حكم لعبة "الدومينو" ، وحكم من يلعب بها في مسجد طيلة الليل ولا يصلي الفجر !

08-11-2009

السؤال 137930

ما حكم لعبة " الدومينو " ؟ هل هو جائز ، أم مكروه ، أم حرام ؟ . أصبحت هذه اللعبة قضية يدور حولها الجدل هنا في مدينة " نيويورك " حيث يجتمع بعض الشباب بعد صلاة العشاء ، ويبدءون باللعب داخل المسجد ! حتى الصباح ، ثم يغادرون قبل صلاة الفجر ، ولا يشهدون الجماعة ! وقد أصبحت هذه ظاهرة متكررة منهم ، بالإضافة إلى أنهم يستخدمون كهرباء المسجد ، والثلاجة ، وغيره من الممتلكات أثناء مكوثهم ، كل ذلك دون إذن من الإمام ، وعندما أخبرهم بخصوص ذلك هددوا بأنهم سيهجرون المسجد ، وينفصلون عنه . فما رأيكم ؟ .

الجواب

الحمد لله.

أولاً:

لعبة الدومينو – وتسمَّى " الضومنة - عرَّفها الأستاذ على حسين أمين يونس بقوله : " هي حجارة مستطيلة ملساء مستوية على أحد أوجهها خط يفصلها من النصف، على كل جهة مجموعة النقاط ، ليأخذ كل لاعب مجموعة منها ، بحيث ترمى ، أو تقلب على الوجه الخاوي من النقاط ، ليأخذ كل لاعب مجموعة منها ، ثم يرتبونها بطريقة معينة ، ليفوز أحدهم بالحظ كالنرد تقريباً ، وتمارَس على قمار غالباً " .

" الألعاب الرياضية ، أحكامها ، وضوابطها في الفقه الإسلامي " ( ص 269 ) .

ثانياً:

سبق الكلام بالتفصيل في حكم الألعاب ، وأنها تنقسم إلى قسمين : ألعاب مُعِيْنة على الجهاد في سبيل الله ، وألعاب لا تُعين على الجهاد ، وهي نوعان  : ألعاب ورد النص بالنهي عنها ، كاللعب التي يستعمل فيها حجر " النرد " .

الضرب الثاني : ألعاب غير مشتملة على محرّم ، ولا تؤدي في الغالب إليه ، كأكثر ما نشاهده من الألعاب ، فهذه تجوز بالقيود الآتية :

الأول : خلوُّها من القمار ، وهو الرهان بين اللاعبين .

الثاني : ألا تكون صادَّةً عن ذكر الله الواجب ، وعن الصلاة ، أو أي طاعة واجبة ، مثل برّ الوالدين .

الثالث : ألا تستغرق كثيراً من وقت اللاعب ، فضلاً عن أن تستغرق وقته كلّه .  

وانظر جواب السؤال رقم : ( 22305 ) .

ثالثاً:

قد صحَّ نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن اللعب بالنرد , ولذا كانت كلمة أكثر أهل العلم على تحريم اللعب بها ، وقد قال بعض الشافعية بالكراهة ، وردَّ عليهم أئمة المذهب ورجحوا – تبعاً لأكثر العلماء – القول بالتحريم .

ينظر: " الموسوعة الفقهية " ( 40 / 224 ، 225 ) ، وأيضا : جواب السؤال رقم : ( 14095 ) .

رابعاً:

لم تكن لعبة " الدومينو " معروفة قديما ، وأما أهل العلم المعاصرون فاختلفوا في حكمها بناء على نظرهم إلى حقيقتها ؛ فمنهم من ذهب إلى أنها مباحة ، ما لم تقترن بمحرم آخر ، من ميسر ونحوه ، ولم تشغل عن ذكر الله وعن الصلاة .

ومن أهل العلم من رأى أنها تقوم على الحظ في أكثر شأنها ، في ابتداء اللعب ، وأثنائه ، مع ما فيها من جانب الذكاء والمهارة ، إلا أن غلبة جانب الحظ عليها جعلتها أقرب شبها بالنرد القائم على الحظ . ولذلك عرَّف الدكتور عبد الله الناصر – وفقه الله – اللعبة بقوله :

الضومنة : وهي لعبة مكونة من مجموعة قطع مستطيلة , يلعب بها ألعاب متعددة غالبها معتمد على الحظ والصدفة .

" الضوابط العامة في مجال السبق وتطبيقاتها المعاصرة " ( ص 23 ) – ترقيم الشاملة - .

قال أهل العلم : ومعتمد النرد الحزر والتخمين ، المؤدي إلى غاية من السفاهة والحمق ، قال الرافعي : وكل ما معتمده التخمين : يحرم .

ينظر : "تحفة المحتاج شرح المنهاج" للهيتمي (10/216) .

سئل علماء اللجنة الدائمة :

ما حكم لعب " الورقة " و " الضومنة " عندما يكون المرء مؤديّاً كامل الحقوق ، والواجبات التي عليه ، وعدم الانشغال بها عن أمور العبادة ، وإنما مجرد تسلية مع الأهل ، أو الأصدقاء ؟ .

فأجابوا :

يحرم اللعب بـ " الورقة " ، وبـ " الضومنة " ، ولو لمجرد التسلية مع الأهل والأصدقاء ، ولْيشغلوا ذلك الوقت مما هو خير : كتلاوة القرآن ، ودراسة علم شرعي ، وإصلاح ذات البين ، ونحو ذلك ، مما يعود عليهم بالنفع ، وعلى الأمة بالخير .

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود .

" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 15 / 236 ، 237 ) ، وينظر : فتاوى اللجنة ( 15 / 207 – 209 ) .

خامسا :

الصورة التي وردت في السؤال هي خارج محل النزاع بلا شك ؛ فإن أي مباح ، لو ترتب على الاشتغال به ترك الصلاة ، وإخراجها عن وقتها : صار محرما لما فيه من الشغل عن الصلاة ، والصد عن ذكر الله .

فكيف به لو كان محرما ، عند طائفة من أهل العلم ؟! فكيف بالداهية الدهياء ، والمصيبة العظيمة : أن يكون ذلك اللهو في المسجد ، مع استخدام أغراض المسجد في غير ما وضعت له ، والسهر وتضييع الصلاة ؟!

فالنصيحة لأولئك الإخوة أن يتقوا الله تعالى , وأن يجتنبوا تضييع وقتهم , وأن يصونوا بيت الله عن هذا اللهو .

وأما تهديد إمام المسجد أو المسئول بهجران بيت الله إن منعهم : فهو فعل لا يليق أن يصدر من مسلم ، والواجب عليهم قبول النصيحة ، بل وشكره عليها ، ولا يمنعكم تهديدهم من الإنكار عليهم ، ومنعهم من استعمال المسجد لهذا المنكر ، قال تعالى ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ) الإسراء/ من الآية 15 .

فإن فعلوا ما هددوا به ، وهجروا المسجد : فلا يحزنك أمرهم ، فهم قد هجروه فعلا ، بما فعلوا فيه من اللهو والباطل الذي شغلهم عن ذكر الله وعن الصلاة .

والخلاصة :

أن لعبة " الدومينو " محرمة عند طائفة من أهل العلم ، وإذا قدر أنها ليست محرَّمة في ذاتها : فهي حرام في حق أولئك المسئول عنهم ؛ بما اقترن بها من المخالفات العديدة ، فهم :

1. ضيَّعوا أنفسَ أوقات عمرهم – عمر الشباب - في اللعب بها ، فضاعت بها أعمارهم .

2. ضيعوا أنفسَ أوقات الليل وهو الثلث الأخير من الليل ، والذي ينزل فيه رب العزة إلى السماء الدنيا ليغفر للتائبين ، وليستجيب دعاء الداعين ، وهم في غفلة معرضون .

3. تسببوا في تضييع واجب ، وهو صلاة الجماعة .

4. استعملوا بيت الله لغير ما بُني له ، وما بني له فلم يشهدوه ! فبيت الله تعالى ليس نادياً ، ولا مضافة ، ولا مكان تسلية ، وهم قد جعلوه كذلك ، ولما حضرت الصلاة – وهو ما بني المسجد في الأصل له – غادروه ، ولم يشهدوها فيه .

5. استعملوا أموال الوقف الموقوفة على المصلين ، والمتعلمين ، والمعتكفين ، استعملوها في غير ما وقف لأجله .

فنسأل الله أن يهديهم لما فيه رضاه ، وأن يصلح بالهم ، وقلوبهم ، وأن يستثمروا شبابهم ، وطاقتهم ، في حفظ القرآن ، وفي العلم الشرعي ، وفي الدعوة إلى الله .

والله أعلم

عادات المسابقات والألعاب
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب