الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم بيع الهر

181675

تاريخ النشر : 30-07-2012

المشاهدات : 159072

السؤال

لدي العديد من القطط باهظة الثمن والتي أشتريها لغرض التجارة ، إلا أن إحدى صديقاتي أخبرتني أنه لا يجوز بيع القطط ، حتى زوجي أيضاً قرأ على موقعكم فتوى بهذا الخصوص تقضي بحرمة بيع القطط. فهل أبيعهن برأس المال ، فقط لأستعيد ما دفعته ابتداءً؟ وسأتوقف عن هذه التجارة بالكلية ، أم الأولى التخلص منهن بطريقة أخرى وخسارة ما دفعته فيهن؟.

الجواب

الحمد لله.

ورد في النهي عن بيع الهر ما روى مسلم (1569) عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ : سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ قَالَ : زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ .
ورواه أبو داود (3479) والترمذي (1279) والنسائي (4295) بلفظ : ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ ) .
والسنور : هو الهر ( القط ) .
والحديث اختلف في صحته ، وقد ضعفه جماعة منهم الترمذي والبغوي وابن المنذر وابن عبد البر .
وصححه جماعة منهم الإمام مسلم ، والبيهقي ، والنووي .
وقد ذهب الجمهور إلى جواز بيع الهر ، وضعفوا الحديث السابق ، أو حملوا النهي على التنزيه ، أو على الهر الضار ، أو غير المملوك .
واستدلوا للجواز بما روى مسلم (2619) عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( دَخَلَتْ امْرَأَةٌ النَّارَ مِنْ جَرَّاءِ هِرَّةٍ لَهَا ، أَوْ هِرٍّ ، رَبَطَتْهَا ؛ فَلَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا ، وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تُرَمْرِمُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ هَزْلًا ) .
قالوا : الأصل في اللام أنها للملك ، أي قوله : ( هرة لها ) . وما كان مملوكا منتفعا به جاز بيعه . وينظر : " كشاف القناع " (3/ 153).
قال ابن قدامة رحمه الله : " . وأما الهر , فقال الخرقي : يجوز بيعها . وبه قال ابن عباس , والحسن , وابن سيرين , والحكم , وحماد , والثوري , ومالك , والشافعي , وإسحاق , وأصحاب الرأي .
وعن أحمد أنه كره ثمنها . وروي ذلك عن أبي هريرة , وطاوس , ومجاهد , وجابر بن زيد . واختاره أبو بكر ; لما روى مسلم عن جابر , أنه سئل عن ثمن السنور , فقال : زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك . وفي لفظ رواه أبو داود عن جابر , أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن السنور . قال الترمذي : هذا حديث حسن , وفي إسناده اضطراب .
ولنا , ما ذكرنا فيما يصاد به من السباع [أي أنه يباح بيعها لأنه قد أذن في الانتفاع والصيد بها] ، ويحمل الحديث على غير المملوك منها , أو ما لا نفع فيه منها ; بدليل ما ذكرنا , ولأن البيع شرع طريقا للتوصل إلى قضاء الحاجة , واستيفاء المنفعة المباحة ; ليصل كل واحد إلى الانتفاع بما في يد صاحبه , مما يباح الانتفاع به , فينبغي أن يشرع ذلك فيه ; ليصل كل واحد إلى الانتفاع بما في يد صاحبه , فما يباح الانتفاع به , ينبغي أن يجوز بيعه " انتهى من "المغني" (4/ 175).
وقال ابن رجب رحمه الله : " فأما بيع الهر فقد اختلف العلماء في كراهته ، فمنهم من كرهه ، وروى ذلك عن أبي هريرة وجابر وعطاء وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد والأوزاعي وأحمد في رواية عنه وقال : هو أهون من جلود السباع ، وهذا اختيار أبي بكر من أصحابنا .
ورخص في بيع الهر ابن عباس وعطاء في رواية الحسن وابن سيرين والحكم وهناد ، وهو قول الثوري وأبي حنيفة رحمه الله تعالى ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه . وعن إسحاق روايتان ، وعن الحسن أنه كره بيعها ورخص في شرائها للانتفاع بها .
وهؤلاء منهم من لم يصحح النهي عن بيعها . قال أحمد : ما أعلم فيه شيئا يثبت أو يصح . وقال أيضا : الأحاديث فيه مضطربة .
ومنهم من حمل النهي على ما لا نفع فيه كالبري ونحوه . ومنهم من قال : إنما نهى عن بيعها لأنه دناءة وقلة مروءة ، لأنها متيسرة الوجود والحاجة إليها داعية ، فهي مرافق الناس التي لا ضرر عليهم في بذل فضلها ، فالشحُّ بذلك من أقبح الأخلاق الذميمة ، فلذلك زجر عن أخد ثمنها " انتهى من "جامع العلوم والحكم" ص 418.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قال الفقهاء : إنه يجوز بيع الهر ، لكن قد ورد في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الهر ، ولهذا اختلف العلماء في ذلك.
فمنهم من أجازه ، وحمل الحديث الذي فيه النهي على هر لا فائدة منه ؛ لأن أكثر الهررة معتدٍ، لكن إذا وجدنا هرا مربى ينتفع به ، فالقول بجواز بيعه ظاهر؛ لأن فيه نفعا " انتهى .

ومن رجح من أهل العلم  تحريم بيع القطط، فهو بناء على صحة الحديث ، لكن الذي يظهر أن النهي لو صح ، فإنه يحمل على المحامل التي ذكرها الجمهور ، ومنها التنزيه ، فكأن الشارع أراد أن يتسامح الناس في بذل القطط دون بيع . وينظر : " المجموع "للنووي (9/ 274).

وينظر في حكم تربية القطط وشرائها جواب سؤال: (حكم تربية القطط وشرائها ؟). 
وحيث إنك قد اشتريت القطط بالثمن الباهظ كما ذكرت ، وأنفقت عليها ، فلا حرج عليك في بيعها بمثل الثمن أو أكثر ، ثم الأولى لك أن تتوقفي عن هذه التجارة فيما بعد .
والله أعلم .

 

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب