يتهمون زوجة أخيهم بعمل السحر من غير بيِّنة ، حكم ذلك ، والنصح فيه

22-01-2011

السؤال 161337

عندي سؤال أتمنى من سماحتكم إفادتنا وهو : هناك شخص يشيع هو وأخته إشاعة على زوجة أخيهم بأنها تفعل السحر هي وعائلتها ، ولم يوجد هناك دليل ، علماً بأن هذه الزوجة أعرفها بأنها حاجَّة ومصلية ، وأخي عندما سمع هذا الكلام من أخي زوجها أصبح يتكلم عنها بالسوء ويقول أريد أن أسأل عنها ، وأصبح كلام على هذه الزوجة في أغلب كلامه . أريد من سماحتكم نصيحة إلى أخي ، وشكراً ، وبارك الله فيكم ، وزادكم من علمه . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الجواب

الحمد لله.


لم تختلف الشرائع السماوية على حفظ أعراض الناس ودينهم وعقلهم وأموالهم ونفوسهم ، ومن وسائل حفظ أعراض الناس لجم الأفواه عن الطعن فيها وقذفها واتهامهما بما ليس فيها ، ولذا لم تأت شريعة بإباحة الغيبة ، ولا بإباحة القذف ، ولا بإباحة الاتهام بالباطل من غير بينة ، وتفاوتت الشرائع في عقوبة من يخالف أمر الله ، لكنها لم تختلف في تحريم قذف الأعراض والمنع من اتهام البريء بما ليس فيه .
والاتهام للشخص بعمل السحر هو من الاتهام بالباطل في العرض والدِّين ، ولا يحل لأحد أن يتهم أحداً بعمل السحر لآخر ، أو آخرين ، إلا أن يثبت ذلك بالبينة الشرعية ؛ إما بإقرار من عمل السحر على نفسه بأنه سحر فلانا من الناس ، أو بشهادة الثقات على الشخص المعين أنهم قد اطلعوا عليه وهو يعمل السحر ، أو يتسبب فيه .
وما لم يوجد أحد هذين الأمرين : فإن اتهامها بعمل سحر هو قول منكر واتهام باطل ، وفاعل ذلك يستحق الإثم والعقوبة ، وقد أمرنا الله تعالى باجتناب الظن ، وتوعد على ظلم الآخرين واتهامهم بما ليس فيهم ، فقال تعالى في الأولى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا ) الحجرات/ 12 ، وَعَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا ) رواه البخاري ( 4849 ) ومسلم ( 2563 ) .
ولينظر جواب السؤال رقم ( 112196 ) ففيه بيان كيف يجتنب المسلم سوء الظن بالناس .
وقال تعالى في الثانية : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا ) الأحزاب/ 58 .

سئل الشيخ عبد الرحمن البراك – حفظه الله - :
كيف يستطيع الإنسان أن يكتشف أن فلاناً قد قام بعمل سحر له ؟ خاصة أن لديه علامات ، ولكنها ليست يقينية ، ويخاف الواحد أن يكون ظالماً ، إني في حيرة ، أرجو إجابتي ، والله يحفظكم .
فأجاب:
"المبتلى بالسحر ، أو بما يظن أنه سحر ، لا طريق إلى اكتشاف الساحر الذي سحره أو دبَّر له السحر إلا بإقراره ، أو ببيِّنة تشهد بأن فلاناً عملَ سحراً لفلان ، أو سعى إلى من يسحره ، وأما مجرد الظنون والقرائن الضعيفة : فلا يجوز أن يعوَّل عليها ... ، كما لا يجوز الاعتماد في هذا على أخبار الجن الذين في بعض المصروعين ، كما لو قال بعضهم إنه مربوط بسحر من فلان أو فلان ؛ فإن الجن الذي في الملموس فاسق أو كافر ، فلا يجوز تصديقه إذا قال : إن فلاناً عمل سحراً لفلان : فإن قوله ليس بحجة ، فالواجب الحذر من الانسياق مع الظنون وأقوال فسقة الجن أو السحرة ؛ فإن مِن السحرة مَن يخبر بمحل السحر وبمن قال به وهو يعتمد في ذلك على أخبار الشياطين ، أو يكون كذاباً يقول ذلك من عند نفسه ، وعلى كل حال : فالجزم بتعيين الساحر بأنه هو الذي قام وعمل السحر لذلك المبتلى من أصعب الأشياء ، ولا حول ولا قوة إلا بالله" .
http://www.islamlight.net/index.php?option=com_ftawa2&task=view&Itemid=0&catid=1466&id=2132

ولما سبق كله : فعلى كل من يطعن على تلك المرأة بأنها تعمل السحر أن يتقي الله تعالى ربَّه ، وأن يعلم أنه ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ، وأن الله تعالى سائله على ما افتراه عليها ، وما دام أنه ليس هناك اعتراف أو شهود فيبقى الأمر في دائرة الظن المذموم ، وهذا الافتراء والكذب قد يلحق مثله المتكلم بالباطل فيفتري عليه الناس كما افترى هو على غيره ؛ فليحفظ المسلم عليه لسانه ، وليلتفت لنفسه ، وليبك على خطيئته ، وليكف أذاه عن المسلمين .
وينظر جواب السؤال رقم ( 96144 ) ففيه مزيد فائدة .

والله أعلم

الأخلاق المذمومة مشكلات اجتماعية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب