الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

ما معنى حديث: " أنّ يُوسُفَ قَدِ اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ "؟

342800

تاريخ النشر : 12-08-2021

المشاهدات : 34883

السؤال

هل يمكن أن تشرح حديث أنّ يوسف قد أُعطي شطر الحُسن؟

ملخص الجواب

اختلف أهل العلم في تعيين حد الجمال الذي أعطي يوسف عليه السلام نصفه إلى عدة أقوال ومعان ينظر تفصيلها في الجواب المطول، ولكن الظاهر الذي يصح القطع به، هو أن يوسف عليه السلام قد فضِّل على الناس بحسن زائد.

الحمد لله.

حديث : فإذا أنا بيوسف صلى الله عليه وسلم إذا هو قد أعطي شطر الحسن

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:  ... ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا هُوَ قَدِ اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ...  رواه مسلم (162).

الشطر هو النصف.

قال ابن فارس رحمه الله تعالى:

" (شطر) أصلان، يدلّ أحدهما على نصف الشّيء، والآخر على البعد والمواجهة.

فالأوّل قولهم شَطَرَ الشّيء، لنصفه، وشَاطَرْتُ فلانا الشّيء، إذا أخذت منه نصفه وأخذ هو النّصف " انتهى، من "مقاييس اللغة" (3 / 186).

وقال ابن الأثير رحمه الله تعالى:

" (شَطَرَ)

فيه: ( أنَّ سْعداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَأذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يتصدَّق بمالِه قَالَ: لاَ، قالَ: الشَّطْرَ، قَالَ: لاَ، قَالَ: الثلُثَ، فَقَالَ: الثُّلُث، والثُلث كثيرٌ ) الشَّطْرُ: النصف " انتهى، من "النهاية في غريب الحديث" (2 / 473).

حد الجمال الذي أعطي يوسف عليه السلام نصفه

وأما تعيين حدّ الجمال الذي أعطي يوسف عليه السلام نصفه.

فذهب بعض أهل العلم؛ إلى أن المقصود أن الجمال الذي رزقه الله تعالى بني آدم جعل ، نصفه للناس جميعا ، والنصف الآخر انفرد به يوسف عليه السلام.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

" والظاهر أن معناه أن يوسف عليه السلام اختص على الناس بشطر الحسن، واشترك الناس كلهم في شطره، فانفرد عنهم بشطره وحده ؛ وهذا ظاهر اللفظ فلماذا يعدل عنه؟ واللام في "الحسن" للجنس ، لا للحسن المعين والمعهود... " انتهى. "بدائع الفوائد" (3 / 1167).

وقد اعترض بعض أهل العلم على هذا التوجيه، ورأوا أن الحديث يشير إلى أن الله تعالى جعل في خلقه غاية للحسن، وجعل نصف هذا الحسن ليوسف عليه السلام، لكنهم اختلفوا في تعيين من هو صاحب غاية الحسن.

قال ابن قتيبة رحمه الله تعالى:

" ونحن نقول: إن الناس يذهبون في نصف الحسن الذي أعطيه يوسف عليه السلام إلى أن الله سبحانه أعطاه نصف الحسن، وأعطى العباد أجمعين النصف الآخر، وفرّقه بينهم.

وهذا غلط بين لا يخفى على من تدبره إذا فهم ما قلناه.

والذي عندي في ذلك، أن الله تبارك وتعالى، جعل للحسن غاية وحدّا، وجعله لمن شاء من خلقه، إما للملائكة، أو للحور العين؛ فجعل ليوسف عليه السلام نصف ذلك الحسن، ونصف ذلك الكمال.

وقد يجوز أن يكون جعل لغيره ثلثه، ولآخر ربعه، ولآخر عشره، ويجوز أن لا يجعل لآخر منه شيئا.

وكذلك لو قال قائل: إنه أعطي نصف الشجاعة، لم يجز أن يكون أعطي نصفها، وجعل للخلق كلهم النصف الآخر.

ولو كان هذا هو المعنى؛ لوجب أن يكون الذي أعطي نصف الشجاعة، يقاوم العباد جميعا وحده.

ولكن معناه: أن للشجاعة حدّا يعلمه الله تعالى، ويجعله لمن شاء من خلقه، ويعطي غيره النصف من ذلك، ويعطي لآخر الثلث، أو الربع، أو العشر، وما أشبه ذلك " انتهى. "تأويل مختلف الحديث" (ص 445 – 446).

وساقه ابن الجوزي في "كشف المشكل" (3 / 213)، مكتفيا به.

وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن صاحب غاية الحسن الذي رزق يوسف نصف حسنه، هو آدم عليه السلام.

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" وقال بعض العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: ( فَمَرَرْتُ بِيُوسُفَ، وَإِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ ).

قالوا: معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام، وهذا مناسب؛ فإن الله خلق آدم وصوّره بيده الكريمة، ونفخ فيه من روحه ؛ فما كان ليخلق إلا أحسن الأشياء... " انتهى. "البداية والنهاية" (1 / 228).

وقال أيضا:

" قال السهيلي وغيره من الأئمة: معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام، لأن الله تعالى خلق آدم بيده ، ونفخ فيه من روحه، فكان في غاية نهايات الحسن البشري؛ ولهذا يدخل أهل الجنة الجنةَ على طول آدم وحسنه، ويوسف كان على النصف من حسن آدم، ولم يكن بينهما أحسن منهما... " انتهى. "البداية والنهاية" (1 / 472).

ولا نعلم مستندا نقطع به بصحة معنى من هذه المعاني.

لكن الظاهر الذي يصح القطع به، هو أن يوسف عليه السلام قد فضِّل على الناس بحسن زائد.

قال ابن حجر رحمه الله تعالى:

" زاد مسلم في رواية ثابت عن أنس: ( إِذَا هُوَ قَدِ اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ )، وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي، وأبي هريرة عند بن عائذ والطبراني: ( فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ أَحْسَنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ قَدْ فَضَلَ النَّاسَ بِالْحُسْنِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ).

وهذا ظاهره أن يوسف عليه السلام كان أحسن من جميع الناس " انتهى من"فتح الباري" (7 / 210).

ولمزيد الفائدة طالع جواب السؤال رقم (272974).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب