إذا أدخل القنوات الماجنة ثم مات فهل يأثم كلما استعملها غيره

05-12-2009

السؤال 142789

هناك رجل ركب دش لاستقبال القنوات الفضائية ، وبه قنوات متعددة ، ثم توفي الرجل ، فهل إذا استعملنا الدش والقنوات يكون على هذا الرجل المتوفى إثم ؛ أم إن الأمر مقتصر على المتفرج ؟ أفتونا مأجورين جزاكم الله خيرا ؟

الجواب

الحمد لله.

القنوات الفضائية الخليعة أو الماجنة أو التي تنشر البدع والأفكار الهدامة لا يجوز إدخالها البيت ، وفاعل ذلك آثم في حق نفسه وفي حق أهله وأولاده ، لأنه مأمور بتجنيبهم الحرام والباطل ، كما قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم/6
وهو مسئول عن رعيته ، مأمور بالنصح لهم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ : الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا ) رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 )
وقال صلى الله عليه وسلم : ( ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) رواه البخاري (6731) ومسلم (142).

وإدخال هذه القنوات غش للرعية وتضييع لها .

وإذا مات الإنسان وقد أدخل هذا الباطل وتركه لمن وراءه ، باء بإثم من يستعمله ؛ لأنه دلّ على الشر وأعان عليه وسن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ، كما روى مسلم (1017) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ ).

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "  أنا شاب أعيش عند أهلي أمي وأبي وإخواني وأخواتي، ولقد أحضروا جهاز الدش إلى البيت، وقمت بالإنكار عليهم وبينت لهم الصواب، فلم يستجيبوا لي، فهل أخرج من هذا البيت مع العلم أني أخشى على نفسي من هذا الجهاز لو بقيت عندهم، فماذا أصنع أرشدني بارك الله فيك، وإذا خرجت من المنزل وكان هذا سبب لغضبهم فهل عليَّ إثم في ذلك، وما نصيحتك لوالدي ووالدتي لعل الله ينفع بهذا الشريط؟

فأجاب : أما نصيحتي لوالد هذا السائل ووالدته : فإني أوصيهم بتقوى الله عز وجل بفعل أوامر الله واجتناب نواهيه، وأحذرهم من مغبة هذه الدشوش التي لا ينشر فيها إلا ما يدمر الأخلاق والعقائد، وأقول لهم: إن الدنيا متاعها قليل، وإن ما يوعدون لآت، وإنهم إن سروا بمعصية الله يوماً فسوف يحزنون أياماً، وأن هذه الدشوش وما يشاهد فيها سوف يكون لها الأثر البالغ على العقيدة وعلى الأخلاق، كما يسمع الآن من بعض الصبيان الذين يشاهدون هذه المرئيات. أما بالنسبة إليه فأقول له: إذا كان بقاؤك خيراً بحيث يهون الشر ويسدي النصيحة، ولعل القلوب تلين ولعل النفوس تتطهر فليبق وليصبر، وإذا كان لا يفيد شيئاً فليخرج سواء غضب والداه أم رضيا بذلك؛ لأن رضا الله مقدم على رضا كل أحد، وإذا قدر أن الوالدين غضبا عليه فهما المسيئان، وليس فعله عقوقاً ، بل فعلهم قطيعه إذا قاطعوا ولدهم من أجل أنه أنجى نفسه من وبال هذا الدش.

ثم ليعلم صاحب الدش أنه إذا أساء إلى جيرانه بذلك فإنه آثم؛ لأن بعض الدشوش ينتشر شره فيما جاور البيت، ويلتقط الناس منه.

وليعلم أيضاً: أنه إذا مات وشاهد أحد هذه الدشوش فإن كل معصية تحصل عليه من إثمها، وإذا كان في قبره فما الذي ينجيه ؟! والله لا ينجيه أحد، حتى أبناؤه وبناته لا يستطيعون أن ينجوه، وكل مشاهدة لهذا الدش الذي كان هو السبب في إيجاده سيكون عليه وباله -نسأل الله العافية- لأن من سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، وهذا الرجل لا يدري ربما يصبح ولا يمسي، أو يمسي ولا يصبح، ولا أدري كيف تصوره لهذا الأمر، هل تصور المنكِرِ ويقول: هذا ليس بصحيح ولا عليَّ إثم إذا مت ولا شيء، أو تصور المقِرّ المعترف ؟! فإن كان تصوره هو التصور الأول فهو على خطر في دينه، وإن كان على تصوره الثاني فهو على سفه في عقله ؛ أن يُبقيَ هذه الآلة التي ستكون وبالاً عليه ، ولو طال الزمن ولو كان بعد موته بسنين " انتهى من "اللقاء الشهري" (30/ 11).

والله أعلم .

الأخلاق المذمومة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب