الليلة في العرف الشرعي تتبع النهار الذي يليها

20-02-2011

السؤال 164215

توفي والدي من يومين رحمه الله ، أريد أن أعرف ما هي السور الكريمة التي ورد فيها أنها تفيد المتوفَّى في قبره وتقيه العذاب . وقد توفي الساعة الواحدة صباح السبت ، هل هذه تعتبر ليلة الجمعة ، أي قبل الفجر ، حيث يسمى قبل الفجر الثلث الأخير من الليل ، أم ليلة الجمعة هي نهاية يوم الخميس ، هذا سؤال أيضا يحيرني في ليلة القدر دائما في رمضان ، كل سنة أحتار ، هل ليلة القدر هي بعد تحقق العلامات في صبيحتها ، أي الحديث الذي ورد فيه علامات ليلة القدر وقد ذكر صبيحتها ، هل صبيحتها يعني بعد انقضاء ليلة القدر ويأتي الصبح ومعه العلامات كي نعلم أن الليلة انتهت ، أم ينبه إن الليلة اليوم ، وأن صبيحتها يعني قبل ليلة القدر ، يعني نهار الليلة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لم يرد في السنة النبوية أن هناك سورا معينة ، أو آيات مخصوصة ، أو أذكارًا محددة إذا قرأها الأحياء على الأموات كان لها أثر في التثبيت عند السؤال في البرزخ ، أو وقاية الميت من عذاب القبر ، وأعظم ما ينتفع به الميت في هذا المقام ، من عمل الأحياء : دعاؤهم واستغفارهم له.
وقد سبق في موقعنا ذكر العديد من الإجابات التي تبين ضعف جميع ما ورد في فضل قراءة سورة " يس " خاصة ، فإن بعض الناس يعتقدون لهذه السورة أثرا خاصا في التخفيف عن الميت في قبره ، فيقرؤونها بعد الدفن على القبر ، في حين أن ذلك لم يثبت في السنة النبوية ، فيرجى مراجعة الأجوبة ذوات الأرقام الآتية : (6460) ، (82800) ، (75894) ، (72201).

ثانيا :
الليلة في عرف العرب والشريعة الإسلامية تتبع اليوم الذي بعدها ، وليس اليوم الذي قبلها ، والشواهد على ذلك كثيرة ، لكن أظهرها ما يراه الناس في مواسم العبادات ، فمثلا :
1- رؤية هلال رمضان تعني دخول الشهر الفضيل ، وتلاحظ أن تلك الليلة تعتبر من رمضان ، ويصلي فيها المسلمون صلاة التراويح .
2- رؤية هلال عيد الفطر تعني انتهاء رمضان ودخول شهر شوال ، فيترك المسلمون في تلك الليلة صلاة التراويح .
فإذا جاء في النص الشرعي ذكر ليلة الجمعة ، أو ليلة العيد ، أو غيرها : فالمقصود بها الليلة في العرف الشرعي السابق .
وهكذا الأمر بالنسبة لليلة القدر ، وقد ورد حديث صحيح صريح يدل على أن الصبح تابع لليلة التي قبله ، وهو حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ ، فَاعْتَكَفَ عَامًا ، حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ، وَهِىَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ قَالَ : مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا ، فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ ، وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ . فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ ، فَبَصُرَتْ عَيْنَاي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ ، مِنْ صُبْحِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ )
رواه البخاري (2027) ومسلم (1167)
فتأمل قوله : ( يخرج من صبيحتها )، وقوله : ( من صبح إحدى وعشرين ) لتستدل على أن الصبح تابع لليلة الفائتة .
يقول الإمام القرطبي رحمه الله – في تفسير قوله تعالى : (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) الأعراف/142 -:
" دلت الآية أيضا على أن التاريخ يكون بالليالي دون الأيام ، لقوله تعالى : ( ثَلاثِينَ لَيْلَةً )؛ لأن الليالي أوائل الشهور ، وبها كانت الصحابة رضي الله عنهم تخبر عن الأيام ، حتى روي عنها أنها كانت تقول : صمنا خمسا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، والعجم تخالف في ذلك فتحسب بالأيام ؛ لأن معولها على الشمس " انتهى من " الجامع لأحكام القرآن " (7/267)

ثالثا :
بهذا يتبين أن من توفي الساعة الواحدة صباح السبت ، فقد توفي في عرف الشرع " ليلة السبت "، وليس " ليلة الجمعة "، فلا يشمله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ ) رواه الترمذي (1074) وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
هذا ، مع أن أن هذا الحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه بين علماء الحديث ، والأكثرون على ضعفه .
للتوسع في تخريجه يرجى مراجعة الرابط الآتي :
http://www.alukah.net/publications_Competitions/1008/38/
والله أعلم .

الجنائز وأحكام المقابر
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب