الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل الكف والأنامل من صفات الله تعالى ؟

333378

تاريخ النشر : 09-08-2020

المشاهدات : 12597

السؤال

هل الكف والأنامل من صفات الله وما الدليل ؟ بحثت كثيراً ولم أجد مواقع تذكر ذلك إلا موقع أو اثنان، ولم يذكر بباقي المواقع المعروفة، لذالك لم أعلم ماذا أصدق؟ وهل يعتبر هذا شك أم جهل؟

ملخص الجواب

من صفات الله تعالى الذاتية الخبرية: الكف والأصابع والأنامل، كما دلت عليه السنة الصحيحة، واتفق عليه أهل السنة. ويجب إثبات هذه الصفات لله تعالى، دون تشبيه أو تعطيل، بل على ما يليق به سبحانه.

الحمد لله.

الكف والأصابع والأنامل من صفات الله تعالى الذاتية الخبرية

من صفات الله تعالى الذاتية الخبرية: الكف والأصابع والأنامل، كما دلت عليه السنة الصحيحة، واتفق عليه أهل السنة.

روى مسلم (1014) عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ، حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ، كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ  .

وروى مسلم (2654) عن عَبْد اللهِ بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:   إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ  .

وثبتت الأنامل في حديث اختصام الملأ الأعلى، والأنامل أطراف الأصابع.

روى أحمد (22109) والترمذي (3235) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: " احْتُبِسَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى كِدْنَا نَتَرَاءَى عَيْنَ الشَّمْسِ، فَخَرَجَ سَرِيعًا فَثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ دَعَا بِصَوْتِهِ فَقَالَ لَنَا:  عَلَى مَصَافِّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ ، ثُمَّ انْفَتَلَ إِلَيْنَا فَقَالَ:  أَمَا إِنِّي سَأُحَدِّثُكُمْ مَا حَبَسَنِي عَنْكُمُ الغَدَاةَ: أَنِّي قُمْتُ مِنَ اللَّيْلِ ، فَتَوَضَّأْتُ ، فَصَلَّيْتُ مَا قُدِّرَ لِي ، فَنَعَسْتُ فِي صَلَاتِي فَاسْتَثْقَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ . قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: لَا أَدْرِي رَبِّ. قَالَهَا ثَلَاثًا  " . قَالَ:   فَرَأَيْتُهُ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ،  حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ أَنَامِلِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، فَتَجَلَّى لِي كُلُّ شَيْءٍ ، وَعَرَفْتُ. فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَبِّ، قَالَ: فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلَأُ الأَعْلَى؟ قُلْتُ: فِي الكَفَّارَاتِ، قَالَ: مَا هُنَّ؟ قُلْتُ: مَشْيُ الأَقْدَامِ إِلَى الجَمَاعَاتِ، وَالجُلُوسُ فِي المَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَإِسْبَاغُ الوُضُوءِ فِي المَكْرُوهَاتِ، قَالَ: ثُمَّ فِيمَ؟ قُلْتُ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَلِينُ الكَلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ. قَالَ: سَلْ. قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ المُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ المَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةً فِي قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى حُبِّكَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا ثُمَّ تَعَلَّمُوهَا .

قال الترمذي: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ" سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، فَقَالَ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".

قال الإمام أبو بكر بن خزيمة رحمه الله في "كتاب التوحيد" (1/ 187): "باب إثبات الأصابع لله عَزَّ وجَلَّ" وساق الأحاديث.

وقال قِوام السُّنَّة الأصبهاني رحمه الله: " وَكَذَلِكَ القَوْل فِيمَا يضارع هَذِهِ الصِّفَات، كَقَوْلِه تَعَالَى: لما خلقت بيَدي وَقَوله: بل يَدَاهُ مبسوطتان وَقَوله: وَيبقى وَجه رَبك. وَقَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: (حَتَّى يضع الْجَبَّار فِيهَا قدمه) وَقَوله: (إِن أحدكُم يَأْتِي بِصَدَقَتِهِ فَيَضَعهَا فِي كف الرَّحْمَن) وَقَوله: (يضع السَّمَاوَات عَلَى أصْبع، وَالْأَرضين، عَلَى أصْبع) ، وأمثال هَذِهِ الْأَحَادِيث؛ فَإِذا تدبره متدبر، وَلم يتعصب : بِأَن لَهُ صِحَة ذَلِكَ ، وَأَن الْإِيمَان وَاجِب، وَأَن الْبَحْث عَن كَيْفيَّة ذَلِكَ بَاطِل" انتهى من "الحجة في بيان المحجة" (2/ 275).

وقال في (2/ 279): " وللكف معَان، وَلَيْسَ يحْتَمل الحَدِيث شَيْئا من ذَلِكَ ، إِلَّا مَا هُوَ الْمَعْرُوف فِي كَلَام الْعَرَب ؛ فَهُوَ مَعْلُوم بِالْحَدِيثِ ، مَجْهُول الْكَيْفِيَّة.

وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الْأصْبع، والأصبع فِي كَلَام الْعَرَب تقع عَلَى النِّعْمَة والأثر الْحسن، وَهَذَا الْمَعْنى لَا يجوز فِي هَذَا الحَدِيث، فيكون الْأصْبع مَعْلُوما بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وكيفيته مَجْهُولَة، وَكَذَلِكَ القَوْل فِي جَمِيع الصِّفَات : يجب الْإِيمَان بِهِ، وَيتْرك الْخَوْض فِي تَأْوِيله، وَإِدْرَاك كيفيته" انتهى.

 وقال البغوي رحمه الله في "شرح السنة" (1/ 168): " وَالإِصْبَعُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كَالنَّفْسِ، وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ، وَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ، وَالإِتْيَانِ، وَالْمَجِيءِ، وَالنُّزُولِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، وَالضَّحِكِ، وَالْفَرَحِ" انتهى.

وقال صِديق حسن خان رحمه الله في "قطف الأثر" ص70: " ومن صفاته سبحانه: اليد واليمين والكف" انتهى.

وقال شيخ الإسلام في بيان "تلبيس الجهمية" (7/ 388) في رده على الرازي: " فقوله: (وجدت برد أنامله) : معناه وجدت أثر تلك العناية.

يقال له: أثر تلك العناية كان حاصلاً على ظهره ، وفي فؤاده وصدره ؛ فتخصيص أثر العناية بالصدر: لا يجوز، إذ عنده لم يوضع بين الكتفين شيء قط، وإنما المعنى أنه صرف الرب عنايته إليه ، فكان يجب أن يبين أن أثر تلك العناية متعلق بما يعمُّ ، أو بأشرف الأعضاء ، وما بين الثديين كذلك.

بخلاف ما إذا أقر الحديث على وجهه، فإنه إذا وضعت الكف على ظهره ، نَفَذَ بردها إلى الناحية الأخرى وهو الصدر، ومثل هذا يعلمه الناس بالإحساس.

وأيضًا فقول القائل: وضع يده بين كتفي ، حتى وجدت برد أنامله بين ثديي : نص لا يحتمل التأويل، والتعبير بمثل هذا اللفظ عن مجرد الاعتناء ، أمر يُعلم بطلانه بالضرورة من اللغة، وهو من غث كلام القرامطة والسوفسطائية...

أنه صلى الله عليه وسلم ذكر ثلاثة أشياء حيث قال: (فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها) وفي رواية: (برد أنامله على صدري فعلمت ما بين المشرق والمغرب) ؛ فذكر وضع يده بين كتفيه، وذكر غاية ذلك : أنه وجد برد أنامله بين ثدييه، وهذا معنى ثان، وهو وجود هذا البرد عن شيء مخصوص ، في محل مخصوص، وعقَّب ذلك بأثر الوضع الموجود؛ وكل هذا يبين أن أحد هذه المعاني ، ليس هو الآخر" انتهى.

والحاصل :

أنه يجب إثبات هذه الصفات لله تعالى، دون تشبيه أو تعطيل، بل على ما يليق به سبحانه.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب