الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

والده وإخوته من الشيعة وهجروه لأنه سني ويشعر بالوحدة ويريد النصيحة

381015

تاريخ النشر : 03-07-2022

المشاهدات : 1771

السؤال

أنا شاب من أب شيعي وأم سنية، وأنا الحمد لله تعالى متسنن، أنا أبي متزوج اثنتين، أمي وأخرى شيعية، ولديه ١٤ ولدا كلهم شيعة باستثنائي أنا، أنا أعيش ببيت، وهم بييت آخر بجانبي، ومنذ صغري وأخواني لا يجالسونني، وإن جلست معهم أجلس وكأن بقلوبهم شيئا علي، وحتى إذا سافروا أو تنزهوا لايذكروني معهم، بل وإن أخواتي لا أعلم أسمائهم أصلاً، أنا بقلبي حزن شديد على حالي، أريد منكم النصيحه فمشاكلي كثيرة جداً، ولم أعد أطيق نفسي أبدا، ولكن الحمد لله تعالى أنا محافظ على توحيدي وصلاتي، وآمل منكم الدعاء لي.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

أخي الكريم

نسأل الله الكريم أن يزيل همك وغمّك، ونسأله تعالى أن يهدي والدك واخوانك إلى الحق ويثبتهم عليه.

ثانيا:

لا شك أن الإنسان مفطور على الحزن بسبب هجر الناس له وابتعادهم عنه، لكن المؤمن قد جعل الله تعالى له ما يزيل مثل هذه الأحزان وذلك بأن أرشده إلى عاقبة الأمر إن صبر وغفر.

قال الله تعالى:وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ الشورى/43.

فعاقبة الصبر على أذى الأقارب عاقبة حميدة.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي، وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ:  لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ، فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ  رواه مسلم (2558).

وإذا وصلت هؤلاء الأقارب ونصحتهم وأرشدتهم إلى الهدى مع ما هم فيه من ظلم، فقد حققت حقيقة صلة الرحم وأدركت خيرها.

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  لَيْسَ الوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ، وَلَكِنِ الوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا  رواه البخاري(5991).

قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى:

" اعلم أن المكافئ مقابل الفعل بمثله. والواصل للرَّحم لأجل الله تعالى ، يصلها تقربا إليه وامتثالا لأمره وإن قطعت، فأما إذا وصلها حين تصله فذاك كقضاء دين، ولهذا المعنى قال: ( أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الْكَاشِحِ ) - الْكَاشِح: الْمُبْغِضُ الْمُعَادِي -، وهذا لأن الإنفاق على القريب المحبوب مشوب بالهوى , فأما على المبغض فهو الذي لا شوب فيه " انتهى من "كشف المشكل"(4 /120–121).

ويعينك على هذا الصبر بأن تتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم، فقد أوذي وهجر من بعض أقاربه بسبب الإسلام والتوحيد، وصبر حتى أظهره الله ونصره عليهم، والمسلم مأمور بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في جميع أموره.

قال الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا الأحزاب/21.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله؛ ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين؛ ولهذا قال تعالى للذين تقلقوا وتضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) أي: هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله؟ ولهذا قال: ( لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً ) " انتهى من"تفسير ابن كثير" (6/ 391).

كما يحسن أن تتنبه إلى أن هذا الهجر من إخوانك وإن كان ظاهره محزنا ، إلا أن باطنه فيه الخير، فقد يكون هذا الهجر سببا في نجاتك من بدعهم؛ فمخالطة أهل البدع مضرة ومهلكة.

فالحاصل؛ أن عليك أخي الكريم أن تتعبد الله تعالى بالصبر في مثل هذه الأحوال وتنظر إلى عاقبة هذا الصبر ففيه خير الدنيا والآخرة، وقابل اساءة هؤلاء الأقارب بالإحسان، فالله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا.

واتخذ لك صحبة من أهل الدين والصلاح، وأحسن إلى أمك، وبرها، واجعل أهل الصلاح والسنة من عشيرتها، أخوالك وأقاربهم، عوضا لك عمن هجرك من إخوانك، وعسى الله أن يهدي ويجبر كسرك، ويعوضك خيرا مما فاتك.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب