الحمد لله.
أولا:
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النَّذر ، وأخبر أنه يُستخرج به من البخيل ، ويتأكد هذا النهي في حق من يعتقد أن غرضه يحصل له بسبب النذر ، أو أن الله تعالى يفعل ذلك الغرض لأجل نذره !
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 40 / 140 ) – في بيان حكم النذر - :
"قال القرطبي : الذي يظهر لي هو التحريم في حقِّ من يُخاف عليه اعتقاد أن النذر يوجب حصول غرض معجل ، أو أن الله يفعل ذلك الغرض لأجل النذر ، فيكون الإقدام على النذر - والحالة هذه - محرَّماً ، وتكون الكراهة في حق من لم يعتقد ذلك" انتهى .
ونذر الطاعة المشروط على حصول شيء معين يجب الوفاء به إذا حصل الشرط ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ رواه البخاري (6696) .
وينظر جواب السؤال رقم : (42178) ، و(224709).
ثانياً :
لا يصح الجمع بين الوفاء بالنذر والعقيقة في ذبيحة واحدة ؛ لأن كلًّا منهما عبادة مستقلة مقصودة لذاتها ولا تداخل بينهما .
ولو أن الوفاء بالنذر : إنما يجب على أمك، وفي مالها ، لأنها هي التي نذرت ، ولك أن تتطوع بالذبح عنها ، إن رضيت هي بذلك ، أو وكلتك فيه .
وأما العقيقة ، فإنما تكون في مالك أنت ، وتذبحها أنت .
ولو اشتركتما في عجل كبير ، فلا يقال : إن كلا منكما ذبح عجلا ، ولا تكون هي قد ذبحت عجلا ، كما نذرته ، بل اشتركت في العجل، بقدر ما تدفع من مالها ، كما يحصل الاشتراك في الأضحية.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء ( 24/409): " أما عن حكم إشراك النذر مع العقيقة فهذا لا يصلح ، النذر مستقل ، والعقيقة مستقلة ، العقيقة سُنَّة مستقلة ، والنذر واجب مستقل " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم : (106632).
فعلى هذا ؛ يجب أن تذبح عجلا عن النذر ، وأما العقيقة فتذبح لها ذبيحة أخرى مستقلة ، عن الولد الذكر شاتان ، وعن الأنثى شاة .
ولو ذبحت عجلا عن الذكر : أجزأ ذلك عنه . ومثل ذلك : لو ذبحت شاة واحدة ، حصل بها أصل السنة .
ثالثا :
أما توزيع اللحم بلا طهي: فهو جائز ، لأنه أنفع للفقير من طهيه ، ونقل النذر إلى ما هو أفضل جائز ، كما سبق بيانه في السؤال رقم (21350) .
هذا إذا كان المقصود بالنذر الفقراء .
أما إذا كان المقصود الإطعام مطلقا ، بقطع النظر عن حاجة المدعوين أو غناهم ، فالذي ينبغي أن تجمع بين المصلحتين ، فتتصدق ببعضه على الفقراء ، أو تدعوهم إلى الطعام ، وتطهو بعضه ، وتدعو الأقارب والجيران والأصدقاء ونحوهم ، إذ ليس المقصود هو كون المدعو فقيرا ، بل إطعام الأقارب والجيران ، ولو كانوا أغنياء ، فيه أجر ، وقربة ؛ لما في ذلك من الصلة وزيادة المحبة والترابط .
والله أعلم .
تعليق