الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حكم الصلاة على النبي ﷺ بصيغة : (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا)

259169

تاريخ النشر : 09-06-2020

المشاهدات : 6971

السؤال

أريد أن أعرف عما إذا كان يجوز لنا قراءة الآية الخامسة عشرة من سورة مريم كصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وإذا لم يكن جائزاً فأرجو أن تشرحوا لي السبب ؛ لأن الله تعالى ذكرها قبل النبي يحيى عليه السلام ؟ أيضاً أنا على رغبة في معرفة المصادر السليمة التي تُعلمنا كيفية الدُرُود أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؟

ملخص الجواب

الأكمل في الصلاة على النبي أن يجمع المسلم بين الصلاة والسلام عليه ﷺ، امتثالا لأمر الله تعالى : إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا الأحزاب/56 . والمقصود بالسلام عليه الدعاء له ﷺ.: نسأل الله أن يسلّمه، أو أن يسلّم عليه. والآية خبر عن سلام أو سلامة وقعت في هذه المواطن ليحيى عليه السلام

الحمد لله.

أولا: ما هو الأكمل في الصلاة على النبي ﷺ

الصلاة على النبي ﷺ من أعظم القربات، وهي وسيلة لنيل الحسنات ورفع الدرجات وتفريج الكربات.

والأكمل أن يجمع المسلم بين الصلاة والسلام عليه ﷺ، امتثالا لأمر الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا الأحزاب/56 .

والمقصود بالسلام عليه: أن تسأل الله أن يسلّمه، أو أن يسلّم عليه.

قال الجلال المحلي رحمه الله: " (صلى الله وسلم عليه وزاده فضلا وشرفا لديه) أي عنده، والقصد بذلك الدعاء؛ أي اللهم صل وسلم عليه، وزده" انتهى من شرحه على "منهاج النووي مع حاشية قليوبي" (1/ 8).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "وقوله: وسلَّم، وهذه أيضاً جملةٌ خبريةٌ لفظاً، إِنشائيَّةٌ معنى، أي: أدعو الله تعالى بأن يُسَلِّمَ على محمَّدٍ ﷺ" انتهى من "الشرح الممتع" (1/ 11).

وقال في (3/ 150): " وقوله: السلام عليك هل هو خَبَرٌ أو دعاءٌ؟ يعني: هل أنت تخبر بأن الرسولَ مُسَلَّمٌ، أو تدعو بأن الله يُسلِّمُه؟

الجواب: هو دُعاءٌ؛ تدعو بأنَّ الله يُسلِّمُه، فهو خَبَرٌ بمعنى الدُّعاء " انتهى.

وعلى هذا: فليس مناسبا أن يقال ما ورد في شأن نبي الله يحيى عليه الصلاة والسلام: وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا مريم/15 ؛ لأن معنى الآية الإخبار بأن الله سلمه في هذه المواطن الثلاثة، أو سلّم عليه في هذه المواطن.

قال ابن الجوزي رحمه الله في "زاد المسير" (3/ 123): " قوله تعالى: (وَسَلامٌ عَلَيْهِ) .

فيه قولان: أحدهما: أنه السلام المعروف من الله تعالى، قال عطاء: سلام عليه مِنِّي في هذه الأيام، وهذا اختيار أبي سليمان.

والثاني: أنه بمعنى: السلامة، قاله ابن السائب ... وقال الحسن البصري: التقى يحيى وعيسى، فقال يحيى لعيسى: أنتَ خير مني، فقال عيسى ليحيى: بل أنت خير مني، سلَّم الله عليك، وأنا سلَّمتُ على نفسي. وقال سعيد بن جبير مثله، إِلا أنه قال: أثنى الله عليك، وأنا أثنيت على نفسي" انتهى.

وقال ابن كثير في تفسيره (5/ 217): " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا أي: له الأمان في هذه الثلاثة الأحوال.

وقال سفيان بن عيينة: أوحش ما يكون الخلق في ثلاثة مواطن: يوم يولد، فيرى نفسه خارجا مما كان فيه، ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم، ويوم يبعث، فيرى نفسه في محشر عظيم.

قال: فأكرم الله فيها يحيى بن زكريا فخصه بالسلام عليه، وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا

رواه ابن جرير عن أحمد بن منصور المروزي عن صدقة بن الفضل عنه" انتهى.

فالآية خبر عن سلام أو سلامة وقعت في هذه المواطن، ونحن نريد بسلامنا الدعاء له ﷺ.


ثانيا: أفضل صيغة للصلاة عليه ﷺ

أفضل صيغة للصلاة عليه ﷺ: الصلاة الإبراهيمية، لما روى البخاري (6357)، ومسلم (406) عن كعب بن عجرة قال: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: (قُولُوا اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ).

وجاء من رواية أبي سعيد الخدري، وأبي حميد الساعدي.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "واستدل بتعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه الكيفية، بعد سؤالهم عنها : بأنها أفضل كيفيات الصلاة عليه؛ لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف الأفضل، ويترتب على ذلك: لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة، فطريق البر أن يأتي بذلك، هكذا صوبه النووي " انتهى من "فتح الباري" (11/ 166).


ثالثا:

كتب الأذكار والأوراد الشرعية كثيرة، منها ما جاء في مصنفات السنة كصحيح البخاري، وصحيح مسلم، ومنها من ألف في ذلك استقلالا، ومن أشهرها:

1 - كتاب عمل اليوم والليلة" للنسائي - تحقيق فاروق حمادة.

2  - الأذكار للإمام النووي - تحقيق عبد القادر الأرناؤوط.

3- الوابل الصيب من الكلم الطيب، لابن القيم.

3 - الصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة، للشيخ مصطفى العدوي.

4 - صحيح الكلم الطيب للألباني.

5 - حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة، د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني.

وبخصوص الصلاة على النبي ﷺ ننصحك بكتاب: "جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام" للإمام ابن القيم رحمه الله.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب