.

ثالثاً:
أما الآيات التي استدل بها أولئك الملاحدة وأعداء الإسلام فهي تلك التي تذكر الغلمان المخلدين ، ومنها :
قوله تعالى  :  وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ  الطور/ 24 ، وقوله تعالى :  وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُورًا   الإنسان/ 19 ، وقوله تعالى :   يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ . بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ . لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ . وَفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ . وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ   الواقعة/ 17 – 21 .
وفي هذه الآيات بيان لحال خدم أهل الجنة ، فقد خلقهم الله تعالى لذلك الأمر على أكمل صورة وأبهاها ؛ وليس من مهمتهم ما افتراه أولئك الأفاكون ، بل نصَّ الله تعالى على عملهم في الجنة ، في القرآن ، وبين أنهم خدم لأصحاب الجنة ، يطوفون عليهم بالطعام والشراب لا غير .
قال الطبري – رحمه الله - : " وقوله ( يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ ) يطوف على هؤلاء السابقين الذين قرّبهم الله في جنات النعيم ولدان على سنّ واحدة لا يتغيرون ولا يموتون .
وقوله ( بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ ) والأكواب : جمع كوب ، وهو من الأباريق ما اتسع رأسه ، ولم يكن له خرطوم .
وقوله ( وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ ) وكأس خمر من شراب معين ، ظاهر العيون ، جار .
وقوله ( لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا ) يقول : لا تُصدع رءوسُهم عن شربها فتسكر .
وقوله ( وَلا يُنزفُونَ ) بفتح الزاي : لا تنزف عقولهم ، وقرأته عامة قرّاء الكوفة ( لا يُنزفُونَ ) بكسر الزاي بمعنى : ولا ينفد شرابهم .
وقوله ( وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ ) ويطوف هؤلاء الولدان المخلدون على هؤلاء السابقين بفاكهة من الفواكه التي يتخيرونها من الجنة لأنفسهم وتشتهيها نفوسهم .
( وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ ) يقول : ويطوفون أيضا عليهم بلحم طير مما يشتهون من الطير الذي تشتهيه نفوسهم " انتهى من " تفسير الطبري " ( 23 / 101 – 105 ) باختصار .
وقال ابن كثير – رحمه الله - : " وقوله تعالى ( وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ) أي : يطوف على أهل الجنة للخدْمَة ولدانٌ من ولدان الجنة ( مُخَلَّدُونَ ) أي : على حالة واحدة مخلَّدون عليها ، لا يتغيرون عنها ، لا تزيد أعمارهم عن تلك السن ، ومن فسرهم بأنهم مُخَرّصُونَ في آذانهم الأقرطة ، فإنما عبر عن المعنى بذلك لأن الصغير هو الذي يليق له ذلك دون الكبير .
وقوله ( إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا ) أي : إذا رأيتَهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم : حسبتهم لؤلؤاً منثوراً ، ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا ، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن " انتهى من " تفسير ابن كثير " ( 8 / 292 ) .

وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الولدان المخلدون أولئك هم الذين يموتون صغاراً من أبناء المؤمنين أو المشركين ، وهذا القول غير صحيح ، بل الصحيح ما قدمناه من أنهم خلق خاص لخدمة أهل الجنة ، وانظر تفصيل ذلك في جواب السؤال رقم ( 43191 ) .

وبعد :
فهذا جوابنا على ما سألتَ ونرجو أن تنتفع به ، وأن يشرح الله صدرك للإسلام فتكون من أهله ومن الذابين عنه كيد المبطلين وافتراء الكاذبين ، وإذا لم تنتفع بجوابنا هذا فلعلَّ غيرك أن ينتفع به ، ويعلم به أن الإسلام دين العفاف والطهارة وأنه لا يمكن أن يأتي بما افتراه أولئك المبطلون عن الغاية من خلق خدم أهل الجنة ، وما ذكرناه عن المفسرين لا يُعرف غيره عن أهل الإسلام.

وننبه – أخيراً - إلى أن جملة " لا حياء في الدِّين " خطأ ، ولينظر في بيان ذلك جواب السؤال رقم ( 12370 ) .

والله أعلم

دعوة غير المسلمين
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب